ترمب يسلط «سيف السيارات» على رقبة أوروبا

واصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديده العنيف لأوروبا بفرض ضريبة انتقامية على السيارات إذا لم يتم التوصل لاتفاق تجاري يرضى به (أ.ف.ب)
واصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديده العنيف لأوروبا بفرض ضريبة انتقامية على السيارات إذا لم يتم التوصل لاتفاق تجاري يرضى به (أ.ف.ب)
TT

ترمب يسلط «سيف السيارات» على رقبة أوروبا

واصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديده العنيف لأوروبا بفرض ضريبة انتقامية على السيارات إذا لم يتم التوصل لاتفاق تجاري يرضى به (أ.ف.ب)
واصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديده العنيف لأوروبا بفرض ضريبة انتقامية على السيارات إذا لم يتم التوصل لاتفاق تجاري يرضى به (أ.ف.ب)

رغم إبدائه تفاؤلاً حذراً بعد محادثات تجارية مع أوروبا، أبقى الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس على تهديد برسوم جمركية جديدة على السيارات على الطاولة.
ويأتي ذلك بعدما أعلن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين الأربعاء من دافوس أن الولايات المتحدة تنظر في فرض رسوم جمركية عقابية على قطاع السيارات الأوروبي، في حال فرض الأوروبيون ضرائب «تعسفية» على الشركات الرقمية الكبرى.
وجاءت هذه التصريحات رغم لقاء بين ترمب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، مساء الثلاثاء على هامش منتدى دافوس، قال خلاله الطرفان إنهما يعملان باتجاه التوصل إلى اتفاق تجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وصدور تصريحات إيجابية من البيت الأبيض عقب الاجتماع.
وجاء في بيان البيت الأبيض الثلاثاء أن «الرئيس ترمب جدد التأكيد على أهمية التجارة الحرة والنزيهة والمتبادلة، وأن الولايات المتحدة تتوقع إحراز تقدم ملموس باتجاه إبرام اتفاق تجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب».
وتسعى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ 2017 للتوصل إلى اتفاق تجاري، إلا أن جهودهما تعطلت. وجاءت محادثات ترمب مع الأوروبيين بعدما أعلنت باريس هدنة مع واشنطن بشأن خططها فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الأميركية التي تحقق عائدات في فرنسا، وفي طليعتها مجموعة «غافا» التي تضم شركات «غوغل» و«آبل» و«فيسبوك» و«أمازون» الأميركية. وهدد ترمب بالرد على ذلك بفرض رسوم جمركية على منتجات فرنسية.
وكان الاتحاد الأوروبي قد قال الشهر الماضي إنه سيرد بشكل «موحّد» على تهديدات واشنطن بفرض رسوم جمركية على منتجات فرنسية.
وبعد أن دأب على اتهام الاتحاد الأوروبي بتحقيق مزايا تجارية غير عادلة، هدد ترمب بفرض رسوم جمركية جديدة على السيارات وأجزاء السيارات الأوروبية، وهي منتج حيوي للتصدير، خصوصاً لألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في منطقة اليورو. وبعد اجتماعه مع فون دير لاين، قال ترمب إنه أجرى محادثات «جيدة جداً»، لكنه أصر على أنه إذا لم يتوصل الجانبان إلى اتفاق فإن واشنطن ستدرس بجدية فرض رسوم جمركية على السيارات الأوروبية.
وأرجأ البيت الأبيض مراراً قراراً بشأن احتمال فرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السيارات الأوروبية، مستخدماً تلك التهديدات كأداة ضغط في المفاوضات.
وانزلق قطاع الصناعات التحويلية في أوروبا إلى الركود العام الماضي، فيما يرجع إلى حد كبير إلى انحسار طلب التصدير على السيارات، وهو ما يزيد الضغوط على مسؤولي الاتحاد للتوصل لاتفاق مع واشنطن. وأبلغت فون دير لاين الرئيس الأميركي أن «الشعب الأميركي والشعب الأوروبي صديقان مخلصان، وهذا هو ما سنبني عليه. وفي الواقع نحن لدينا قضايا تحتاج للمناقشة... وسنتفاوض». وأثار تهديد ترمب بفرض رسوم على مكون رئيسي في الصادرات الأوروبية توبيخاً قوياً من مسؤولين أوروبيين ومن شركات صناعة السيارات، وهي مصدر رئيسي للتوظيف في الاتحاد الأوروبي.
وفي وقت سابق هذا الشهر، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن إدارة ترمب هددت بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على واردات السيارات من أوروبا إذا لم تتهم بريطانيا وفرنسا وألمانيا رسمياً إيران بخرق الاتفاق النووي لعام 2015. من جانبه، أعرب وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير عن أمله في التوصل لحل وسط بشأن الضرائب الرقمية أثناء مباحثاته مع وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين. وقال لـ«بلومبرغ» إن المكالمة الهاتفية التي جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الأميركي ترمب الاثنين أوجدت «مناخاً جيداً للتفاوض ومحاولة التوصل لحل وسط». ومن المقرر أن يناقش لومير ومنوتشين والأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنجيل جوريا عمل المنظمة بشأن وضع قواعد دولية بشأن الضرائب الرقمية في قمة دافوس. وكانت فرنسا وألمانيا قد أعربتا عن رغبتهما في وضع قواعد جديدة بحلول نهاية هذا العام.
وفي غضون ذلك، ذكر خبير اقتصادي ألماني أن أوروبا بمقدورها الرد بقسوة على الولايات المتحدة في النزاع التجاري. وقال مدير معهد كيل للاقتصاد العالمي، غابريل فيلبرماير، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية نُشرت الأربعاء: «لا يزال لدينا قوة اقتصادية كبيرة في أوروبا، ويمكننا، إذا أردنا، رد الضربات». وذكر فيلبرماير أن الأمر قد يبدو حربياً، «لكن التهديد بالجزاء عبر فرض جمارك مضادة على سبيل المثال قد يحول من البداية دون الاضطرار إلى تطبيق إجراءات مضادة فعلياً».
ويتوقع فيلبرماير العكس في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا، معرباً عن مخاوفه من أن تصبح أوروبا في بؤرة الدبلوماسية التجارية الأميركية أو معاركها التجارية، وقال: «هذا ليس نبأ جيداً لأوروبا».



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.