«المايسترو» لسعد القرش بوح الغرباء في المكان المؤقت

بعد خمس روايات للروائي المصري سعد القرش، صدرت له، مؤخراً، رواية «المايسترو» عن دار «العين» للنشر في القاهرة.
تدور الرواية في زمن محدود لساعات تجمع أربعة أشخاص من بقاع مختلفة وثقافات متناقضة فوق منطقة غير محددة، في قارب فوق مياه الخليج، لا تجمعهم سوى الغربة والشوق إلى الأماكن الأولى والبوح الذي يشجع عليه ظلام الليل في رجفة الموج الهادئ تحت القارب. اشتهر القرش بثلاثيته الروائية التي تضم: «أول النهار» و«ليل أوزير» و«وشم وحيد». ونالت «أول النهار» المركز الأول لجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي (الدورة الأولى 2011)، وفازت «ليل أوزير» بجائزة اتحاد كتاب مصر عام 2009.
للكاتب إنتاج غير روائي أيضاً، مثل «الثورة الآن... يوميات من ميدان التحرير» 2012، و«في مديح الأفلام» 2006، و«سبع سماوات» الفائز بجائزة ابن بطوطة للرحلة المعاصرة (2008 ـ 2009)، و«قبل تشييع الجنازة... في وداع مهنة الصحافة» الذي صدر أخيراً عن دار «ابن رشد» في القاهرة.
من الرواية المقطع التالي:
> هل نصحك أحد بصنع قارب في قصري؟
أراد أن يقول «هو قاربك يا سيدي»، وخاف أن يثور ويظن سوءاً بأن أنيل يسخر منه؛ فأي قارب هذا الذي ينسبه إليه؟ وكان يراه، حين جاءوا إلى هذا القصر المطل على الخليج، يتفقد يخوتاً، ويسمع كلاماً عن شراء واحد منها، ليربض على الشاطئ، ثم انشغل السيد بالسفر وقصر الصحراء. ولا يصح العبث معه بقول «قاربك». همّ أبوه أن يعيد نكزه، فرفع السيد سبابته:
> لم آمرك بضربه يا ماني، ولا بالكلام معه.
سكت ماني؛ فالسيد الذي تركه قبل قليل يلوم أنيل ويضربه لم يلتفت إلى الشاب. وقال بحسم:
> ألم تسمع سؤالي؟
فهم أنيل أن السؤال التحذيري لا يحتمل الانشغال عنه بالتفكير فيما يغضب السيد أو يرضيه. فالمهم أن يتكلم، فتكلم:
> يشهد الله أنني لم أسرق، وإنما كنت ألهو مع سيدي...
لم يكمل نطق الجملة. توقف لسانه عن الكلام وشفتاه مفتوحتان، يكاد يسقط منهما حرف، حروف كلمة «الصغير» صفة للسيد الصبي. ارتبك وخشي أن تحل لعنة السيد الكبير عليه وعلى أبيه، إذا ظن كلمة «الصغير» تنتقص من قدر ابنه، هو الآخر سيد هذا القصر بمن فيه من عمال وعبيد وهنود. أدرك أنيل خطأه، فاستدرك وهو يشير إلى مستوى طول قامة الصبي ابن السيد:
> كنت أسلّي سيدي، وكان فرحاً باللعب.