إيران تتجه لإرسال الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة إلى أوكرانيا

طهران لا تمانع من فحصهما من خبراء فرنسيين وكنديين وأميركيين

جزء من جناح طائرة الركاب الأوكرانية في موقع التحطم بعد إصابتها بصاروخ جنوب طهران (رويترز)
جزء من جناح طائرة الركاب الأوكرانية في موقع التحطم بعد إصابتها بصاروخ جنوب طهران (رويترز)
TT

إيران تتجه لإرسال الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة إلى أوكرانيا

جزء من جناح طائرة الركاب الأوكرانية في موقع التحطم بعد إصابتها بصاروخ جنوب طهران (رويترز)
جزء من جناح طائرة الركاب الأوكرانية في موقع التحطم بعد إصابتها بصاروخ جنوب طهران (رويترز)

أفادت مصادر إيرانية، أمس، بأن السلطات بصدد إرسال الصندوقين الأسودين لطائرة الركاب الأوكرانية التي أسقطها الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري»، في حالة تأهب بعد إطلاقها صواريخ على أهداف أميركية في العراق، انتقاماً لضربة قتلت العقل المدبر لعمليات «الحرس» الاستخباراتية والعسكرية، قائد «فيلق القدس»، قاسم سليماني.
وأعلنت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن السلطات الإيرانية مستعدة كذلك لأن يفحص خبراء من فرنسا وكندا والولايات المتحدة بيانات هذين الصندوقين.
ولقي كل من كانوا على متن الطائرة حتفهم وعددهم 176 شخصا. وأُسقطت الطائرة بصاروخ الدفاعات الجوية التابعة لـ«الحرس الثوري» في الثامن من يناير (كانون الثاني) الحالي، بعد إقلاعها بوقت قصير، من طهران متجهة إلى العاصمة الأوكرانية كييف.
ونقلت الوكالة عن حسن رضائي فر رئيس اللجنة الإيرانية التي تحقق في الحادث بهيئة الطيران المدني قوله: «بالتعاون مع خبراء من فرنسا وكندا وأميركا، سنحاول قراءة (بيانات الصندوق) في كييف». وأضاف: «إذا لم ينجح هذا الجهد، فسيتم إرسال الصندوق الأسود إلى فرنسا»، مشدداً على أن الصندوقين الأسودين لن يتم قراءة بياناتهما في إيران.
وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، الذي يضغط من أجل إجراء تحقيق كامل في واقعة إسقاط الطائرة، أول من أمس، إن على إيران إرسال الصندوقين الأسودين إلى فرنسا لتحليلهما.
وقال ترودو في مؤتمر صحافي بأوتاوا إن فرنسا من الدول القليلة التي لديها القدرة على تحليل بيانات الصندوقين الأسودين بعد تلفهما بشدة.
ومنذ إعلان «الحرس الثوري» مسؤوليته عن إسقاط الطائرة بـ«الخطأ»، لم تستبعد دول الضحايا المنكوبة سيناريو الإسقاط المتعمّد للطائرة.
واعترفت طهران بعد أيام من الإنكار، ما أدى إلى نزول الإيرانيين للشارع في مظاهرات مناهضة للسلطات. وشهدت عدة مدن إيرانية احتجاجات، كان أكبرها في العاصمة طهران، وبدت بشكل واضح أقلّ حجماً من موجة الاحتجاجات في نوفمبر (تشرين الثاني) على ارتفاع سعر الوقود، التي شهدت قمعاً دامياً أدى إلى مقتل ما لا يقلّ عن 1500 شخصاً بحسب ما نقلت وكالة «رويترز» عن ثلاثة مسؤولين في وزارة الداخلية الإيرانية.
ونقلت وكالة «رويترز» عن خبراء قانونيين إن أسر 176 شخصاً لقوا حتفهم في كارثة الطائرة بصدد معركة قانونية معقدة، سيكون فيها دعم حكومات دول الضحايا ضرورياً لدى سعيهم للحصول على تعويضات.
ويرى محامون أن كثيراً من أقارب وذوي الضحايا سيكونون مستحقين تلقائياً لتعويضات تُقدّر بما يوازي 170 ألف دولار من الخطوط الأوكرانية الدولية بموجب معاهدة مونتريال الموقعة في 1999 التي تحدد المسؤولية القانونية على شركات الطيران، في حالة موت أو إصابة الركاب لكن يحق لهم المحاولة للمطالبة قضائياً بتعويضات إضافية. لكن آخرين قد يكونون مستحقين لمبلغ أقل بكثير.
فإيران ليست عضواً في «معاهدة مونتريال»، ولم توقّع إلا على المعاهدة السابقة عليها والأقل مرونة، المعروفة باسم «معاهدة وارسو». ونظرياً يعني ذلك، وفقاً لمحامين، أن أسر الضحايا الذين يعيشون في الخارج وكانوا عائدين من إيران لبلادهم عندما تم إسقاط الطائرة في الثامن من يناير قد تحصل على مبلغ التعويض المذكور كاملاً، بينما مَن كانوا على متن الطائرة بتذكرة ذهاباً فقط أو بدأوا رحلتهم من إيران أو أفغانستان، لن يحق لهم الحصول إلا على 25 ألف دولار فقط بموجب «معاهدة وارسو». وكان بعض ركاب الطائرة المنكوبة من الأفغان.
وقالت شركة الطيران، التي تذكر في قواعدها المعلنة كلا المعاهدتين، إن ليس بالإمكان أن تعلق بشأن تطبيق أيهما لحين استكمال الإجراءات القانونية.
وقالت الحكومة الأوكرانية حتى الآن إنها ستطبق بنود «معاهدة مونتريال» على المتضررين من مواطنيها. ولا تسمح القواعد المتبعة دولياً بملاحقة شركات الطيران قضائياً في أكثر فئة صرامة في هذا المجال، وهي التعويضات «التأديبية». وبالتالي يقول أغلب المحامين إن الأسر سيتعين عليها البدء في عملية شديدة التعقيد لمقاضاة إيران، وهو احتمال يُعتبَر فيه الدعم السياسي أمراً حيوياً.
وقال جاستن جرين من شركة «كرايندلر آند كرايندلر» القانونية: «إيران عليها التزام معنوي تجاه الأسر، وسيتطلب الأمر دعماً سياسياً من كندا وأوكرانيا والدول المعنية الأخرى لضمان أن إيران ستفي بذلك الالتزام».
وقالت خمس دول كانت لديها رعايا على متن الطائرة المنكوبة إن على إيران دفع تعويضات لأسر الضحايا، لكن تلك الدول لم تفصح بعد عن طبيعة المساندة التي تعتزم تقديمها لتحقيق تلك المطالبة.
وأبدت إيران أسفها العميق على إسقاط الطائرة، ووعدت بدعم الأسر، لكنها لم تناقش بعد مسألة التعويضات.
ومقاضاة أي مواطن لدولة مسألة تواجه عقبات كبرى، بما يشمل تردد كثير من المحاكم في الخوض في تحدّ قانوني للحصانة السيادية للدول. ولم يُعرَف بعد ما إذا كانت إيران ستحتمي بتلك الحصانة.
ويقول محللون في إيران إن إطلاق السلطات الإيرانية على ضحايا تحطم الطائرة لقب «شهداء» يجعل من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، اتخاذ إجراء ضد الدولة بسبب حساسية التعامل مع فكرة «الاستشهاد».
وقارن بعض المراقبين بين الكارثة وإسقاط مدمرة أميركية في 1988 لطائرة تابعة للخطوط الجوية الإيرانية، الذي راح ضحيته 290 شخصاً، وأدى لمقاضاة إيران للولايات المتحدة.
ويرى آخرون أن الأجواء المضطربة للدبلوماسية في الشرق الأوسط تماثل تلك التي سادت وقت أزمة «لوكيربي» القانونية بعد تفجير طائرة تابعة لشركة «بان إم» فوق المدينة الاسكوتلندية في 1988، مما أودى بحياة 250 شخصاً.
وقال جرين، الذي مثلت شركته حقوق ضحايا «لوكيربي»، إن ضغط الحكومة الأميركية بما شمل فرض عقوبات على ليبيا كان أساسياً في الحصول في النهاية على تسوية قدرها 2.7 مليار دولار من الحكومة الليبية.
أما الجزء الأخير من التسوية، فقد ظهر في اتفاق أوسع نطاقاً بين ليبيا والولايات المتحدة لتهدئة توتر دام لسنوات بين طرابلس والغرب.



خامنئي: غرفة عمليات أميركية - إسرائيلية أطاحت بالأسد

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
TT

خامنئي: غرفة عمليات أميركية - إسرائيلية أطاحت بالأسد

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، اليوم (الأربعاء)، إن الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد كانت نتيجة خطة وضعتها الولايات المتحدة وإسرائيل، نافياً تراجع دور إيران في المنطقة.

وأضاف أن «إحدى الدول المجاورة لسوريا كان لها دور أيضاً». ولم يذكر تلك الدولة بالاسم لكن بدا أنه يشير إلى تركيا التي تدعم معارضين مسلحين مناهضين للأسد. ويُنظر للإطاحة بالأسد على نطاق واسع على أنها ضربة كبيرة للتحالف السياسي والعسكري المسمى «محور المقاومة» بقيادة إيران، الذي يعارض النفوذ الإسرائيلي والأميركي في الشرق الأوسط.

وقال خامنئي في كلمة نشرها موقعه الرسمي إن «ما حصل في سوريا كان مخططاً له بشكل أساسي في غرف عمليات بأميركا وإسرائيل. لدينا دليل على ذلك. كما شاركت حكومة مجاورة لسوريا في الأمر»، وأضاف أن تلك الدولة الجارة كان لها «دور واضح ومتواصل للقيام بذلك» في إشارة ضمنية إلى تركيا.

وكانت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي التي تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي في شمال سوريا بعد عدة توغلات عبر الحدود ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية، داعماً رئيسياً لجماعات المعارضة المسلحة التي سعت للإطاحة بالأسد منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب ونشرت «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة. وبعد ساعات من سقوط الأسد، قالت إيران إنها تتوقع استمرار العلاقات مع دمشق بناء على «نهج بعيد النظر وحكيم» للبلدين، ودعت إلى تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع فئات المجتمع السوري.

وقال خامنئي في كلمته أيضاً إن التحالف الذي تقوده إيران سيكتسب قوة في أنحاء المنطقة بأكملها، وأضاف: «كلما زاد الضغط... تصبح المقاومة أقوى. كلما زادت الجرائم التي يرتكبونها، تأتي بمزيد من التصميم. كلما قاتلت ضدها زاد توسعها»، وأردف قائلاً: «إيران قوية ومقتدرة، وستصبح أقوى».

كما نقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن خامنئي قوله إن المخابرات الإيرانية حذرت الحكومة السورية بوجود تهديدات لاستقرارها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مضيفاً أن دمشق «تجاهلت العدو».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، للتلفزيون الرسمي إن «الاستخبارات الإيرانية والسورية كانتا على دراية كاملة بتحركات إدلب، وتم إبلاغ الحكومة السورية بذلك»، لافتاً إلى أن طهران «كانت تتوقع حدوث هذا السيناريو» بناءً على المعلومات التي وصلت إليها.

وأشار عراقجي إلى أن الأسد أبدى «انزعاجه واستغرابه» من الجيش السوري.

ونفى مكتب علي لاريجاني، ما قاله محلل مقرب من السلطات للتلفزيون الرسمي بشأن عرض إيراني للأسد في اللحظات الأخيرة، يقضي بحض جيشه على الوقوف بوجه المعارضة السورية لمدة 48 ساعة، حتى تصل قوات إيرانية إلى سوريا.

وقال المحلل، مصطفى خوش جشم، في تصريح لـ«القناة الرسمية الثانية»، إن لاريجاني التقى بشار الأسد، الجمعة، وسأله عن أسباب عدم التقديم بطلب لإرسال قوات إيرانية إلى سوريا. وفي المقابلة التي أعادت بثها وكالة «مهر» الحكومية، صرح خوش جشم بأن الأسد قال للاريجاني: «أرسلوا قوات لكنني لا يمكنني إعادة معنويات هذا الجيش»، وأوضح المحلل أن «تصريح الأسد كان اعترافاً منه وكرره عدة مرات»، وتابع: «ماذا يعني ذلك، عندما قال بصراحة: تقرر أن يتدخل الجيش ويعمل لمدة يومين حتى تصل القوات الإيرانية ومستشاروها، وهو ما حدث جزئياً»، ولفت إلى أن «جماعات (محور المقاومة) هي التي تسببت في إيقاف زحف المسلحين في حمص لبعض الساعات»، وأضاف في السياق نفسه: «لكن عندما كانت أفضل قواتنا تعمل هناك، الجيش توقف عن العمل، وانضمت له وحدات الدفاع الشعبي السورية، ونحن بقينا وحدنا، حتى لم يقفوا يوماً واحداً لكي نبقى».