مشاورات أممية مع الشرعية اليمنية لدفع مسار السلام

الحكومة تندد بمواصلة الميليشيات ابتزاز المنظمات الدولية ونهب المساعدات

TT

مشاورات أممية مع الشرعية اليمنية لدفع مسار السلام

استأنف مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، في الرياض، أمس، مساعيه لدى قيادات الشرعية اليمنية، في سياق محاولته دفع مسار السلام مع الانقلابيين الحوثيين، واستكمال تنفيذ «اتفاق الرياض» بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وأفادت مصادر سياسية يمنية «الشرق الأوسط» بأن غريفيث التقى مستشاري الرئيس عبد ربه منصور هادي في الرياض، وهم: أحمد عبيد بن دغر، وعبد العزيز جباري، وياسين مكاوي. وذكر رئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر، في تغريدة على «تويتر»، أنه أكد للمبعوث الأممي مارتن غريفيث أن توجيهات الرئيس هادي ورعاية السعودية أنجزت خطوات إيجابية في تنفيذ «اتفاق الرياض». وأوضح أنه «يجري العمل على تنفيذ مصفوفة الانسحابات العسكرية والأمنية، والذي بحاجة إلى تعاون الجميع؛ حيث إن عدن مدينة السلام والتعايش وتتسع للجميع». بحسب تعبيره.
وجاءت المساعي الجديدة للمبعوث الأممي، في وقت يزور فيه ثلاثة من سفراء الاتحاد الأوروبي العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، للقاء القيادات الحوثية، في سياق الجهد الأوروبي الداعم لمسار السلام في اليمن.
وفي حين يقود غريفيث الجهود للسنة الثالثة منذ تعيينه في مهمته، أشارت مصادر يمنية إلى أنه يسعى إلى استئناف المشاورات حول الإطار الشامل للحل بين الشرعية والجماعة الحوثية، وهو الأمر الذي ترفضه الشرعية قبل تنفيذ اتفاق استوكهولم، وانسحاب الميليشيات الحوثية من الحديدة.
في غضون ذلك، ذكرت المصادر الرسمية اليمنية أن وزير الخارجية محمد الحضرمي التقى في الرياض ليز غراندي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، واستعرض معها مستجدات الأوضاع، ومناقشة التحديات التي تواجهها المنظمات الأممية العاملة في اليمن، وخصوصاً العراقيل التي تقوم بها الميليشيات الحوثية، والتي تقوض الجهود المبذولة للتخفيف من آثار الأزمة الإنسانية في اليمن.
وتطرق الحضرمي، حسب ما أوردته وكالة «سبأ»، إلى الاستهداف الإرهابي الذي ارتكبته الميليشيات الحوثية، والذي أسفر عن سقوط أكثر من مائة شخص وجرح العشرات من منتسبي اللواء الرابع حماية رئاسية، وبعض الوحدات الأخرى وهم في دار للعبادة في مأرب. واعتبر وزير الخارجية اليمنية هذا الهجوم «انتهاكاً صريحاً لكل الأعراف الدولية والإنسانية»، ودعا المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى إدانة هذا الاستهداف والعمل الإرهابي، مشيراً إلى أن «الصمت والتجاهل الدولي لمثل هذه الجرائم يشجع الميليشيات على مواصلة أعمالها الإرهابية».
وفيما يتعلق بالوضع الإنساني في اليمن، أكد الحضرمي أن الحكومة تعمل كل ما بوسعها لدعم المنظمات الأممية والدولية العاملة في اليمن، وأنها عازمة على تذليل أي معوقات قد تواجه هذه المنظمات، حرصاً من الحكومة على تحسين أوضاع المواطنين في كافة أنحاء اليمن.
وندد الوزير اليمني باستمرار الميليشيات الحوثية في ابتزاز المنظمات الدولية العاملة في صنعاء، واختلاقها للعراقيل التي تزيد من معاناة المواطنين، وأوضح أن استمرار سرقة المساعدات الإنسانية، والتحايل بفرض الضرائب والإتاوات على هذه المساعدات بمختلف الطرق والحيل المبتكرة، يمثل خرقاً صارخاً لكل مبادئ العمل الإنساني. وقال الحضرمي: «إن سكوت وصمت المجتمع الدولي ومجلس الأمن على مثل هذه الممارسات سيشجع الميليشيات على الاستمرار في تعنتها وممارساتها اللاأخلاقية»، وشدد على أن «الوسيلة الوحيدة لثني هذه الميليشيات عن انتهاكاتها وتماديها، هو توحد صوت أعضاء المجتمع الدولي ومجلس الأمن، وإيصال رسائل حازمة وقوية وصريحة بأنه لا يمكن التهاون أمام مثل هذه الانتهاكات التي تزيد من معاناة المدنيين، وتفاقم من الأزمة الإنسانية في اليمن».
ونسبت المصادر الرسمية اليمنية إلى منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ليز غراندي، أنها «عبرت عن تقديرها لدعم الحكومة الشرعية المتواصل للعمل الإنساني، وعمل الأمم المتحدة في اليمن، وأكدت أن الأمم المتحدة تعمل بكل جهد للتخفيف والحد من وطأة الأزمة الإنسانية في اليمن».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».