تراجع التصعيد لم يبدد العوائق أمام إعلان الحكومة

أسهمت الاتصالات في الحدّ من التصعيد بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المردة» الذي ألغى رئيسه سليمان فرنجية، مؤتمره الصحافي الذي كان مقرراً أمس، إفساحاً في المجال أمام المباحثات لحلحلة العقد التي تحول دون إعلان الحكومة، والمرتبطة بشكل أساسي بالخلاف حول حجم تمثيل الكتل و«الثلث المعطل» لأحد الفريقين المختلفين في الحكومة، في وقت دفعت الولايات المتحدة باتجاه تنفيذ «الإصلاحات الضرورية للاستجابة لمطالب الشعب لإنهاء الفساد المستشري».
وجدّد مسؤول في السفارة الأميركية في بيروت دعوة كل الجهات اللبنانية إلى الامتناع عن ممارسة العنف. ودعا في حديث تلفزيوني السلطات المعنية إلى حماية حق التظاهر والاحتجاج السلمي. واعتبر «أن اختبار كل حكومة يكون من خلال أفعالها»، قائلاً إنه «على القيادات اللبنانية أن تلتزم وتطبّق الإصلاحات الضرورية للاستجابة إلى مطالب الشعب لإنهاء الفساد المستشري وتعزيز الحوكمة».
وتواصلت الاتصالات، أمس، على خط رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، لحلحلة العقد، وسط تبادل اتهامات بين باسيل وخصومه السياسيين بأن أحدهما يسعى للحصول على الثلث المعطل في الحكومة. وقالت مصادر مواكبة إن إرجاء فرنجية للمؤتمر الصحافي جاء لتبريد الأجواء وتجنب التصعيد مع باسيل، في حين ذكرت معلومات أن فرنجية يسعى لعدم حصول باسيل على 6 وزراء، وإلا سيطالب فرنجية بوزير آخر إلى جانب وزير يحمل حقيبة الأشغال من حصته.
وبقي الرئيس المكلف حسان دياب، مصراً على موقفه بعدم توسعة الحكومة إلى 20 وزيراً، وهو مطلب كان قد طرحه عليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري في لقائهما الأخير، إفساحاً في المجال لزيادة التمثيل الدرزي في الحكومة إلى وزيرين والتمثيل الكاثوليكي إلى وزيرين أيضاً، وهو ما تدور حوله الاتصالات الأخيرة، إلى جانب اتصالات تولاها «حزب الله» بين حليفيه فرنجية وباسيل لحلحلة العقدة المسيحية وتجنب التصعيد.
ونقلت وكالة الأنباء «المركزية» عن مصادر قولها «إن المساعي التي بُذلت ركزت على أهمية أن يبقى فرنجية من فريق الأكثرية النيابية التي ستتحكم بالمرحلة المقبلة، وأن غيابه عن الحكومة لن يكون من مصلحته»، لافتةً إلى أن «الظروف التي تحيط بالمنطقة ولبنان تدعو بإلحاح إلى تشكيل الحكومة بالسرعة القصوى لمواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية، وأن الضغوط الدولية بلغت مرحلة متقدمة لا يمكن تجاهلها». وقالت المصادر التي تراقب عملية التأليف «إن تراجع فرنجية عن مطالبه يعني تلقائياً حل عقدة باسيل، وهو ما سيؤدي إلى فتح الطريق أمام المراحل الدستورية المتبقية لولادة الحكومة في الساعات الـ48 المقبلة».
ويعمل «حزب الله» على تذليل العقد وإرضاء كل الأطراف، بهدف توفير ثقة للحكومة، وهو ما لم يخفه النائب حسن فضل الله بقوله إن «البلد يحتاج إلى حكومة تحظى بثقة نيابية، وبالتالي لا بد للرئيس المكلف من أن يتفاهم مع رئيس الجمهورية والكتل التي ستمنحه الثقة، فهذه هي القواعد التي يريد البعض أن يخرج عنها، لأن هناك من لا يسمع صوت وصرخة الشعب الحقيقية، وهناك أناس في البلد لا يستشعرون وجع الناس وآلامهم، ولا يبالون بارتفاع سعر الدولار والمواد الغذائية والتموينية، فهم يعيشون في عالم آخر لحساباتهم الخاصة، ولا يريدون أن يشاركوا ولا أن يتركوا الآخرين ليشكّلوا حكومة».
وفي مؤشر على التعقيدات الأخرى المرتبطة بتمثيل الدروز والكاثوليك، أكد النائب ميشال ضاهر، في مقابلة إذاعية أن «الطائفة الكاثوليكية هي الأكثر انفتاحاً ومن أوائل المطالبين بإلغاء الطائفية السياسية، ولكنْ هناك فرق بين عدالة التمثيل وبين الطائفية، فمع كامل الاحترام للطائفتين الكريمتين الدرزية والأرمنية، ولكن الدروز يتمثلون بـ8 نواب في المجلس النيابي والأرمن بـ6 نواب والكاثوليك بـ8، فأين العدالة بتمثيل الدروز والأرمن بحقيبتين وزاريتين والكاثوليك بحقيبة واحدة؟».
وتواجه طريقة تشكيل الحكومة اعتراضات، إذ أوضح النائب شامل روكز، أن «مسار تشكيل الحكومة انطلق، وهو مسار محاصصة ومعاكس للواقع»، لافتاً إلى أن «المبدأ الذي تتشكل به الحكومة مستمر على حاله وكما كان قبل انتفاضة 17 تشرين وكأن شيئاً لم يحصل»، سائلاً: «إذا كانت الحكومة لن تأخذ ثقة الشعب فكيف ستأخذ ثقتنا؟». ورأى روكز في تصريح إذاعي أن «الحكومة العتيدة هي حكومة الأكثرية النيابية واللون الواحد وهي بعيدة عن حكومة الوحدة الوطنية».