«محمية حرش إهدن».. لوحة فنية تبهر الناظرين

نموذجية عريقة في تاريخها وغنية في ميزاتها

المشي وتسلق الجبال من أفضل النشاطات التي يمكن أن تقوم بها في محمية حرش إهدن في جميع الفصول
المشي وتسلق الجبال من أفضل النشاطات التي يمكن أن تقوم بها في محمية حرش إهدن في جميع الفصول
TT

«محمية حرش إهدن».. لوحة فنية تبهر الناظرين

المشي وتسلق الجبال من أفضل النشاطات التي يمكن أن تقوم بها في محمية حرش إهدن في جميع الفصول
المشي وتسلق الجبال من أفضل النشاطات التي يمكن أن تقوم بها في محمية حرش إهدن في جميع الفصول

تشرق عليك من على المنحدرات الجنوبية الغربية لجبل المكمل (شمال لبنان) محمية، هي الشاهد الأخير على غابات لبنان الضاربة في القدم، إنها محمية «حرش إهدن الطبيعية».
هذه المحمية التي ذكرت في التوراة وتغنت بها نصوص ملحمة «غلغامش» البابلية الشهيرة، ما زالت الحاضر الأكبر لنعمة الطبيعة على لبنان الأخضر. فـ«حرش إهدن» أصبح محمية وطنية وهي ثاني أكبر محمية في لبنان، كما تتميز بنموذجيتها، حيث يتراوح ارتفاعها بين 1300 و1950 مترا عن سطح البحر.
تقول مديرة المحمية المهندسة ساندرا سابا في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقتها داخل المحمية: «منذ سنوات عدة، وبعدما تأسست جمعية أصدقاء (حرش إهدن) تألفت لجنة رسمية اهتمت وفريق عملها بتحويل المحمية من موقع خاص بأهالي المنطقة إلى معلم سياحي بامتياز، يقصده المئات، بل الآلاف من السياح كل عام».
تحتوي المحمية على أكثر من 39 نوعا من الأشجار الصنوبرية والمختلطة كالأرز والعرعر والتنوب وأشجار التفاح البري المهدد بالانقراض، إضافة إلى الأشجار النادرة الوجود في الشرق الأوسط.
كما تعد الحياة النباتية فيها غنية جدا، فعلى الرغم من صغر مساحة امتدادها، فهي تتضمن أكثر من 1030 صنفا من النباتات، ونحو أربعين في المائة من أنواع النباتات في لبنان، فضلا عن إحصاء نحو 300 صنف من الفطريات يأخذ بعضها شكل فطر ملون.
أما غنى المحمية بالأشجار والنباتات والزهور، فهو يجعلها غنية أيضا بالثدييات، حيث شوهد أكثر من 27 نوعا منها في المحمية. وهي تمثل ثلث الثدييات في لبنان منها ما هو نادر الوجود أو مهدد كالأرنب البري، فأر الحقول، الغرير الأوراسي، القنفذ، الشهيم.
هذا الغنى ينسحب أيضا على الطيور المتنوعة الأصناف والأشكال، والتي يصل عددها إلى 168 صنفا وهي تمثل نحو 40 في المائة من طيور لبنان. ومن ضمن أصناف الطيور المقيمة أو العابرة ما هو مهدد على الصعيدين العالمي والمحلي؛ فهناك النسر الإمبراطوري، كما يوجد فيها «القرقف» بلونيه الأصفر والأزرق الذي يزورها صيفا للتوالد.
ومن يقصد المحمية لا يحصر اهتمامه بـ«التخييم» ورياضة المشي، حيث يكون أمامه فرصة زيارة محمية أرز بشري أو غابة الأرز القريبة من المحمية، التي تعد أوسع غابات الأرز اللبنانية شهرة. وهي تضم ما تبقى من تلك الشجرة المعمرة التي اتخذها لبنان رمزا على علمه، والتي ورد ذكرها في الكتب المقدسة والنصوص القديمة، ولعبت دورا بارزا في ثقافة الشرق الأدنى القديم، حيث بدأ استثمار أخشابها بشكل مكثف منذ الألف الثالث قبل الميلاد.
واللافت أيضا الفسحات بين الأشجار، هي جنة ممتلئة بأكثر من 500 نوع من النباتات المزهرة والنادرة، ما جعل المكان محط أنظار علماء النبات، حتى إن الأبحاث الأخيرة أدت إلى اكتشاف أنواع من الأزهار برية غير موجودة في أي مكان آخر في العالم، وقد أطلقت عليها أسماء عصرية مثل: «مخلب عقاب إهدن، قرنفلة يوسف بك كرم، زعفران الرئيس سليمان فرنجية». وثمة احتمال كبير لاكتشاف نباتات جديدة ما يضفي على الحرش قيمة لا تقدر بثمن.
وتبعد المحمية 100 كلم عن بيروت، وتبلغ مساحتها نحو 1000 هكتار من الأملاك العامة. وهي تلبس كل الفصول، كما يقول المتخصصون في شؤون البيئة، فتتزين في الربيع ألوانا، وتزهو في الصيف اخضرارا، في حين تتحلى بالذهب خريفا، وترتدي الأبيض شتاء.
وتقدم المحمية لزائريها أعلى مستوى في التخييم والنزهات البرية ورحلات المشي البيئية وتعطيهم الفرصة للهروب من زحام وضوضاء المدن إلى هدوء الطبيعة وجمالها، إذ إنها تقع جغرافيا في الدائرة الإيكولوجية عينها لغابات أرز تنورين وغابة أرز بشري، حيث الجبال الشاهقة، كما أنها تقع بمحاذاة المدرجات الجبلية ذات الينابيع العذبة. كيف لا وقد وصف المؤرخون «إهدن» بـ«جنة عدن»؟
ومن الخطوات أيضا إنجاز التحضيرات المتعلقة بإقامة المشتل الخاص بالمحمية، كما بدأت دراسات علمية عن الحشرات فيها بتمويل من وكالة التنمية الفرنسية، ليصار بعد ذلك إلى إقامة متحف للحشرات والفراشات يحوي على مختلف أنواعها مع التعريف بها.
بدوره، ينفذ الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع اتحاد بلديات قضاء زغرتا إقامة مراكز لاستقبال الزوار عند مدخل المحمية من جهة نبع «جوعيت» وتتضمن أيضا مختبرا ومشغلا وغرفا لاستعمالات متنوعة. وفي نبع جوعيت شاليهات، يمكن استئجارها لمحبي الطبيعة، حيث يقيمون في ربوع المحمية، وسط أجواء ساحرة، وبالإمكان ممارسة رياضة تسلق الجبال أو الانتقال من جبل إلى آخر فوق الوادي، بمساعدة فريق متخصص من خلال التمسك بحبال تربط بين المرتفعين، هذا إضافة إلى بعض المقاهي والمطاعم المتاخمة للغابة.



«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
TT

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد»، إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست»، يحتوي متحف بريطاني يعرض حيثيات أشهر الجرائم الأكثر إثارة للرعب على بعض من أكثر القطع الأثرية إزعاجاً والتي تعيد عقارب الساعة إلى الوراء وتشعرك بأحلك اللحظات في التاريخ.

ويعتبر «متحف الجريمة» (المتحف الأسود سابقاً) عبارة عن مجموعة من التذكارات المناطة بالجرائم المحفوظة في (نيو سكوتلاند يارد)، المقر الرئيسي لشرطة العاصمة في لندن، بإنجلترا.

مقتنيات استحوذ عليها المتحف من المزادات والتبرعات (متحف الجريمة)

وكان المتحف معروفاً باسم «المتحف الأسود» حتى أوائل القرن الحادي والعشرين، وقد ظهر المتحف إلى حيز الوجود في سكوتلاند يارد في عام 1874. نتيجة لحفظ ممتلكات السجناء التي تم جمعها بعد إقرار قانون المصادرة لعام 1870 وكان المقصود منه مساعدة عناصر الشرطة في دراستهم للجريمة والمجرمين. كما كان المتحف في البداية غير رسمي، لكنه أصبح متحفاً رسمياً خاصاً بحلول عام 1875. لم يكن مفتوحاً أمام الزوار والعموم، واقتصر استخدامه كأداة تعليمية لمجندي الشرطة، ولم يكن متاحاً الوصول إليه إلا من قبل المشاركين في المسائل القانونية وأفراد العائلة المالكة وغيرهم من كبار الشخصيات، حسب موقع المتحف.

جانب من القاعة التي تعرض فيها أدوات القتل الحقيقية (متحف الجريمة)

ويعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة معروضة، كل منها في درجة حرارة ثابتة تبلغ 17 درجة مئوية. وتشمل هذه المجموعات التاريخية والمصنوعات اليدوية الحديثة، بما في ذلك مجموعة كبيرة من الأسلحة (بعضها علني، وبعضها مخفي، وجميعها استخدمت في جرائم القتل أو الاعتداءات الخطيرة في لندن)، وبنادق على شكل مظلات والعديد من السيوف والعصي.

مبنى سكوتلاند يارد في لندن (متحف الجريمة)

يحتوي المتحف أيضاً على مجموعة مختارة من المشانق بما في ذلك تلك المستخدمة لتنفيذ آخر عملية إعدام على الإطلاق في المملكة المتحدة، وأقنعة الموت المصنوعة للمجرمين الذين تم إعدامهم في سجن «نيوغيت» وتم الحصول عليها في عام 1902 عند إغلاق السجن.

وهناك أيضاً معروضات من الحالات الشهيرة التي تتضمن متعلقات تشارلي بيس ورسائل يُزعم أن جاك السفاح كتبها، رغم أن رسالة من الجحيم سيئة السمعة ليست جزءاً من المجموعة. وفي الداخل، يمكن للزوار رؤية الحمام الذي استخدمه القاتل المأجور جون تشايلدز لتمزيق أوصال ضحاياه، وجمجمة القاتل والمغتصب «لويس ليفيفر»، والحبل الذي استخدم لشنق المجرمين. وقال جويل غريغز مدير المتحف لـ«الشرق الأوسط» إن المتحف هو بمثابة واقع وجزء من التاريخ، مضيفاً: «لا أعتقد أنه يمكنك التغاضي عن الأمر والتظاهر بأن مثل هذه الأشياء لا تحدث. هناك أشخاص سيئون للغاية».

وقال جويل إنه لا يريد الاستخفاف بالرعب، وقال إنهم حاولوا تقديم المعروضات بطريقة لطيفة، وأضاف: «عندما أنظر إلى مجلات الجريمة في المحلات التجارية، فإنها تبدو مثل مجلات المسلسلات ومجلات المشاهير، لذلك يُنظر إليها على أنها نوع من الترفيه بطريقة مماثلة».

وتُعرض البراميل الحمضية الأسيدية المستخدمة من قبل جون جورج هاي، والمعروف باسم قاتل الحمامات الحمضية، في كهف خافت الإضاءة. وهو قاتل إنجليزي أدين بقتل 6 أشخاص، رغم أنه ادعى أنه قتل 9. وفي مكان آخر، يمكن للزوار مشاهدة رسائل حب كان قد أرسلها القاتل الأميركي ريتشارد راميريز إلى مؤلفة بريطانية تدعى ريكي توماس، وكان يعرف راميريز باسم «المطارد الليلي»، لسكان كاليفورنيا بين عامي 1984 و1985 وأدين بـ13 جريمة قتل وسلسلة من اقتحام المنازل والتشويه والاغتصاب. وكشفت ريكي، التي كتبت عدداً من الكتب الأكثر مبيعاً عن القتلة المحترفين، أنها اتصلت بالقاتل في مرحلة صعبة من حياتها وشعرت بجاذبية جسدية قوية ناحيته. ووصفت رسالتها الأولى إلى راميريز بأنها «لحظة جنون». وقالت في حديثها إلى صحيفة «سوسكس بريس» المحلية: «كان رجلاً جيد المظهر، لكنني لم أشعر قط بأنني واحدة من معجباته». وقررت المؤلفة التبرع بالرسائل للمتحف عام 2017 لإعطاء فكرة عن عقلية الوحش.

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يعرض متحف الجريمة أيضاً السراويل البيضاء التي كانت ترتديها القاتلة روز ويست، والتي تم شراؤها بمبلغ 2500 جنيه إسترليني في المزاد. وحصل على تلك السراويل ضابط سجن سابق كان يعمل في برونزفيلد، حيث سجنت ويست لمدة 4 سنوات حتى عام 2008. وقامت روزماري ويست وزوجها فريد بتعذيب وقتل ما لا يقل عن 10 فتيات بريطانيات بين عامي 1967 و1987 في غلوسترشير. واتهم فريد بارتكاب 12 جريمة قتل، لكنه انتحر في السجن عام 1995 عن عمر 53 عاماً قبل محاكمته. وقد أدينت روز بارتكاب 10 جرائم قتل في نوفمبر (تشرين الثاني) 1995 وهي تقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة.

يعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة (متحف الجريمة)

تم التبرع بمعظم القطع الأثرية للمتحف، وقام أيضاً جويل بشراء الكثير منها في مزادات علنية.

في مكان آخر في المتحف المخيف يمكن للزوار رؤية السرير الحقيقي للموت بالحقنة القاتلة والقراءة عن الضحايا والمشتبه بهم الذين لهم صلة بجاك السفاح بين عامي 1878 إلى 1898.

الأسلحة التي استخدمت في الجريمة (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يضم المتحف قفازات الملاكمة التي تحمل توقيع رونالد وريجينالد كراي، والمعروفين أيضاً باسم «التوأم كراي». كان روني وريجي المخيفان يديران الجريمة المنظمة في منطقة إيست إند في لندن خلال الخمسينات والستينات قبل أن يسجن كل منهما على حدة في عام 1969 ثم انتقل كلاهما إلى سجن باركهرست شديد الحراسة في أوائل السبعينات. وتوفي روني في نهاية المطاف في برودمور عام 1995، عن عمر 62 عاماً. في أغسطس (آب) 2000. تم تشخيص ريجي بسرطان المثانة غير القابل للجراحة، وتوفي عن 66 عاماً بعد وقت قصير من الإفراج عنه من السجن لأسباب إنسانية.