تسير الأوضاع العراقية هذه الأيام نحو مزيد من التعقيد والتوتر، نتيجة حملة التصعيد التي تقوم بها جماعات الحراك ضد السلطات لإرغامها على تنفيذ المطالب، من جهة، والمظاهرات المليونية التي دعا إليها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ضد الوجود الأميركي في العراق، من جهة أخرى.
وتتواصل منذ نحو أسبوع حالة السجال والانتقادات المتبادلة بين المؤيدين لمظاهرات الصدر والمنتقدين لها. فالمؤيدون، وجلّهم من الصدريين وأتباع الفصائل الموالية لإيران، يرون في خروج القوات الأميركية من العراق، أولوية تتقدم على بقية الأهداف والأوليات العراقية، نظراً لما يمثله «الوجود الأميركي من خطر على استقلال وسيادة البلاد» كما يقولون، خصوصاً بعد الغارة الجوية التي نفّذها الطيران الأميركي على مواكب قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، مطلع الشهر الجاري، قرب مطار بغداد وأدت إلى مقتلهما.
في مقابل ذلك، ترى الاتجاهات المنتقدة لمليونية الصدر، أنها «تمثل محاولة للتشويش على حركة الاحتجاجات وصرف الأنظار عن مطالبها المحقة والتمسك بقضايا هامشية وغير ملحّة، مثل قضية الانسحاب الأميركي من البلاد».
وعلى الرغم من سعي مقتدى الصدر إلى تطمين جماعات الاحتجاج عبر تغريدة قال فيها، أول من أمس: «أيها الثوار الشجعان ضد الفساد استمروا ونحن معكم، فلا أنتم خارجيون ولا نحن تبعيون، بل نحن وإياكم عراقيون ما حيينا»، فإن الانتقادات الموجهة إلى المظاهرة المليونية التي حددت الجمعة المقبلة موعداً لانطلاقها ما زالت متواصلة.
وإلى جانب التساؤلات الكثيرة حول مغزى دعوة الصدر، من مدينة قم الإيرانية، إلى مظاهرات مليونية ضد الوجود الأميركي وما يعني ذلك من انحياز الصدر لأحد أطراف الصراع في العراق، تقول مصادر قريبة من تيار الصدر، إن «مقتدى الصدر يسعى في هذه المرحلة إلى التنفيس عن غضب الفصائل المسلحة المجروحة من مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، عبر دعوته لمظاهرة ضد الوجود الأميركي». وتؤكد المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «الصدر يسعى إلى كسب ود بعض الفصائل بهدف احتوائها وعدم السماح لها بالقيام بعمليات انتقامية عسكرية ضد الأميركيين، ما قد يؤدي إلى ردات فعل مقابلة تضيف المزيد من التعقيد على أوضاع البلاد المعقدة أصلاً، وهو يسعى للضغط على الأميركيين عبر المظاهرات ومجلس النواب لتلافي الصدام المسلح معهم».
ويشير المصدر إلى أن «الصدر اشترط على الفصائل المسلحة أن يحصل أحد مساعديه على منصب نائب رئيس هيئة الحشد السابق أبو مهدي المهندس الذي قُتل في الغارة الأميركية، في مقابل القبول برئاسة هادي العامري للهيئة».
وعلى الرغم من عدم تحديد المكان النهائي لإقامة المظاهرة المليونية في بغداد، يرى المصدر أن «التوقعات تشير إلى أن المظاهرة المليونية ستقام في ساحة الاحتفالات الكبرى في المنطقة الخضراء، بحكم قربها من السفارة الأميركية وكي لا تقترب من ساحات الاحتجاج التقليدية في بغداد».
وكان المدون صالح محمد العراقي، المقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، علق أول من أمس، على «المظاهرات المليونية» المرتقبة. قائلاً: «مليونية لكنها يجب ألا تكون كسابقاتها بل أكبر وأكثر عدداً لأنها تحدد مصير الوطن وسيادته واستقلاله وحريته». وأضاف: «شكراً لمن يساند وطنه، والغفران لمن لا يساند وطنه». وختم العراقي منشوره بوسم «زحف_مليونية نحو السيادة والاستقلال». ووجه العراقي خلال اليومين الأخيرين دعوات متلاحقة إلى أتباع الصدر للخروج مع عوائلهم والالتحاق بالمظاهرة المليونية.
سجال بين منتقدي مقتدى الصدر ومؤيديه
غداة دعوته لمظاهرات مليونية ضد الوجود الأميركي
سجال بين منتقدي مقتدى الصدر ومؤيديه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة