«ندوات مدنية» شرق الفرات للمطالبة بإشراك ممثليها في اللجنة الدستورية

TT

«ندوات مدنية» شرق الفرات للمطالبة بإشراك ممثليها في اللجنة الدستورية

بين أزقة شوارع يكسوها الحطام والدمار، وبعيداً عن مقرات الأمم المتحدة ومكاتبها الفخمة بجنيف، عقد محامون ونشطاء وشخصيات مجتمعية محلية، إلى جانب مشاركة النساء، في مكاتب صغيرة يكسوها أثاث بسيط، يمكن للعابر سماع أصواتهم وعلو أحاديثهم، نقاشات وحوارات موسعة في مدن الرقة ودير الزور والحسكة، شمال شرقي سوريا، حول الدستور والحكم الرشيد ونظام الدولة، إضافة إلى صلاحيات رئيس الجمهورية، ودور الجيش، وعلاقة الدين بالدولة، وطالب المشاركون بإشراك ممثلين من مدن وبلدات شمال شرقي سوريا.
وبعد طرد تنظيم داعش، في مارس (آذار) العام الماضي، نظمت مجموعة من المنظمات المحلية ورشات عمل وجلسات حوارية تتعلق بصياغة الدستور مع مختصين وخبراء. وجمعية «بيت المواطنة» عقدت أنشطة في مدينة الرقة وريفها، نهاية العام الماضي وخلال الشهر الحالي، تحت عنوان «صوت المجتمع المدني في الدستور».
تقول حلا العلي، منسقة منتدى المرأة بالجمعية: «كنساء، نريد دستوراً يضمن عملية التحول الديمقراطي، وتحقيق مبدأ المساواة، وعدم التمييز بين الجنسين، واعتباره جريمة يعاقب عليها القانون»، ودعت إلى إقرار قوانين انتخابية عادلة تضمن تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً.
ورغم الحروب الدائرة والتقسيمات العسكرية بين الجهات المتحاربة على الأرض، فإن عدداً من المشاركين خاطروا بحياتهم وحضروا هذه الاجتماعات، وليس ثمة أحد من هؤلاء لم يشهد فقدان صديق أو قريب أو أفراد من المجتمع المحلي الذي يعيش فيه، جراء الحرب المستعرة في مسقط رأسهم.
ويرى القاضي خالد الحلو، عضو اللجنة الدستورية الذي قاد جلسة حوارية في بلدة هجين، بريف دير الزور الشمالي، في 7 من يناير (كانون الثاني) الحالي، بمشاركة شخصيات ووجهاء عشائر ونساء ومنظمات أهلية، أن اختيار أعضاء اللجنة كان نتيجة توافقات دولية وإقليمية، ونجاحها يتوقف على هذه التفاهمات، وليس بشروط وإرادة سورية.
وعن تمثيل أبناء شرق الفرات، قال: «تمثيلهم مرتبط بالوجود الأميركي والتفاهمات الدولية»، منوهاً بأنهم ذاهبون «لإنتاج دستور جديد كلياً، وليس تعديل دستور 2012. نحن أمام لجنة تأسيسية أصيلة، وليس لجنة مشتقة من الدستور السابق». وأضاف أن النظام الفيدرالي غير مطروح: «أقصى حد ممكن هو لا مركزية إدارية موسعة».
غير أن الناشط السياسي عامر موسى، المتحدر من مدينة دير الزور الذي شارك في الجلسة، أكد أن الشعب السوري لم يخرج لتعديل دستور أو تشكيل دستور جديد.
وأطلق نشطاء ومنظمات مدنية فاعلة في مدينتي الرقة ودير الزور، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، حملة «نحن أهلها» التي تستمر فعاليتها، حيث تشمل جلسات حوارية حول الدستور والعمل المدني. وقالت منظمات مدنية، في بيان، إن مدينتي الرقة ودير الزور «خضعت لسيطرة تنظيم داعش لما يقارب 5 سنوات، وتحولت لمسرح للعمليات العسكرية والحربية، سواء التي قادها التنظيم المتطرف أو تلك التي استهدفته».
وذكرت أن هدف الحملة إعادة الفضاء العام المسلوب للمجتمع، و«دعوة للدفاع عن حق الناس بشوارعهم وساحاتهم، بعد سرقات متتالية من الجهات العسكرية التي تتالت على حكمها، واستعادة الوجه الحقيقي لهذه المناطق، بعد أن صادرته الأطراف العسكرية المتعددة»، بحسب بيان الفعاليات المدنية.
وعقدت منظمة «حماية البيئة والتنمية المستدامة»، العاملة في مدينة دير الزور، مجموعة من الندوات والحلقات الحوارية حول الدستور، تحت عنوان «آمال سوريا بصفحة انتقال سياسي حقيقي». ونقل عصام العجيل، مدير المنظمة، أن الرسائل التي يرغبون بإرسالها عبر هذه الأنشطة هي «رفع صوت المجتمع المدني إلى الأعضاء الموجودين في اللجنة المصغرة المكلفة بصياغة الدستور».
وأشار محمود فاروق إبراهيم، رئيس المكتب القانوني بالمجلس المدني بدير الزور، إلى تغييب أبناء محافظتي الرقة ودير الزور من تشكيلة اللجنة.
ومن بين المنظمات التي تنشط في هذا الإطار جمعية «برجاف للتنمية الديمقراطية وبناء القدرات»، في المناطق ذات الغالبية الكردية، التي عقدت 3 جلسات: أولها في مدينة عين العرب (كوباني، بحسب تسميتها الكردية)، والثانية في بلدة ديريك، وجلسة ثالثة في أربيل (عاصمة إقليم كردستان العراق).
وأوضح فاروق حجي مصطفى، مدير الجمعية، أنهم ناقشوا «شكل النظام الأفضل للحكم، وقضايا فصل السلطات، وحقوق الأقليات، والدستور الجديد، بعد إجراء عملية الاستفتاء وكسب الشرعية»، لافتاً إلى أن هدف هذه الورشات «بلورة الثقافة الدستورية، والإحاطة بالعملية السياسية بشكل كامل، وصقل مهارات الفاعلين في الشأن العام، وامتلاكهم للمعلومات بصورة موسعة».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.