مالطا... صغيرة بمساحتها غنية بإرثها

الروح العربية حاضرة في لغتها وشوارعها ومبانيها التاريخية

تتميز بمبانيها المميزة
تتميز بمبانيها المميزة
TT

مالطا... صغيرة بمساحتها غنية بإرثها

تتميز بمبانيها المميزة
تتميز بمبانيها المميزة

قبيل هبوط الطائرة بمطار «لوقا الدولي» بمالطا، يرى زائر الجمهورية الأوروبية الصغيرة، السفن الراسية قبالة سواحلها بوضوح شديد، إذ تكسر أضواء تلك السفن المتوهجة ظلمة الليل في البحر، كأنها لوحة تشكيلية دافئة.
المطار تتوافق مساحته الصغيرة مع دولة مالطا، لكنه يفي بالغرض، حيث يستطيع الزائر الخروج منه بسهولة وسرعة كأنه في محطة قطار مركزية أو محطة مترو كبيرة. ورغم ذلك، لا تدع حجم المطار الصغير يخدعك... إذ إنك قد تخطئ لو ظننت أنه بإمكانك الانتهاء من زيارة كل معالمها التاريخية والأثرية والسياحية خلال يوم أو اثنين أو حتى ثلاثة، بسبب صغر مساحتها. فسوف تندهش من العدد الكبير للكنائس والمباني الأثرية والتراثية ذات الطرز المعمارية الفريدة، مما يجعل الجمهورية المالطية المكونة من 3 جزر (مالطا، وجوزو، وكومينو) بمثابة متحف مفتوح، يلبي رغبات الباحثين عن السياحة الثقافية والترفيهية والطبيعية وحتى الشاطئية على حد سواء.
تضم مالطا التي تتميز بكثرة قبابها الملونة، وأجوائها الدافئة مثل المدن العربية بشمال أفريقيا، مواقع أثرية عدة مسجلة بقائمة التراث العالمي لليونيسكو. كما يتسم سكانها بالود والمرح على غرار الشعوب العربية، بل سيلحظ الزائر العربي ترديدهم بعض المفردات العربية خلال تحدثهم باللغة المالطية. فهي تعد مزيجاً بين اللغتين العربية والإيطالية.
الثقافة العربية في المدن المالطية لا تقتصر على تلك المفردات العابرة، بل مترسخة عبر أسماء أشهر المناطق التاريخية في مالطا على غرار منطقة «مدينة» التي تتوسط الجزيرة، وتتمتع بمشهد بانورامي رائع، بجانب منطقة «سليمة» التي تضم كنوزاً تاريخية ودينية مميزة.
لا تشعر بالرهبة إن قادتك الظروف لركوب حافلة نقل عام في مالطا، ولم يكن بحوزتك نقود معدنية (فكة) لدفع ثمن التذكرة، لأن قائد الحافلة سوف يطلب منك الدخول بكل ود، حتى تصل إلى محطتك النهائية عندما يعلم أنك أجنبي وتحتفظ بنقود ورقية من فئة 50 يورو مثلاً. وتعتبر هذه الرحلة مهمة لأن الحافلات الحديثة المزودة بتقنية «الواي فاي»، ستُعرفك على ملامح الشعب المالطي والجاليات العربية والأفريقية المقيمة بها منذ عقود، إضافة إلى الشوارع والطرق التي تتوسط المناطق الخضراء.
العاصمة المالطية الصغيرة فاليتا، والتي تتخذ شكل المثلث من الأعلى، تعد نموذجاً معمارياً فريداً، ففي الوقت الذي تتسم فيه مباني المدينة بالروح الشرقية حيث الشرفات المستطيلة، والمنافذ الخشبية الملونة، فإن متاجرها وشوارعها ومقاهيها تشعرك بأنك في مدن أوروبا الغربية، فيما ترسم المنعرجات والتلال داخل فاليتا لوحات تشكيلية رائعة للشوارع الضيقة التي تقطعها في مسارات مستقيمة ومتناغمة. عبر تلك الشوارع تبرز كنائس بطرزها المعمارية النادرة، وقد زينتها الأضواء، بجانب تماثيل لشخصيات سياسية وتاريخية ساهمت بشكل مؤثر في حياة الجمهورية الصغيرة.
ورغم أن مالطا تعد من أكثر دول العالم كثافة للسكان وأصغر الدول من حيث المساحة، فإن عدد مواطنيها لا يزيد عن نصف مليون نسمة، لذلك تجتذب عدداً كبيراً من العاملين من خارج الجزيرة من دول أوروبا الشرقية، وبعض الدول العربية والأفريقية للعمل في قطاع السياحة المنتعش بجانب التجارة.
وتوضح أرقام هيئة السياحة في مالطا أن عدد السياح القادمين إليها في زيادة دائمة، يقدر عددهم بـ3 ملايين سائح، أي نحو 6 أضعاف عدد سكان الدولة، ينفقون أكثر من ملياري دولار تقريباً، ويُرجع المسؤولون هذه الزيادة إلى فتح خطوط جوية جديدة مع عدد من دول العالم، بجانب تمتع البلاد بمواقع ثقافية وتاريخية مميزة.
وتعد العاصمة المالطية فاليتا وجهة مفضلة للاحتفالات السنوية الكبرى، حيث جمع ميدان سان جورج أكثر من 70 ألف من المالطيين والسائحين في احتفالات حلول العام الجديد. هذا وتضم العاصمة عدداً من الفنادق الحديثة والتراثية التي يُطل بعضها على الألسنة المائية الزرقاء، بينما تنتشر بها عشرات المقاهي السياحية التي تفتح أبوابها حتى ساعات الصباح الأولى على الطريقة العربية. لكن تغلق المحلات التجارية أبوابها مع تمام العاشرة مساءً في موسم الشتاء، ولأن المدينة تنعم بالأمن، فإن أصحاب بعض المتاجر يكتفون بغلق أبواب متاجرهم الزجاجية، قبل عودتهم إلى منازلهم، ولذلك يستطيع المرء رؤية كل المحتويات بالداخل.
وعكس بقية المدن المالطية الأخرى، فإن العاصمة فاليتا تشهد ازدحاماً كبيراً على مدار الساعة، تارة من السياح الوافدين، وتارة أخرى من طلاب الجامعة المركزية الذين يعلنون عن خروجهم من البوابة بإطلاق الأصوات الصاخبة عبر الصافرات والأبواق المستخدمة في ملاعب كرة القدم، ويسيرون في جماعات وطوابير بزي موحد، صانعين حالة من البهجة والصخب في شوارع المدينة الصغيرة، خلال أوقات عدة من اليوم.
وتجدر الإشارة إلى أن ميناءين يحدان فاليتا: الميناء الكبير وميناء مارسامكسيت، الذي تتوقف فيه سفينة ركاب سياحية عملاقة خلال إحدى جولاتها البحرية بدول البحر المتوسط. ويقع في قلب المدينة كاتدرائية القديس يوحنا، وهي كنيسة يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر، وتتميز بمدخلها الفخم ومعمارها الأنيق من الداخل. بجوارها يقع «قصر فرسان مالطا»، الذي يضم لوحات رائعة ومخزن أسلحة يروي قصة الانتصارات العسكرية للفرسان خلال القرون الماضية. وبينما يبرز مبنى البرلمان المالطي بطرازه الحديث، في مدخل العاصمة، فإن مقر الحكومة يبدو من الخارج وكأنه متحف أو مبنى تاريخي، لكن عناصر الشرطة بالخارج يظهرون أهميته كديوان للحكم.
على بعد نحو 5 كيلومترات من العاصمة فاليتا، تقع منطقة «مدينة» التاريخية (أحد مواقع التراث العالمي لليونيسكو) بقصورها المقببة وكنائسها الفريدة فوق تل مرتفع. للدخول إليها يجب المرور من بوابة ضخمة تقوده إلى المدينة التي تعد متحفاً مفتوحاً يضم بين طياته مباني أثرية وتاريخية نادرة، ذات طرز معمارية ألهمت العديد من الفنانين التشكيليين والمصورين الفوتوغرافيين. فهي من الوجهات المفضلة لجلسات التصوير الخاصة بحفلات الزفاف، نظراً لحواريها الضيقة الملتوية التي تُشكل خلفيات فنية رائعة لصورهم. ويعد مبنى كاتدرائية القديس بولس، من أهم المعالم الأثرية في «مدينة»، وهو مبنى صممه المهندس المعماري المالطي لورنزو غافا، ويتميز بقبته المرتفعة والمزخرفة وأعمدته الرخامية وقوائمه المذهبة ولوحات سقفه الفريدة. وتضم «مدينة» كذلك عدداً من القصور التاريخية من القرن الثامن عشر الميلادي من بينها «فيهينا»، و«بابليوس»، و«ماجستريال».



«سوق السفر العالمي» ينطلق في لندن والعيون على السعودية

وزير السياحة أحمد بن عقيل الخطيب يفتتح الجناح السعودي في «سوق السفر العالمي» بلندن
وزير السياحة أحمد بن عقيل الخطيب يفتتح الجناح السعودي في «سوق السفر العالمي» بلندن
TT

«سوق السفر العالمي» ينطلق في لندن والعيون على السعودية

وزير السياحة أحمد بن عقيل الخطيب يفتتح الجناح السعودي في «سوق السفر العالمي» بلندن
وزير السياحة أحمد بن عقيل الخطيب يفتتح الجناح السعودي في «سوق السفر العالمي» بلندن

انطلقت فعاليات معرض «سوق السفر العالمي» WTM في نسخته الـ44 في المركز الدولي للمؤتمرات والمعارض في إكسيل في شرق لندن وتستمر لغاية الخميس.

ويعدّ هذا المعرض الأكثر تأثيراً في صناعة السفر، ويقدم فرصة مثالية لبناء العارضين شبكات قوية تساهم في تعزيز إجراء صفقات تجارية وشراكات جديدة والتعرف على أحدث تطورات السوق السياحية في العالم.

ويشارك هذا العام في المعرض 4 آلاف عارض، بما في ذلك مجالس وممثلو السياحة وأصحاب الفنادق والخدمات التكنولوجية والتجارب العالمية وشركات الطيران، بالإضافة إلى انضمام 80 عارضاً جديداً هذا العام. وعلقت جولييت لوساردو، مديرة العارضين: «سيكون عام 2024 أفضل عام حتى الآن بالنسبة إلى سوق السفر العالمي، حيث تشير التوقعات إلى حدوث نمو وتوسع بنسبة 7 في المائة؛ مما يعكس ازدهار قطاع السياحة الدولي».

ويسهم المعرض في تسليط الضوء على التحديات والفرص المستقبلية، خصوصاً في ظل التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية، مثل تأثير الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والابتكار والاستدامة البيئية في صناعة السياحة، إضافة إلى استعادة صناعة السفر من تداعيات جائحة «كوفيد - 19» وكيفية تكييف الشركات مع التغيرات الكبيرة في سلوكيات السفر.

مشاركة قوية من المملكة السعودية (الشرق الأوسط)

ويتضمن المعرض أيضاً عدداً من الندوات والجلسات حول مواضيع متنوعة مثل الأمن السيبراني والاستثمار في السياحة وكيفية جذب السياح في ظل المنافسة العالمية.

واللافت هذا العام مشاركة المملكة العربية السعودية القوية، حيث تقود وفداً يضم 61 من أصحاب المصلحة الرئيسيين لتسليط الضوء على النمو السريع الذي تشهده البلاد في قطاع السياحة.

ويحتضن جناح «روح السعودية» هذا العام كثيراً من الأجنحة المميزة والتفاعلية التي ترسخ الحفاوة السعودية، وتبرز الثقافة الغنية والأصيلة، وتسلط الضوء على الطبيعة الساحرة والتنوع الطبيعي والمناخي.

وكشفت السعودية خلال المعرض عن خطط سياحية جديدة، وتركت انطباعاً قوياً في «سوق السفر العالمي» من خلال حجم منصات العرض الخاصة بها والعروض التي قدمتها للمشاركين في المعرض وتعريفهم بثقافة البلاد وتقديم القهوة والحلويات التقليدية للضيوف.

وترأس الوفد السعودي أحمد الخطيب، وزير السياحة ورئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للسياحة، إلى جانب الرئيس التنفيذي للهيئة فهد حميد الدين وشخصيات رئيسية أخرى من قطاع السياحة السعودي.

ويضم الوفد ممثلين عن المنظمات الكبرى مثل وزارة السياحة وصندوق التنمية السياحية، وشركة «الرحلات البحرية السعودية»، و«طيران الرياض»، و«البحر الأحمر العالمية» و«الهيئة الملكية للعلا».

معرض سوق السفر السياحي بدورته الـ44 (الشرق الأوسط)

ويتم عرض المشروعات الرئيسية في المملكة مثل «نيوم»، بالإضافة إلى المعالم الثقافية والترفيهية مثل «موسم الرياض».

وتشارك أيضاً 17 علامة تجارية لفنادق محلية ودولية، وهو ما يمثل أكبر عدد من شركاء الفنادق الممثلين في الجناح السعودي.

وخلال المعرض من المتوقع كشف النقاب عن شراكات جديدة تتماشى مع استراتيجية السياحة التطلعية للمملكة.

عرض لمهن تراثية سعودية (الشرق الأوسط)

وكانت منطقة عسير في السعودية من بين المشاركين الجدد في المعرض هذا العام، حيث قال رئيس قطاع الوجهات السياحية حاتم الحربي: «هذه المشاركة الأولى لنا في ترويج منطقة عسير بصفتها وجهة سياحية بدعم من الهيئة السعودية للسياحة ووزارة السياحة السعودية»، وأضاف أن الغرض من المشاركة هو تقديم منطقة عسير بصفتها إحدى أهم الوجهات السياحية في السعودية؛ لأنها تجرية مختلفة تماماً وباستطاعتها تغيير الصورة النمطية عن المملكة التي تشير إلى أنها مناطق حارة وصحراء فحسب.

«سارة» الدليل السياحي السعودي المبرمجة بالذكاء الاصطناعي (الشرق الأوسط)

وقامت «الشرق الأوسط» باختبار معرفة سارة، الدليل السياحي السعودي الأول الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، عن طريق طرح أسئلة عن أجمل الأماكن السياحية وأفضل ما يمكن القيام به في مناطق مختلفة في السعودية، بالإضافة إلى نصائح سياحية... وكانت النتيجة أكثر من جيدة. وبحسب القائمين على المشروع، فمن المتوقع أن تكون سارة متوفرة في مرافق سياحية عدّة ومطارات مختلفة لتقديم المعلومات والنصائح للزوار عن طريق الذكاء الاصطناعي.

يشار إلى أن تطوير «مشروع سارة» استغرق أكثر من عشرة أشهر وتم اختيار ملامحها بتأنٍ لتقدم صورة مشابهة لصورة المرأة السعودية. سارة تتكلم ثلاث لغات، وهي العربية، والانجليزية، والصينية.

وتميز الجناح السعودي بتقديم مجموعة متنوعة من التجارب الغامرة، بما في ذلك جولات الواقع الافتراضي والعروض التقليدية والمأكولات المحلية، وتقديم مشروبات يقوم بتحضيرها الـ«ميكسولوجيست» السعودي يوسف عبد الرحمن الذي شرح لـ«الشرق الأوسط» عن طريقة ابتكاره كوكتيلات سعودية يحضّرها من منتجات محلية، مثل ورد الطائف وخزامى جازان وغيرها.

وتأتي مشاركة المملكة في المعرض في أعقاب إطلاق حملة «حيث يضيء الشتاء» هو جزء من مبادرة «هذه الأرض تنادي» الأوسع. وتهدف هذه المبادرة إلى جذب الزوار إلى الوجهات الرئيسية في السعودية ودعوة المسافرين على مدار العام مثل «موسم الرياض»، و«مهرجان العلا»، وسباق «الجائزة الكبرى السعودي للفورمولا 1» في جدة.

«طيران الرياض» من المشاركين في الجناح السعودي (الشرق الأوسط)

من المتوقع أن تقود الصين والهند النمو المستقبلي في الكثير من أسواق السياحة العالمية، بما في ذلك الشرق الأوسط. وتشير التوقعات أيضاً إلى ازدياد السفر إلى الخارج بنسبة 80 في المائة بحلول عام 2030.

وتوقع المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC) أن تنمو مساهمة قطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 15.5 تريليون دولار بحلول عام 2033، مما يمثل 11.6 في المائة من الاقتصاد العالمي، وسيوظف 430 مليون شخص حول العالم بمن فيهم ما يقارب 12 في المائة في هذا القطاع.