مذكرات عربي في الأمم المتحدة (الحلقة 1): سمير صنبر... من صحافة قلب بيروت إلى الأمم المتحدة في نيويورك

يروي لـ «الشرق الأوسط» تجاربه الإعلامية تحت 5 أمناء عامين

في إحدى الجلسات الأممية اللبناني سمير صنبر إلى جانب هيلاري كلينتون
في إحدى الجلسات الأممية اللبناني سمير صنبر إلى جانب هيلاري كلينتون
TT

مذكرات عربي في الأمم المتحدة (الحلقة 1): سمير صنبر... من صحافة قلب بيروت إلى الأمم المتحدة في نيويورك

في إحدى الجلسات الأممية اللبناني سمير صنبر إلى جانب هيلاري كلينتون
في إحدى الجلسات الأممية اللبناني سمير صنبر إلى جانب هيلاري كلينتون

من بيروت «عاصمة الإعلام العربي» حسب تعبير اللبناني سمير صنبر، بدأت مسيرته، ليتنقل بين صحيفة وأخرى اعتلى خلالها مناصب عدّة، في فترة زمنية حملت بذور أيديولوجيات عالمية وصراعات خارجية تركت آثارها على العالم العربي، تابع صنبر معنى تعبير «الاشتراكية» التي انتشرت عناوينها في أحزاب رئيسية في العالم العربي، من مصر إلى سوريا ولبنان والعراق والأردن.
«غالبية القرارات الأساسية تأتي صدفة»، هكذا يقول صنبر الذي انتقل من العمل الصّحافي المكتوب إلى العمل في مكتب الأمم المتحدة، وعلى مدار نحو ثلاثة عقود، عمل مع خمسة أمناء. فكيف كانت تجربته الشّخصية مع كل واحد منهم خلال قياداتهم مراحل تاريخية مختلفة، من القضية الفلسطينية والجولان والحرب الإيرانية العراقية والحرب الباردة. تنشر معه «الشرق الأوسط» حوارا مطولا يدمج بين التأريخ السياسي والتقييم الإعلامي لدور الأمم المتحدة في صنع القرارات الدولية والمساعي الدبلوماسية في حلقات.
وهذا نص الأولى:
=- خوض مجال الأعمال الحرّة كان اختيار عائلتك، وأنت انتقيت الصحافة. قلت في مقابلة سابقة، إنّ «بيروت عاصمة الإعلام العربي». اليوم، كيف تقيّم خيارك؟ وهل لا تزال بيروت عاصمة الإعلام العربي؟
- بعد التجربة، ازدادت قناعتي بأنّ الصحافة كانت المهنة الأنسب لي، وإن لم تكن الأكثر ربحا. بيروت كانت بالفعل عاصمة الإعلام العربي والدُّولي. وألمع المراسلين الأجانب جاءوا للعيش بها. وأشهر الكتاب العرب اعتبروها مركزا للانطلاق نحو النجاح. وفيها وجدت الحركات السياسية والعقلانية مجالا للتنفس. رؤساء دول العالم آنذاك كانوا يستضيفون أصحاب الصحف والمجلات اللبنانية. فالرئيس إلياس سركيس كان يقول إنّ من أكثر المواضيع أهمية في اجتماع القمة العربية، كان التعليق على ما يظهر في الصحافة العاملة من لبنان. لكنّ الأمور تبدّلت بعد النزاعات الداخلية أو حروب الآخرين في لبنان، حسب تعبير الأستاذ الراحل غسان تويني. وعلى ما يبدو فإنّ النتيجة لم تكن محاولة تكسير وتسكير بيروت، بل «تكبيت» بيروت. أيامها الذهبية انتهت. بيد أنّها ورغم كل المحاولات تبقى موقعا حياً للصحافة الحرة.
> كنت صحافياً في لبنان، قبل أن تنتقل للعمل في الأمم المتحدة. أخبرنا عن أبرز ما تتذكره في تلك الأيام.
- ذهبت مع وفد الطلاب من الجامعة إلى مكتب «الصياد» في شارع رياض الصلح لكي نعرض أهداف المظاهرة السلمية. حدق بنا سعيد فرنجية بفضول غريزي من ثمّ اقترح علي كتابة موضوع بأسلوب واضح للنشر. جلست على مقعد هناك، وكتبت ما طُلب مني. قال لي يومها أن أعود في كلّ مرّة أرى أن هناك أمرا يهمّ القارئ العربي. بعد التّخرج عملت في دار الصياد بالحازمية. كنت أحرّر صفحة أسبوعية عنوانها «لكل حادث حديث». أذكر أنّني في مساء أحد الأيام خرجت مع زميل لي لتناول العشاء، وفجأة شاهدنا سيارة رباعية الدفع أمامنا تطلق الرصاص على عين رمانة من جهة وفرن الشباك من الجهة المقابلة. لتبدأ بعدها معركة تبادل النيران بين الجهتين.
تابعت بعدها القضايا العربية في جريدة الحياة. كان كامل مروة يشجعني بتواضع واثق وبابتسامة عريضة. ورحّب بي الأستاذ نصري معلوف في جريدة الجريدة. وعملت مع سليم اللوزي عندما أطلق مجلة الحوادث من شقة متواضعة مقابل قصر فرعول مع الأخ شفيق الحوت. وتعرفت على إحسان عبد القدوس، عندما أصبحت مراسلا لمجلة روز اليوسف. كان يحب زيارة لبنان. كان خجولا، ولطالما اهتمّ بسماع الحكايات الشخصية التي كان يحولها إلى روايات ناجحة.
شاركت في إصدار مجلة صباح الخير، وأصبحت صديقاً عزيزا لرئيس تحريرها أحمد بهاء الدين. وبات ضيفا دائما في بيروت.
> ما هي المواضيع التي لفتتك وتابعتها في تلك الفترة؟
- من المواضيع الرئيسية التي حاولت متابعتها كان معنى تعبير «الاشتراكية» التي انتشرت عناوينها في أحزاب رئيسية بالإضافة إلى الحزب الاشتراكي الذي كان حاكما في مصر أيام الرئيس جمال عبد الناصر، والبعث العربي الاشتراكي بقيادة ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار، وأكرم الحوراني؛ والحزب الوطني الاشتراكي في الأردن بقيادة سليمان النابلسي، وحزب الشعب الاشتراكي بقيادة صالح حبر في العراق، والتقدمي الاشتراكي في لبنان بقيادة كمال جنبلاط، الذي نشأت معه علاقة إنسانية ثقافية.
> بكلمات مختصرة ما هو رأيك بالسياسيين اللبنانيين الذين قابلتهم؟
- الرئيس رشيد كرامي، كان من أكثر السياسيين حرصا على الخدمة العامة. يتحدث دائما باللغة الفصحى. الرئيس المنتخب رينيه معوض كان من أعز الأصدقاء وأكثرهم حرصا على كرامة الآخرين. وقد تعلّمت الكثير من حميد فرنجية وشقيقه الرئيس سليمان فرنجية. تابعت الرئيس كميل شمعون ثم «الثورة» ضد التجديد بقيادة الرئيس صائب سلام الذي كان يبدي عناية خاصة بالصحافيين ويتابع أحوالهم المهنية والشخصية.
الرئيس فؤاد شهاب كان مثالاً راقياً ورمزا لافتا. حكم المؤسسات وكان حريصاً على سيادة الدستور ووحدة الشعب. ورفض التجديد. عاش على مرتبه التقاعدي، وزوجته لم تكن تجد أحيانا ما يكفي لدفع فاتورة البقال.
> بدأت عملك مع الأمم المتحدة في بيروت. وتنقلت بين عواصم عربية وأجنبية، كيف قررت ترك الصحافة المكتوبة وخوض هذه التجربة؟
- غالبية القرارات الأساسية تأتيك صدفة. في أحد الأيام دعاني محمد حسنين هيكل إلى القاهرة واقترح أن أعمل مراسلا لصحيفة الأهرام من بيروت لتغطية المنطقة العربية. كنت حينها في روما، وبينما كنت أفكّر بالأمر، وصلتني دعوة للعمل الإعلامي المؤقت في الأمم المتحدة. وعُرض علي العمل لثلاثة أشهر مع مدير عام مكتب الأمم المتحدة الأوروبي في جنيف وهو كونت إيطالي. واقترح علي تجربة العمل لفترة وجيزة في مكتب الأمين العام بنيويورك.
> أبرز ما تتذكّره لدى زيارتك مقر الأمم المتحدة في نيويورك لأوّل مرّة عام 1966؟
- الإنجاز المهني والتّواضع البشري، أمران مهمان شعرت بهما. فخلال عملي الصحافي كنت أتطلع إلى ذلك المبنى الدولي في وسائل الإعلام وأتساءل «ماذا يحدث هناك». كانت فرصة العمر.
لم أكن أعرف أحدا في نيويورك، ولكنّي شعرت بالرّاحة في مقر الأمم المتحدة، عندما رحب بي الزملاء من مختلف مناطق العالم وحضاراتها. ذهبت مع الصديق رياض طبارة إلى بهو الوفود. انتظرت أن يأتي موظف لأخذ طلبي. بقيت أنتظر إلى أن أشار أحدهم إلى هنري كسينجر مستشار الأمن القومي للرئيس نيكسون وجون روجرز وزير الخارجية، يحملان صينية ويتوجهان إلى مقعد قريب. كان ذلك أول درس دولي في التعامل المناسب.
> على مدار نحو ثلاثة عقود، عملت مع خمسة أمناء للأمم المتحدة، كيف اختلفت تجربتك الشخصية مع كل واحد منهم؟
- كل أمين عام قاد مرحلة تاريخية مختلفة. الأمم المتحدة تحتاج إلى الدول الكبرى لكي تستمر وإلى الدول الصغرى لكي تنجح. كل واحد منهم حاول إيجاد التوازن الفعال بالتوقيت المناسب.
يو ثانت، عملت معه مساعدا في مكتبه الخاص. كان متواضعا واثقاً في التعامل مع الدول الكبرى والصغرى والمتوسطة على السواء. وقف بوجه التدخل الأميركي العسكري في فيتنام، وبوجه الاتحاد السوفياتي في تشيكوسلوفاكيا خلال «ربيع براغ». شاهدته ينحني مرّة واحدة، عندما قبّل يد والدته في رانغون عاصمة بلده بورما. رفض التجديد. خلفه كورت فالدهايم من النمسا. كانت أوروبا وسط مرحلة التفاهم بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي أيام «الحرب الدافئة». أبدى اهتماما خاصا بقضايا الشرق الأوسط وبالوضع في الجولان، وحاول جهده عقد مؤتمر جنيف على أساس الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن.
كان يشعر بعلاقة حضارية بين بلاده ولبنان. توجه إلى قلب بيروت خلال النزاع الداخلي المسلح وقف على ركام في آخر سوق الطويلة وتساءل أمام وسائل الإعلام: «ماذا فعلتم بهذا البلد الرائع؟».
في بيروت عقد أول لقاء بين الأمين العام للأمم المتحدة وقائد منظمة التحرير الفلسطينية الرئيس ياسر عرفات. الهدف العملي كان تسهيل مرور قوات الأمم المتحدة من مطار بيروت إلى الجنوب. أمّا الهدف السياسي والرمزي فكان إنجاز اعتراف دولي بدور المنظمة. وكان أول أمين عام يتوجه إلى منطقة الخليج وآخر مسؤول يقابل الملك فيصل قبل استشهاده. استقبل الوفد في المطار أمير الرياض يومها (خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان)، الذي أشرف على ترتيبات الضيافة.
لم يكن الدبلوماسي خافيير بيريز كويلار قد تابع عن كثب قضايا المنطقة العربية قبل أن يتسلم الأمانة العامة. وجد أنّ الأزمات تفرض نفسها على الأمين العام وليس العكس. وأن خطابات الدول -خصوصا الكبرى والنافذة - لا تتوافق عادة مع استفاداتها العملية من الأطراف الداخلية للنزاعات.
وبالطبع ربطتني علاقة خاصة مع الدكتور بطرس بطرس غالي. في البداية ظهرت بعض الحساسيات، كالعادة في كل عهد جديد، عندما حاول البعض الدس والتحريض على أنّني لا أبالي بقيادته. بل إنه طلب شفهيا في الأسابيع الأولى من مدير مكتبه جان كلود إنهاء عملي في الأمم المتحدة. طلبت ترتيب لقاء معه، وشرحت له باحترام وهدوء أنّه لدي عقد دائم غير قابل للإلغاء وأنّني انتخبت من كافة الموظفين رئيسا للجنة الرسمية التي تشرف على التّعيين والترقية وإنهاء الخدمة. ولكن بما أنّه أول أمين عربي ويهمني أن ينجح في المهمة الجديدة ما دام يعتبر أنني عثرة في الطريق، سأغادر عملي نهائيا يوم الاثنين. ويوم الجمعة، فوجئت به يتصل قائلاً: «عامل إيه يا سمير؟» ثم طلب مني التعاون في إخراج الدراسة التي أعدها بعد قمة مجلس الأمن بعنوان «أجندة السلام». ومن يومها نشأت علاقة وثيقة بيننا وقدمت له الجهد والولاء الكاملين.
كوفي أنان كان زميلي وصديقي لأعوام طوال، لكنّني شرحت له أن ولائي لبطرس غالي. وكنت معه في آخر يوم من السنة الأخيرة ورافقته حتى باب الخروج. وتقاعدت خلال ولاية كوفي أنان.
> ما الدور الذي لعبته في عهد الأمين العام الأسبق يو ثانت خصوصا في ملفي أزمة الصواريخ الكوبية؟
- يو ثانت نجح في تفادي حرب عالمية ثالثة حول أزمة الصواريخ الكوبية. جرت اتصالات جانبية معظمها في بهو الوفود في الطابق الثاني من مبنى الأمم المتحدة. كان في مكتب الأمين العام موظف أميركي على اتصال مباشر بالبيت الأبيض، وموظف سوفياتي على اتصال خاص بموسكو. باختصار كانت المحاولات منسقة على ثلاث طرق رئيسية: اتصالات مباشرة في مكتب الأمين العام، واتصالات جانبية في بهو الوفود واجتماعات رسمية في ردهات مجلس الأمن والبهو الإندونيسي.
- في الحلقة القادمة... صنبر يروي تفاصيل من قلب الحرب العراقية - الإيرانية، والسبب الذي أزاح بطرس بطرس غالي من الأمانة العامة.



كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
TT

كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)

أثارت بيانات عن ارتفاع الإنفاق الإعلاني على محتوى الفيديو عبر الإنترنت خلال الربع الأول من العام الحالي، تساؤلات حول اتجاهات الناشرين في المرحلة المقبلة، لا سيما فيما يتعلق بتوجيه الطاقات نحو المحتوى المرئي بغرض تحقيق الاستقرار المالي للمؤسسات، عقب تراجع العوائد المادية التي كانت تحققها منصات الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي.

مؤسسة «لاب» LAB، وهي هيئة بريطانية معنية بالإعلانات عبر الإنترنت، كانت قد نشرت بيانات تشير إلى ارتفاع الإنفاق الإعلاني على الفيديو في بريطانيا خلال الربع الأول من عام 2024، وقدّر هذا النمو بنحو 26 في المائة مقارنة بالتوقيت عينه خلال العام الماضي، حين حققت الإعلانات عبر الفيديو عوائد مالية وصلت إلى 4.12 مليار جنيه إسترليني داخل المملكة المتحدة وحدها. وتتوقّع بيانات الهيئة استمرار النمو في عوائد الإعلانات في الفيديو حتى نهاية 2024، وقد يمتد إلى النصف الأول من 2025.

مراقبون التقتهم «الشرق الأوسط» يرون أن هذا الاتجاه قد ينعكس على خطط الناشرين المستقبلية، من خلال الدفع نحو استثمارات أوسع في المحتوى المرئي سواءً للنشر على المواقع الإخبارية أو على «يوتيوب» وغيره من منصّات «التواصل».

إذ أرجع الدكتور أنس النجداوي، مدير جامعة أبوظبي ومستشار التكنولوجيا لقناتي «العربية» و«الحدث»، أهمية الفيديو إلى أنه بات مرتكزاً أصيلاً لنجاح التسويق الرقمي. وحدّد من جانبه طرق الاستفادة من الفيديو لتحقيق عوائد مالية مثل «برامج شركاء (اليوتيوب) التي يمكن للناشرين من خلالها تحقيق أرباح من الإعلانات المعروضة في فيديوهاتهم».

وعدّد النجداوي مسالك الربح بقوله: «أيضاً التسويق بالعمولة عن طريق ترويج منتجات أو خدمات من خلال الفيديوهات والحصول على عمولة مقابل كل عملية بيع عبر الروابط التي تُدرج في هذه الفيديوهات... أما الطريقة الأخرى - وهي الأبرز بالنسبة للناشرين - فهي أن يكون المحتوى نفسه حصرياً، ويٌقدم من قبل مختصين، وكذلك قد تقدم المنصة اشتراكات شهرية أو رسوم مشاهدة، ما يوفر دخلاً مباشراً».

ومن ثم حدد النجداوي شروطاً يجب توافرها في الفيديو لتحقيق أرباح، شارحاً: «هناك معايير وضعتها منصات التواصل الاجتماعي لعملية (المونتايزيشن)؛ منها أن يكون المحتوى عالي الجودة من حيث التصوير والصوت، بحيث يكون جاذباً للمشاهدين، أيضاً مدى توفير خدمات تفاعلية على الفيديو تشجع على المشاركة والتفاعل المستمر. بالإضافة إلى ذلك، الالتزام بسياسات المنصة».

ورهن نجاح اتجاه الناشرين إلى الفيديو بعدة معايير يجب توفرها، وأردف: «أتوقع أن الجمهور يتوق إلى معلومات وقصص إخبارية وأفلام وثائقية وتحليلات مرئية تلتزم بالمصداقية والدقة والسرد العميق المفصل للأحداث، ومن هنا يمكن للناشرين تحقيق أرباح مستدامة سواء من خلال الإعلانات أو الاشتراكات».

في هذا السياق، أشارت شركة الاستشارات الإعلامية العالمية «ميديا سينس» إلى أن العام الماضي شهد ارتفاعاً في استثمارات الناشرين البارزين في إنتاج محتوى الفيديو، سواء عبر مواقعهم الخاصة أو منصّات التواصل الاجتماعي، بينما وجد تقرير الأخبار الرقمية من «معهد رويترز لدراسة الصحافة» - الذي نشر مطلع العام - أن الفيديو سيصبح منتجاً رئيسياً لغرف الأخبار عبر الإنترنت، وحدد التقرير الشباب بأنهم الفئة الأكثر استهلاكاً للمحتوى المرئي.

من جهة ثانية، عن استراتيجيات الاستقرار المالي للناشرين، أوضح أحمد سعيد العلوي، رئيس تحرير «العين الإخبارية» وشبكة «سي إن إن» الاقتصادية، أن العوائد المالية المستدامة لن تتحقق بمسلك واحد، بل إن ثمة استراتيجيات يجب أن تتضافر في هذا الشأن، وأوضح أن «قطاع الإعلام يواجه تغيّرات سريعة مع تزايد المنافسة بين المنصّات الرقمية وشركات التكنولوجيا الكبرى مثل (ميتا) و(غوغل) وغيرهما، كما تواجه هذه السوق تحدّيات كبيرة تتعلق بالاستقرار المالي واستقطاب المستخدمين، فلم يعد الاعتماد على نماذج الدخل التقليدية (سائداً)... وهو ما يفرض على وسائل الإعلام البحث عن طرق جديدة لتوفير الإيرادات وتقديم محتوى متميز يجذب الجمهور».

كذلك، أشار العلوي إلى أهمية الاعتماد على عدة استراتيجيات لضمان الاستقرار المالي لمنصات الأخبار. وعدّ المحتوى المرئي والمسموع إحدى استراتيجيات تحقيق الاستقرار المالي للناشرين، قائلاً: «لا بد من الاستثمار في المحتوى المرئي والمسموع، سواءً من خلال الإعلانات المُدمجة داخل المحتوى، أو الاشتراكات المخصصة للبودكاست والبرامج الحصرية، لكن التكيّف مع التغيرات السريعة في سوق الإعلام يدفع وسائل الإعلام لتطوير وتنويع مصادر دخلها، لتشمل عدة مسارات من بينها الفيديو».