غابات المانجروف السعودية مصيدة النفايات البلاستيكية

دراسة حديثة من «كاوست»: تراكم المخلفات الصناعية يُهدّد حياة الكائنات البحرية

خلال مسح غابات المانجروف وجد الباحثون قطعة واحدة من القمامة في كل متر مربع أو مترين
خلال مسح غابات المانجروف وجد الباحثون قطعة واحدة من القمامة في كل متر مربع أو مترين
TT

غابات المانجروف السعودية مصيدة النفايات البلاستيكية

خلال مسح غابات المانجروف وجد الباحثون قطعة واحدة من القمامة في كل متر مربع أو مترين
خلال مسح غابات المانجروف وجد الباحثون قطعة واحدة من القمامة في كل متر مربع أو مترين

شددت دراسة حديثة، الضوء على أهمية غابات المانجروف الواقعة على سواحل المملكة العربية السعودية، مشيرة إلى أنها تلعب دور مصائد للنفايات البلاستيكية التي تتراكم من البيئة البحرية. لكن هذا الدور يعرّضها للمخاطر البيئية ويشكّل كذلك تهديداً للنظم الإيكولوجية الساحلية.
وتوضح سيسيليا مارتن، الباحثة بمركز أبحاث البحر الأحمر التابع لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست): «إن من كل المواد البلاستيكية التي يتم التخلص منها في البيئة البحرية على مستوى العالم، لا نعثر سوى على 1 في المائة منها فقط، عائمة على المياه السطحية. مما يعني أن 99 في المائة منها موجود في مكان آخر، لا نعرفه بالضبط». وكانت مارتن وزملاؤها من المجموعة البحثية لأستاذ علوم البحار في «كاوست» البروفسور كارلوس دوارتيه، قد سجّلوا في دراسة سابقة مستويات منخفضة نسبياً من النفايات البلاستيكية بالبحر الأحمر، إذ استخدموا مركبة جوية من دون طيار لتمشيط الشواطئ.
وأجرت مارتن، بالتعاون مع الباحثة حنان المهاشير، مسحاً للنفايات في غابات المانجروف على طول سواحل البحر الأحمر والخليج العربي. وسجلّتا نوع القمامة ووزن بعض المواد وموقعها بحسب المسافة التي تفصل بينها وبين أقرب مدينة ساحلية وأقرب حركة ملاحة بحرية كثيفة.
وسجّل المسح وجود قطعة واحدة من النفايات في كل متر أو مترين مربعين، مع كثافة أكبر للنفايات بطول ساحل الخليج العربي عن تلك الموجودة على سواحل البحر الأحمر.
وبحسب المسح، شكَّلت المواد البلاستيكية أكثر من 90 في المائة من النفايات، وكانت المواد الصغيرة مثل الزجاجات، والأكياس، والحبال الطويلة وأغلفة التعبئة، الأكثر شيوعاً.
وعملت غابات المانجروف عالية الكثافة كمصائد لتلك النفايات، أما جذورها الهوائية فلعبت دور الغربال، ملتقطة مخلّفات بلاستيكية كبيرة من الماء، مقارنة بالشواطئ التي خلت من أشجار المانجروف.
وأظهرت الدراسة أن كثافة النفايات تعتمد على مدى البُعد عن خطوط الملاحة البحرية الرئيسية، أكثر من اعتمادها على العوامل البرية، مثل مدى البعد عن أقرب مدينة. فحركة الملاحة البعيدة عن الساحل تسببت في تراكم أقل للنفايات، ولكن فقط لمسافة معينة. وعلى غير المتوقع، بدأت كثافة النفايات في الزيادة مرة أخرى، ما إن تجاوز بُعد حركة الملاحة البحرية 15 كيلومتراً، ما أرجعه الباحثون إلى التيارات التي تنقل النفايات إلى أشجار المانجروف.
وأكَّدت الدراسة أنه - بالإضافة إلى الأضرار التي تسببها النفايات البلاستيكية بغابات المانجروف - يمكن للكائنات البحرية التي تعتبر تلك الغابات مرعى لها، أن تلتهم هذه المخلفات، مما قد يؤثر في حياتها. كما يمكن للمواد الكيميائية المصاحبة للنفايات، مثل الإضافات الصناعية أو الملوثات التي يمتصّها البلاستيك، أن تضر كذلك بهذه النظم الإيكولوجية.
وتُعزّز هذه النتائج الحاجة إلى تقليل استهلاك البلاستيك والتعامل على نحو ملائم مع النفايات البلاستيكية، للحفاظ على هذه النظم الإيكولوجية المهمة.
ويعمل فريق سيسيليا مارتن البحثي الآن على التحقق مما إذا كانت المواد البلاستيكية الدقيقة تتجمَّع على رواسب المانجروف، وهو ما يمكن أن يكون مصرفاً رئيسياً للتلوث البلاستيكي البحري، ويفسّر مصير بعض النفايات البلاستيكية التي لم يٌعثَر عليها.
وتنتشر معظم غابات المانجروف في المملكة العربية السعودية على ساحل البحر الأحمر، ويوجد القليل منها على ساحل الخليج العربي، وتشغل نحو 204 كلم مربع من مساحة سواحل المملكة.
وتعتبر غابات المانجروف حاجزاً بين اليابسة والبحر، إضافة إلى تثبيت شواطئ البحار والمحيطات والأنهار ومصبّاتها ضد خطر التآكل الناتج عن حركة الأمواج والمدّ والجزر، ويعتقد أن ازدياد أخطار الفيضانات في بعض الدول يرجع إلى فقدان غابات المانجروف خلال العقود القليلة الماضيّة. كما تعمل غابات المانجروف - مع غيرها من الغابات في أرجاء العالم المختلفة - على تخفيف آثار التغيّر المناخي.



حشرات روبوتية لتلقيح المحاصيل الزراعية

الروبوت الجديد يزن أقل من مشبك الورق (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)
الروبوت الجديد يزن أقل من مشبك الورق (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)
TT

حشرات روبوتية لتلقيح المحاصيل الزراعية

الروبوت الجديد يزن أقل من مشبك الورق (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)
الروبوت الجديد يزن أقل من مشبك الورق (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

طوّر باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في الولايات المتحدة روبوتات صغيرة بحجم الحشرات، قادرة على الطيران لفترات طويلة، مما يمهد الطريق لاستخدامها في التلقيح الميكانيكي للمحاصيل.

وأوضح الباحثون أن هذه الابتكارات تهدف إلى مساعدة المزارعين في مزارع متعددة المستويات، مما يعزز الإنتاجية ويقلل من الأثر البيئي للزراعة التقليدية، ونُشرت النتائج، الأربعاء، في دورية (Science Robotics).

ويُعد تلقيح المحاصيل عملية أساسية لضمان إنتاج الفواكه والخضراوات، ويعتمد عادةً على الحشرات الطبيعية مثل النحل. إلا أن التغيرات البيئية واستخدام المبيدات أدّيا إلى تراجع أعداد النحل بشكل ملحوظ؛ مما يبرز الحاجة إلى حلول مبتكرة.

في هذا السياق، يشير الفريق إلى أن الروبوتات الطائرة يمكن أن تأتي بديلاً واعداً، حيث يمكنها محاكاة وظائف النحل بدقة وسرعة في تلقيح النباتات بفضل تقنيات متقدمة تشمل الأجنحة المرنة والمحركات الاصطناعية، تمكّن هذه الروبوتات من أداء مناورات معقدة والطيران لفترات طويلة.

وأوضح الفريق أن الروبوت الجديد يزن أقل من مشبك الورق، ويتميز بقدرته على الطيران لمدة 17 دقيقة، وهو رقم قياسي يزيد بمائة مرة عن التصاميم السابقة. كما يمكنه الطيران بسرعة تصل إلى 35 سم/ثانية، وأداء مناورات هوائية مثل الدوران المزدوج في الهواء.

ويتكون الروبوت من أربع وحدات بأجنحة مستقلة، مما يحسن من قوة الرفع ويقلل الإجهاد الميكانيكي. ويتيح التصميم مساحة لإضافة بطاريات وأجهزة استشعار صغيرة مستقبلاً، ما يعزز إمكانيات الروبوت للاستخدام خارج المختبر.

وأشار الباحثون إلى أن العضلات الاصطناعية التي تحرك أجنحة الروبوت صُنعت باستخدام مواد مرنة مدعومة بالكربون النانوي، الأمر الذي يمنحها كفاءة أكبر. كما تم تطوير مفصل جناح طويل يقلل الإجهاد في أثناء الحركة، باستخدام تقنية تصنيع دقيقة تعتمد على القطع بالليزر.

ونوّه الفريق بأن هذه الروبوتات تُعَد خطوة كبيرة نحو تعويض نقص الملقحات الطبيعية مثل النحل، خصوصاً في ظل التراجع العالمي في أعدادها.

ويأمل الباحثون في تحسين دقة الروبوتات لتتمكن من الهبوط على الأزهار والتقاط الرحيق، إلى جانب تطوير بطاريات وأجهزة استشعار تجعلها قادرة على الطيران في البيئة الخارجية.

كما يعمل الباحثون على إطالة مدة طيران الروبوتات لتتجاوز ساعتين ونصف ساعة؛ لتعزيز استخدامها في التطبيقات الزراعية وتحقيق الزراعة المستدامة.