الحراك العراقي يستعد للتصعيد عبر حملة «قطع الطرق»

هدوء حذر وسط بغداد... وأعمدة دخان فوق «المطعم التركي»

حواجز شبه مهجورة على جسر السنك في بغداد أمس بعد ليلة من المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن (أ.ب)
حواجز شبه مهجورة على جسر السنك في بغداد أمس بعد ليلة من المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن (أ.ب)
TT

الحراك العراقي يستعد للتصعيد عبر حملة «قطع الطرق»

حواجز شبه مهجورة على جسر السنك في بغداد أمس بعد ليلة من المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن (أ.ب)
حواجز شبه مهجورة على جسر السنك في بغداد أمس بعد ليلة من المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن (أ.ب)

عاد الهدوء الحذر، صباح أمس، إلى ساحتي الخلاني والوثبة، وسط بغداد، بعد ليلة من المواجهات الدامية بين عناصر قوات الشغب والمعتصمين على جسر السنك القريب من الساحتين أسفرت عن مقتل الناشط حسن الزيدي، وإصابة 27 متظاهراً، حالة أحدهم خطيرة.
ويؤكد ناشطون أن قوات الشغب، ولأسباب غير مفهومة، قامت عند الساحة السابعة من مساء الجمعة، بالتقدم إلى ساتر الصد الذي يتجمع عنده المحتجون فوق جسر السنك، وبادرت إلى إطلاق القنابل الصوتية والدخانية نحو المتظاهرين ما تسببت بسقوط الضحايا. وبعد نحو أكثر من ساعتين من المواجهات عاد الهدوء إلى المنطقة، وتراجعت قوات الشغب إلى مواقعها السابقة خلف الحاجز الأول فوق جسر السنك، في الجهة الثانية لنهر دجلة. وظهر أمس، ارتفعت أعمدة الدخان فوق بناية «المطعم التركي»، التي يسميها المحتجون «جبل أحد»، والمطلّة على ساحة التحرير قبل أن تختفي.
ويؤكد الناشطون أن الدخان نجم عن حرق المعتصمين لأكوام النفايات المتكدسة فوق سطح المبنى.
من جهة أخرى، تستعد جماعات الحراك العراقي إلى التحرك بعد انتهاء «مهلة الناصرية»، اليوم (الأحد).
وكان متظاهرو الناصرية، مركز محافظة ذي قار الجنوبية، قد حددوا أسبوعاً واحداً للسلطات العراقية لتنفيذ مطالب الحراك الاحتجاجي الذي انطلق، منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، المتمثلة باختيار رئيس وزراء جديد من خارج الأحزاب السياسية، ومحاسبة المتورطين في قتل المتظاهرين، وإقرار قانون جديد للانتخابات المبكرة التي يجب أن تديرها مفوضية جديدة وبإشراف أممي.
ومع المماطلة التي تبديها السلطة وقواها السياسية، في الاستجابة لمطالب المحتجين، ومع انتهاء «مهلة الناصرية»، يتوقع على نطاق واسع أن يشهد يوم غدٍ موجة غير مسبوقة من التصعيد الاحتجاجي يقوم خلالها المتظاهرون في بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق بحملة واسعة لقطع غالبية الطرق الحيوية والدولية في عموم المحافظات، تمهيداً لنصب سرادق الاعتصام فوقها لشل حركة التنقل في البلاد بهدف إرغام السلطات على تلبية مطالب المحتجين. ويُتوقع أن يتزامن مع الخطوة التصعيدية الجديدة إضراب عام لطلبة الجامعات والمدارس العراقية.
ومنذ تحديد مهلة الأسبوع التي أعلنها محتجو الناصرية، توالت الدعوات في عموم المحافظات للاستجابة لها. وفيما أطلق ناشطون في بغداد هاشتاغ «مليونية مع الناصرية»، صدرت عن محتجين في محافظات الديوانية وبابل والبصرة وميسان وواسط دعوات مماثلة للاستجابة والتضامن مع متظاهري ساحة «الحبوبي»، الذين يعدون من بين أكثر المتظاهرين إصراراً وعزماً على تحقيق المطالب رغم الخسائر من القتلى والجرحى الكبيرة، التي وقعت بين صفوفهم منذ نحو ثلاثة أشهر. وقد تداول ناشطون هتافات للمتظاهرين في «ساحة الحبوبي»، أمس، كذلك أظهرت صور انتشرت في مواقع التواصل، المتظاهرين في الناصرية وهم يباشرون استعداداتهم لقطع الطرق الرئيسة بالإطارات المحترقة غداً.
وفي بغداد، المركز الرئيسي للاحتجاجات يتهيأ ناشطون للتضامن مع «مهلة الناصرية». ويقول الناشط عمار النعيمي لـ«الشرق الأوسط» إن «المتظاهرين في بغداد سيعمدون، غداً (الاثنين)، إلى قطع طريق القناة الرئيس الرابط بين بغداد ومحافظة واسط، كما سيقطعون طريق محمد القاسم للمرور السريع، وطريق الدورة الذي يربط بغداد بمحافظتي بابل وكربلاء».
وعن أهم العوامل التي دفعت المتظاهرين والمعتصمين في الناصرية وبغداد وبقية المحافظات، يرى النعيمي أن «ثمة قناعة بدت تتبلور في الأسابيع الأخيرة بين صفوف المتظاهرين، مفادها أن السلطة وأحزابها تراهن على الوقت ولن تستجيب للمطالب، لذلك نرى أنها لم تنجز حتى الآن مطلباً واحداً من مطالب الحركة الاحتجاجية». ويضيف: «رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي ما زال في منصبه، ولم يصادق رئيس الجمهورية على قانون الانتخابات، كذلك لم تحدد الدوائر الانتخابية التي أقرها القانون، ولم نتعرف على خلفية أعضاء المفوضية الجديدة للانتخابات من القضاة». ويتابع: «الأهم من ذلك كله، لم تكشف حتى هوية القتلة الذين أزهقوا أرواح أكثر من 500 متظاهر، ولم يكلف البديل (غير الجدلي) لرئاسة الوزراء، ولم تتوقف عمليات القتل والاغتيال والخطف ضد الناشطين».
من جهتها، نفت شرطة محافظة ذي قار، أمس، دخول القوات الأمنية بحالة الإنذار الشديد «ج». وذكرت الشرطة، في بيان، أنها «تنفي ما تناقلته بعض شبكات التواصل الاجتماعي حول دخول القوات الأمنية في المحافظة حالة الإنذار (ج)، وتؤكد أن لا صحّة لذلك». وأشارت إلى أن «محافظتنا تشهد حالة من الاستقرار الأمني بجهود أبنائها من رجال الشرطة، وبإسناد الخيرين من أبناء المحافظة والمتظاهرين السلميين وعشائرنا الكرام».
ورغم البيان التطميني الذي أصدرته شرطة ذي قار، فإن ناشطين من الناصرية أبلغوا «الشرق الأوسط» أن «المدينة تشهد حالة ترقب غير مسبوقة، نظراً لانتهاء المدة التي منحها المتظاهرون للسلطات، وهناك مخاوف من أن تؤدي عمليات قطع الطرق إلى مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين في عموم المحافظات، وليس في ذي قار فقط».
واستجابة لدعوة «الناصرية»، قام محتجون في النجف، أمس، بحرق الإطارات وقطع عدد من شوارع المدينة.
وفي مؤشر على خشية مرجعية النجف من نتائج التصعيد الجديد بين السلطة والمتظاهرين، قام موقع العتبة العباسية الإلكتروني، أمس، بإعادة نشر جزء من خطبة المرجعية التي تلاها ممثلها في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقال فيها: «أكدت المرجعية الدينية العليا أن الإصلاح الحقيقي والتغيير المنشود في إدارة البلد ينبغي أن يتم بالطرق السلمية، وهو ممكن إذا تكاتف العراقيون».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.