دمشق تتخذ إجراءات عقابية وتحفيزية لوقف «تدهور الليرة»

سوري أمام آلة لسحب الأوراق النقدية في دمشق (إ.ب.أ)
سوري أمام آلة لسحب الأوراق النقدية في دمشق (إ.ب.أ)
TT

دمشق تتخذ إجراءات عقابية وتحفيزية لوقف «تدهور الليرة»

سوري أمام آلة لسحب الأوراق النقدية في دمشق (إ.ب.أ)
سوري أمام آلة لسحب الأوراق النقدية في دمشق (إ.ب.أ)

اتخذت مؤسسات وشخصيات في دمشق عدداً من الإجراءات العقابية والتحفيزية لوقف تدهور سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي وسط احتجاجات في جنوب البلاد بسبب الأزمة الاقتصادية.
كان الرئيس السوري بشار الأسد أصدر مرسومين شمل الأول عقوبات على تعليقات في وسائل التواصل تتعلق بسعر الليرة، وقضى بالحبس لمدة سبع سنوات وغرامة مالية بمقدار ضعف قيمة المدفوعات لأي نوع من أنواع التداول التجاري أو التسديدات النقدية وسواء كان ذلك بالقطع الأجنبية أم المعادن الثمينة.
وتضمن المرسوم الذي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للرئاسة السورية بتعديل العقوبة بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات وغرامة مالية بما يعادل ضعف قيمة المدفوعات أو المبلغ المتعامل به أو المسدد أو الخدمات أو السلع المعروضة.
وكانت العقوبة في السابق الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات والغرامة المالية بما يعادل ضعف قيمة المدفوعات أو المبلغ المتعامل به أو المسدد أو الخدمات أو السلع المعروضة على ألا تقل عن مائة ألف ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ونص المرسوم على أنه في حال كان المبلغ المتعامل به خمسة آلاف دولار فأكثر أو ما يعادله من العملات الأجنبية الأخرى أو المعادن الثمينة كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة من ثلاث إلى عشر سنوات والغرامة المالية بما يعادل ضعف قيمة المدفوعات أو المبلغ المتعامل به أو المسدد على ألا تقل عن مليون ليرة سورية.
وكانت وزارة الداخلية السورية حذرت في بلاغ لها الجمعة من التعامل بغير الليرة السورية، في التداول التجاري، كما توعدت بملاحقة المتلاعبين بأسعار الصرف أمام العملات الأجنبية. وأكدت الوزارة عبر حسابها في مواقع التواصل الاجتماعي تكثيف دورياتها لمراقبة الشركات والمحال والأشخاص، في محاولة لقمع الظاهرة وضبط المخالفين، داعية المواطنين إلى التعاون معها، لـ«مكافحة الجرائم الاقتصادية التي تمس حياة المواطن».
وتدهورت قيمة الليرة السورية بشكل حاد خلال الشهرين الماضيين تزامناً مع فرض الولايات المتحدة الأميركية ودول غربية حزمة من العقوبات الاقتصادية على حكومة النظام السوري، بحيث إن الدولار أصبح 1200 ليرة بعدما كان 46 في العام 2011.
كما لعبت الأزمة الاقتصادية في المصارف اللبنانية دوراً في تراجع قيمة الليرة السورية، بسبب صعوبة سحب رجال الأعمال السوريين أموالهم التي تم إيداعها خلال السنوات الماضية.
وأعلن مصرف سوريا المركزي أمس فتح باب شراء القطع الأجنبي بسعر تفضيلي حدده بـ700 ليرة سورية للدولار. وقال المركزي في بيان على صفحته الرسمية إنه يمكن للحائزين على مبالغ بالعملات الأجنبية بيع فروع مصرف سوريا المركزي حصراً في المحافظات كافة أي مبالغ بالدولار الأميركي أو اليورو دون أي وثائق وبسعر الصرف التفضيلي البالغ حاليا 700 ليرة سورية لكل دولار أميركي، والذي يتم تحديده يوميا من قبل مصرف سوريا المركزي.
وأهاب المصرف المواطنين بـ«ضرورة التعامل مع القنوات المصرفية الرسمية وعدم التعامل مع السوق السوداء أو الانجرار خلف المتلاعبين بسعر صرف الليرة السورية». وأوضح أن هذا الإجراء يأتي «حرصاً على أموال المواطنين وطمأنتهم وضمان عدم تعرضهم للمساءلة القانونية والملاحقة القضائية أو لمحاولات ابتزازهم من قبل المتلاعبين في السوق السوداء».
وقال المركزي إن الإجراء الجديد يأتي إشارة إلى المرسوم التشريعي رقم 3 الصادر في الـ18 من الشهر الجاري والقاضي بتشديد عقوبة المتعاملين بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات أو أي نوع من أنواع التداول التجاري، وإلى المرسوم رقم 4 القاضي بتشديد عقوبة إذاعة أو نشر وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة أو وهمية لإحداث تدن أو عدم استقرار في أوراق النقد الوطنية.
كما أصدر المصرف قرارات بإغلاق أو تجميد عمل مكاتب لصرف القطع الأجنبي في مناطق مختلفة من البلاد، في وقت قال نشطاء معارضون إن السلطات اعتقلت عدداً من الأشخاص الذين يتعاملون بالقطع الأجنبي في «السوق السوداء».
من الإجراءات الأخرى، منع الموافقة على أي عملية بيع أو شراء لعقارات أو ممتلكات ما لم يتم سداد القيمة في مصارف سوريا، علما بأن عمليات سابقة كانت تتم عبر وضع سعر المبيع في مصارف خارج البلاد.
وقال موقع «روسيا اليوم» أمس إنه «تزامناً مع الحملة الحكومية لمعاقبة المتعاملين بغير الليرة السورية، نشطت حملة أهلية بعنوان (بليرة فقط) بمشاركة تجار وأصحاب مهن مختلفة لبيع السلع أو تقديم الخدمات مقابل ليرة واحدة». وأضاف: «حملة تبدو الأرخص في تاريخ البلاد. إذ إن عدم توافر الفئة النقدية بقيمة ليرة واحدة، يجعلها غير ذلك، حيث إن الليرة السورية خارجة من التداول رسميا منذ عام 2013 بموجب قرار عن رئاسة الحكومة السورية، ومنذ ذلك التاريخ لا يتم التداول بالليرة المعدنية السورية، والكميات الموجودة منها بقيت في حوزة البعض للذكرى، أو نوع من الهواية».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.