إردوغان: أرسلنا مستشارين ومدربين إلى ليبيا

كشف أن الصومال دعا تركيا إلى التنقيب عن النفط في مياهه

TT

إردوغان: أرسلنا مستشارين ومدربين إلى ليبيا

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده لم ترسل قوات إلى ليبيا حتى الآن لدعم حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج وإنما أرسلت مستشارين عسكريين ومدربين فقط.
وأضاف أن تركيا ستواصل دعم المسار السياسي في ليبيا، ميدانياً وعلى طاولة المباحثات.
والثلاثاء الماضي قال إردوغان أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، إن تركيا بدأت في إرسال قوات إلى طرابلس لدعم حكومة السراج وتحقيق الاستقرار لها.
لكن وسائل الإعلام التركية نقلت أمس (الاثنين) عن إردوغان قوله في تصريحات لعدد من الصحافيين رافقوه في طريق عودته من برلين عقب مشاركته في المؤتمر الدولي حول ليبيا، إن «جهود تركيا في المؤتمر وضعت الأساس لوقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة.. الوجود التركي في ليبيا عزز الآمال في السلام». وتابع: «الخطوات التي اتخذناها بشأن ليبيا حققت توازناً في المسار السياسي وسنواصل دعم هذا المسار في الميدان وعلى طاولة المباحثات.. عدم توقيع حفتر (المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي) على وثيقة الهدنة له معان، ومؤتمر برلين اقتصر على شهادة المشاركين ونتمنى نجاحه».
وأشار إلى أن تركيا وقفت ضد مقترح مشاركة الاتحاد الأوروبي في مسار دعم السلام بليبيا بصفة منسق عوضاً عن الأمم المتحدة، معتبراً أنه في حال تم الالتزام بوقف إطلاق النار في ليبيا، فإن الطريق سيكون ممهّداً أمام الحل السياسي.
وقال إردوغان إن «أحد الزعماء الذين شاركوا في مؤتمر برلين أبلغني بأن رئيس الوزراء اليوناني يريد إصلاح علاقات بلاده مع تركيا، فقلت له إن عليه أولا أن يصلح خطأه (في إشارة إلى دعوة حفتر إلى زيارة أثينا)»، معتبراً أن الدعوة هدفها استفزاز تركيا.
في السياق ذاته، اعتبر المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين أن مؤتمر برلين يعد فرصة مهمة لوقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي في ليبيا، مشيرا إلى أن أنقرة «ستواصل سياساتها البنّاءة والسلمية في مواجهة الحروب بالوكالة».
في شأن آخر، قال إردوغان إن دولة الصومال دعت تركيا إلى التنقيب عن النفط في مياهها بعدما وقعت تركيا مذكرة تفاهم مع حكومة فائز السراج في ليبيا لتحديد مناطق السيادة البحرية في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وإن تركيا ستتخذ خطوات في ضوء الدعوة الصومالية.
وتسعى تركيا إلى توسيع نفوذها في الصومال والقرن الأفريقي. وقد أقامت قاعدة عسكرية في الصومال، حيث يتولى ضباط أتراك تدريب قوات لإعادة بناء الجيش الصومالي، كما يساعد مهندسون أتراك في تشييد الطرق.
وقال إردوغان: «هناك عرض من الصومال.. يقولون: هناك نفط في مياهنا وأنتم تقومون بهذه العمليات مع ليبيا وبوسعكم القيام بها هنا أيضاً.. هذا مهم جداً بالنسبة لنا... لذلك ستكون هناك خطوات نتخذها في عملياتنا هناك».
في سياق قريب، قال وزير خارجية ما يسمى جمهورية شمال قبرص التركية، غير المعترف بها دولياً، قدرت أوزارساي، إن سفينة التنقيب التركية «ياووز»، ستنقّب في جميع المناطق المرخص لها من قبل بلاده. وأعلنت تركيا، الجمعة الماضي، بدء السفينة «ياووز» البدء في أعمال التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة «جي» الواقعة جنوب قبرص.
وطالب المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أكصوي، أول من أمس، الاتحاد الأوروبي بوضع حد لسياسته التي وصفها بـ«البعيدة عن الواقع والمنحازة»، رداً على الانتقادات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي حول أنشطة «ياووز» شرق المتوسط.
وقالت صحيفة «يني شفق» القريبة من حكومة إردوغان، أمس، إن انتقال السفينة «ياووز» إلى منطقة الترخيص «جي» هي رسالة تركية إلى مصر واليونان وإسرائيل في شرق المتوسط، لافتة إلى أن المنطقة مجاورة لحقلي «لفياثان» و«تمار» الخاضعين لسيطرة إسرائيل.



«صواريخ رمضان» تؤرق المصريين رغم الملاحقات الأمنية

أحمد سامي وشقيقه ورفيقه يشعلون ألعاباً نارية (الشرق الأوسط)
أحمد سامي وشقيقه ورفيقه يشعلون ألعاباً نارية (الشرق الأوسط)
TT

«صواريخ رمضان» تؤرق المصريين رغم الملاحقات الأمنية

أحمد سامي وشقيقه ورفيقه يشعلون ألعاباً نارية (الشرق الأوسط)
أحمد سامي وشقيقه ورفيقه يشعلون ألعاباً نارية (الشرق الأوسط)

جلستْ سيدةٌ خمسينيةٌ تُعرف بـ«المِعلِّمة» في السوق الشعبية بحي السيدة زينب (يبعد نحو 3 كيلو مترات عن ميدان التحرير بوسط القاهرة)، ومعها شاب، يبيعان صواريخ وبمباً ضمن ألعاب نارية متنوعة، تجد رواجاً خلال شهر رمضان، فيما يبدو عليهما القلق.

فسَّر البائع الشاب، الذي رفض ذكر اسمه، حالتهما قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنهما تلقيا مكالمة قبل قليل تخبرهما بأن بائعين في سوق تبعد نحو كيلو متر عنهما، قُبض عليهما، لتقاطعه السيدة «الحكومة مش سيبانا في حالنا».

البلالين الملونة جمباً إلى جنب مع الألعاب النارية لدى بائع متجول في منطقة السيدة زينب (الشرق الأوسط)

يجرم القانون المصري بيع الألعاب النارية والمفرقعات، وتشن الأجهزة الأمنية حملات مكثفة قُبيل وخلال شهر رمضان الذي تنتشر فيه هذه الألعاب في أيدي الأطفال والكبار، لضبطها وتوقيف مصنعيها وبائعيها.

وأرق انتشار «الصواريخ النارية»، التي تتميز بصوت انفجاري قوي، فضلاً عن إمكانية تسببها في إصابة من يقترب منها، قطاعات واسعة من المصريين، خصوصاً بعدما أثارت العديد من الأزمات، انتهى بعضها بسقوط وفيات.

في الإسماعيلية تُوفيت فتاة مراهقة تبلغ 17 عاماً وأصيب باقي أفراد أسرتها بحروق ودُمر منزلهم بسبب إشعال شقيقها صاروخاً داخل الشقة، حسب ما نشرته وسائل إعلام محلية الأحد. كما تسببت هذه الألعاب في العديد من المشاجرات، أسفرت في واحدة منها بمحافظة قنا عن مقتل شخصين وإصابة 3 آخرين في مشاجرة بالأسلحة النارية بمنطقة جزيرة دندرة في 3 مارس (آذار) الحالي.

وفي واقعة أخرى أصيب شابٌ (25 عاماً) من منطقة كرداسة بانفجارٍ بقرنية إحدى العينين، وأُجريت جراحة له في محاولة لإنقاذه.

ثلاثة مراهقات يشعلن صواريخ في مدينة 6 أكتوبر (الشرق الأوسط)

كميات ضخمة

رغم الحملات شبه اليومية، والكميات المضبوطات الضخمة من الألعاب النارية، فإن هذه الألعاب لا تزال منتشرة في معظم المدن، خصوصاً الأحياء الشعبية، ما يعكس اتساع سوقها الضخمة، التي تعتمد في جزء منه على التصنيع في «ورش صغيرة»، وجزء آخر يتم تهريبه من الخارج إلى مصر، حسب ما أكد بائعان لـ«الشرق الأوسط»، أحدهما بائعة سوق السيدة زينب، التي أشارت إلى أنهم و«بضاعتهم» يتبعون محافظة الفيوم (جنوب القاهرة).

وقبيل أقل من شهر على رمضان، أعلنت «الداخلية المصرية» في 4 فبراير (شباط) الماضي، تحفظ قوات الأمن على أكثر من 3 ملايين قطعة من الألعاب النارية داخل ورشة لتصنيعها في الفيوم، وفي 3 مارس الحالي، ضبطت قوات الأمن كمية مماثلة في المحافظة نفسها مع عامل له سوابق جنائية، يدير ورشة لتصنيع الألعاب النارية.

ويمنع القانون المصري حيازة المفرقعات، حسب القانون رقم 58 لسنة 1937، إذ تنص المادة 102 (أ) منه على أن «يُعاقب بالسجن المؤبد كل من أحرز أو حاز أو استورد أو صنع مفرقعات أو مواد متفجرة أو ما في حكمها قبل الحصول على ترخيص بذلك، وتكون العقوبة الإعدام إذا وقعت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابي».

وفي إعلان جديد، قالت الداخلية، في بيان الأحد، إن عدة حملات تمكنت من ضبط 75 قضية احتوت على 2.5 مليون قطعة من الألعاب النارية، من بينها 158 ألف قطعة مع مالك مكتبة له معلومات جنائية، يبيعها في سوهاج.

الألعاب النارية متعددة الأنواع والأشكال والقوة (الشرق الأوسط)

ويقول الخبير الأمني اللواء طارق جمعة لـ«الشرق الأوسط»، إن الكميات المضبوطة من عمليات الملاحقة يتم «إعدامها»، مرجعاً الانتشار الكبير لهذه الألعاب إلى «مكاسبها الكبيرة، فهي صناعة مربحة، لا تتكلف الكثير في الإعداد وتباع بأسعار أعلى من ذي قبل».

ويصل متوسط سعر علبة الصواريخ، التي تحتوي على نحو 10 قطع، 10 جنيهات فقط (الدولار 50.58 جنيه).

عادة موسمية

ويرى الباحث في الأنثربولوجي وليد محمود أن اختفاء هذه الألعاب من الشارع ليس سهلاً رغم الجهود الأمنية الكبيرة، مرجعاً ذلك إلى كونها «جزءاً من الهوية الثقافية الجمعية التي تقاوم التغيير بطبيعتها»، موضحاً أنها «ضمن ممارسات احتفالية تاريخية في المجتمع المصري، ارتبطت بالمناسبات الدينية والاجتماعية كالأعياد والمولد النبوي والزفاف».

ويحافظ الطفل أحمد سامي (13 عاماً) على اللعب بالصواريخ والبمب كل ليلة في رمضان بمجرد تناوله الإفطار، صحبة شقيقه الأصغر وصديقه سيف، قائلين لـ«الشرق الأوسط» إنها «عادة تشعرهم برمضان».

أمسك الأطفال الثلاثة بـ«أسلاك» تُستخدم عادة في «غسل الصحون»، وأشعلوها ثم قاموا بلفها في حركات بهلوانية، فيما يمر أب صحبة عائلته جوار الشرر، ناهراً الأطفال ومحذراً إياهم من خطورة هذه الألعاب، وذلك في حارة ضيقة، بضاحية العمرانية في محافظة الجيزة.

بائع الألعاب النارية في منطقة السيدة زينب (الشرق الأوسط)

وفي مدينة 6 أكتوبر (تبعد نحو 40 كيلومتراً عن وسط القاهرة) اجتمعت المراهقات نور وشيماء وملك في ساحة لركن السيارات أمام منزل إحداهن، لإشعال الصواريخ. تقول نور لـ«الشرق الأوسط»، وهي في الصف الثاني الإعدادي بمدرسة تجريبية (حكومية لغات)، إنها تعتاد فعل ذلك كل عام منذ صغرها.

ورغم ما تحتويه هذه الألعاب من معاني «الفرح»، فإن الباحث محمود يشير إلى أن انتشارها أو ممارستها على نحو خطر يرجع في كثير من الأحيان إلى غياب دور الأسرة وإشرافها على أطفالها، فيما يقترح اللواء جمعة أن يتم «تقنين جزء من هذه الألعاب، بحيث تخضع صناعتها لإشراف يضمن أن تكون مجرد صوت غير مزعج، وفي الوقت نفسه وسيلة للفرح والترفيه على الأطفال بشكل آمن».