كواليس السيرك ودراما مُهرجيه... رؤية تشكيلية عن قرب

معرض يطرح رؤى بصرية لعوالمه

لوحة للفنانة ياسمينا أشرف  -  رؤية تجريدية لوجوه المهرجين
لوحة للفنانة ياسمينا أشرف - رؤية تجريدية لوجوه المهرجين
TT

كواليس السيرك ودراما مُهرجيه... رؤية تشكيلية عن قرب

لوحة للفنانة ياسمينا أشرف  -  رؤية تجريدية لوجوه المهرجين
لوحة للفنانة ياسمينا أشرف - رؤية تجريدية لوجوه المهرجين

شغل عالم السيرك مُخيلة الرسامين عبر تاريخه، من خلال فقراته الساحرة ودرامية أبطاله، فتردد عليه الفنانون للاقتراب من مسرحه الدائري، ونقل سردياته البصرية الغنية لمسرح لوحاتهم، فهو حاضر في تراث أساطين الفن التشكيلي في العالم، منهم بيكاسو ورينوار ودونجن وغيرهم، الذين تركوا انطباعاتهم عن السيرك كبيت صاخب للفنون.
وفي تواصل لا ينقطع مع المشاهدات التشكيلية للسيرك، يستضيف غاليري «خان المغربي» في القاهرة معرضاً جماعياً يضم 25 فناناً، بعنوان «أسبوع في السيرك»، ويُواصل أعماله حتى 26 يناير (كانون الثاني) الحالي.
ينهل الفنانون المشاركون في المعرض من مشاهد السيرك واستعراضاته العديد من الاسكتشات التي تُغرقها تفاصيل حركته وألوانه، تتراوح في تكنيكاتها الفنية التي تنتمي لمدارس فنية مُتعددة، ما بين رؤى تعبيرية وتجريدية وغرافيكية، وزوايا نظر مُتعددة لساحة السيرك، اقتربت كثيراً من وجوه فناني السيرك، لا سيما المهرج، الذي تنوع ظهوره ما بين تصوير لعرضه التلقائي الصاخب، وطلاء وجهه اللافت، مروراً بلحظات انسحابه بعيداً عن أضواء المسرح، وانزوائه في كواليس السيرك في حالات شعورية طبيعية وأحياناً لا تخلو من شجن.
الفنان مينا ميلاد، أحد المشاركين في المعرض، يقول لـ«الشرق الأوسط»، «السيرك مليء بموضوعات لا تنتهي، منها الظاهر للجمهور، ومنها المختبئ داخل سرداب أو كواليس السيرك، والكواليس من وجهة نظري تكون أكثر تعبيراً، خصوصاً أن العرض نفسه يكون مكرراً، ويقوم العارضون بتأديته كل يوم بالسيناريو ذاته، وذلك ما لاحظته بزياراتي المتكررة للسيرك لمدة أسبوع متواصل، واندهشت لما وجدته خلف الكواليس، حيث رصدت تلقائية وعفوية أكبر للعارضين، وهو الجانب الذي أحببته، وقمت برسم اسكتشات طبيعية لكثير من أبطال السيرك، خصوصاً للشخص الذي يسير على الحبل، وتفاصيل غرفته».
وأضاف أن «حالة البهلوان قبل العرض أيضاً كانت من أكثر المشاهد التي جذبتني، إذ كنت معه في كواليس قبل العرض واقتربت من حالته النفسية وأفعاله، لم أقصد بالضرورة إظهاره بصورة مظلمة أو حزينة، ولكنني انجذبت لتناقض الحالتين، وإن كان هذا التناقض حاضراً لدى معظم العارضين، لكنه جذبني جداً عند البهلوان تحديداً، وهو ما عبرت عنه لوحتي في المعرض، التي تكامل مع معناها تناقض الألوان المستخدمة».
ولفتت حالة المفارقة التي يتحدث عنها مينا ميلاد، نظر العديد من المشاركين في المعرض، منهم الفنانة ياسمينا أشرف التي تقول لـ«الشرق الأوسط»، إن أبرز ما لفت نظرها فنياً خلال زياراتها المتكررة للسيرك هي حالة الحزن التي تناقض البهجة التي يشع بها المهرج خلال العرض، وتقول: «لاحظت أن حال السيرك قبل العرض تكون على غير حاله خلال العرض بكل طاقته وبهجته وحركته، لاحظت أن تلك الملامح ظاهرية فقط، وحاولت الوقوف على حالة المهرج الذي يلعب بالكرات المتقافزة قبل العرض، وهو في حالة ترقب لما يحدث من حوله، ويتأمل المشهد المحيط به في صمت، فيما حققت عنصر الحركة في الرسم عبر تصوير حركة راقصة الباليه».
وتُبرز اللوحات عنصر الحركة بشكل لافت، باعتباره عنصراً محورياً في موضوع السيرك، سواء في ديناميكية التنقل بين فقراته، أو الألعاب التي تعتمد على الخفة، وأحياناً الخطورة، كعنصر أساسي للإيهام والتواصل مع الجمهور، وكذلك التنقل المدروس للحيوانات المُصاحبة لفقرات السيرك كالخيول مثلاً التي أفردت لها العديد من لوحات المعرض تشريحاً لحركاتها الجسدية الراقصة، سواء مُنفردة، أو ضمن مجموعات تقدم عرضاً في حركة دائرية مُتناغمة بمصاحبة مُدربها.



بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)
مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)
TT

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)
مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

يَندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هُوبَال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد فقط، وتحوّل سريعاً إلى «تريند» على شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال مقاطع الفيديو والأحاديث التي تتناول تفاصيل العمل الذي يجمع للمرة الثالثة بين المخرج عبد العزيز الشلاحي والكاتب مفرج المجفل.

يتحدث بطل الفيلم مشعل المطيري، لـ«الشرق الأوسط»، عن السر في ذلك قائلاً: «حين يكون الفيلم مصنوعاً بشكل جيد، فمن المتوقع أن يلقى إقبالاً كبيراً لدى الجمهور»، مشيراً إلى أن «هُوبَال» يحكي قصة إنسانية قريبة للناس، تم سردها في بيئة مغرية وسط الصحراء، مما جعل الكثيرين يتحمسون لمشاهدته.

ويتابع المطيري: «ارتباط الفيلم بالبيئة البدوية جعله جاذباً، ورغم أننا شاهدنا أعمالاً درامية وسينمائية لها علاقة بمجتمعات معينة، فإن البيئة البدوية لم يسبق أن جرى تقديمها بهذا التركيز من قبل، وهذه ميزة زادت من رغبة الناس في مشاهدة العمل». مؤكداً في الوقت نفسه أن الفيلم يناسب جميع أفراد العائلة، وهو ما لاحظه في صالات السينما، التي ضمَّت صغار وكبار السن على حد سواء.

يدور الفيلم حول العزلة في الصحراء والتحديات التي تواجه العائلة بسبب ذلك (الشرق الأوسط)

قصة الفيلم

تدور أحداث فيلم «هُوبَال» في السعودية خلال الفترة التي تلت أحداث حرب الخليج الثانية، ويتناول قصة عائلة بدوية تقرر العيش في عزلة تامة وسط الصحراء جرّاء اعتقاد «الجد ليام»، (إبراهيم الحساوي)، بقرب قيام الساعة بعد ظهور علامات تؤكد مزاعمه.

هذه العزلة تُعرضه لامتحان صعب عندما تصاب حفيدته بمرض مُعدٍ يحتِّم على الجميع عدم الاقتراب منها، الأمر الذي يدفع والدتها سرّاً (ميلا الزهراني) إلى التفكير في تحدي قوانين الجد لإنقاذ ابنتها، وهو ما يصطدم بمعارضة شديدة من زوجها «شنار»، (مشعل المطيري).

سينما الصحراء

ورغم أن العائلة انزوت في الصحراء هرباً من المدينة، فإن مشعل المطيري لا يرى أن «هُوبَال» يأتي ضمن تصنيف سينما الصحراء بالمفهوم الدارج، بل يشير إلى أن له تصنيفاً مختلفاً، خصوصاً أن العمل يتناول فترة التسعينات من القرن الماضي، عن ذلك يقول: «هي فكرة ذكية في توظيف الصحراء في فترة زمنية قريبة نسبياً، كما أن شخصيات الفيلم لم تنقطع تماماً عن المدينة، بل كان بعضهم يرتادها للبيع والشراء، فحياتهم كانت مرتبطة بالمدينة بشكل أو بآخر».

ويشير المطيري هنا إلى أن الصحراء كانت اختياراً في القصة وليست واقعاً محل التسليم التام، مضيفاً أن «المخرج تعامل مع البيئة الصحراوية بدقة كبيرة، من حيث تفاصيل الحياة التي رآها المُشاهد في الفيلم». ويؤمن المطيري بأنه ما زال هناك كثير من الحكايات المستلهَمة من عمق الصحراء وتنتظر المعالجة السينمائية.

مشعل المطيري في دور «شنار» بالفيلم (الشرق الأوسط)

«شنّار بن ليام»

يصف المطيري شخصية «شنار بن ليام» التي لعب دورها بأنه «شخص سلبي، ومخيف أحياناً، كما أنه جبان، وبراغماتي، وواقعي إلى حد كبير مقارنةً ببقية أهله، حيث لم يستطع معارضة والده، وكانت لديه فرصة لعيش الحياة التي يريدها بشكل آخر، كما أنه حاول الاستفادة من الظروف التي حوله». ويرى المطيري أنها من أكثر الشخصيات وضوحاً في النص، ولم تكن شريرة بالمعنى التقليدي لمفهوم الشر في السينما.

ويمثل «هُوبَال» بدايةً قوية للسينما السعودية في مطلع 2025، وهنا يصف المطيري المشهد السينمائي المحلي بالقول: «هناك تطور رائع نعيشه عاماً تلوم آخر، وكل تجربة تأتي أقوى وأفضل مما سبقها، كما أننا موعودون بأعمال قادمة، وننتظر عرض أفلام جرى الانتهاء من تصويرها مؤخراً». ويختم حديثه بالقول: «كل فيلم جيد يسهم في رفع ثقة الجمهور بالسينما المحليّة، وتباين مستوى الأفلام أمر طبيعي، لكن الأهم ألا يفقد الجمهور ثقته بالأفلام السعودية».

تجدر الإشارة إلى أن فيلم «هُوبَال» حقَّق أداءً مميزاً في شِبّاك التذاكر في أول 3 أيام من عرضه، وتجاوزت مبيعات التذاكر 30 ألف تذكرة بإيرادات تُقدّر بأكثر 1.5 مليون ريال سعودي.