الناطق العسكري باسم عبد المهدي: نراجع الاتفاقية الأمنية مع واشنطن

ترمب لبحث الانسحاب مع الرئيس العراقي في دافوس

TT

الناطق العسكري باسم عبد المهدي: نراجع الاتفاقية الأمنية مع واشنطن

فيما لم يصدر من الرئاسة العراقية نفي أو تأكيد بشأن ما نقلته قناة «سي إن إن» حول عزم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مناقشة الانسحاب من العراق مع الرئيس برهم صالح، خلال مؤتمر دافوس هذا الأسبوع، أعلنت بغداد أنها تجري حواراً مع واشنطن حول الاتفاقية الأمنية بين البلدين.
وقالت القناة الأميركية، طبقاً لمصادرها، إن الرئيس الأميركي يعتزم التحدث مع الرئيس برهم صالح، في المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يعقد من 21 إلى 24 يناير (كانون الثاني) الحالي في منتجع دافوس السويسري، حول خروج قواته من العراق. ونقلت القناة الأميركية، عن مصادرها في الإدارة الأميركية، أنه «تجري حالياً مشاورات حول تفاصيل جدول أعمال اجتماع رئيسي الدولتين، والبيت الأبيض متفائل بشأن إمكانية إجراء مثل هذه المفاوضات».
كان البرلمان العراقي اعتمد يوم 5 يناير قراراً يطالب بانسحاب جميع القوات الأجنبية من البلاد. ولكن ترمب رفض الانصياع لهذا الطلب، وهدد بغداد «بفرض عقوبات غير مسبوقة». وكانت هجمات الجيش الأميركي منذ يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي على «الحشد الشعبي»، واغتياله نائب قائده أبو مهدي المهندس والجنرال الإيراني قاسم سليماني، قرب مطار بغداد، أثارت ردة فعل واسعة من قبل السلطات العراقية التي انتقدت تصرفات الأميركيين.
إلى ذلك، أكد اللواء الركن عبد الكريم خلف، الناطق العسكري باسم رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أن «الحكومة العراقية تجري حوارات مع الولايات المتحدة بشأن العلاقات الأمنية، وللعراق ملاحظات وطروحات تتعلق بهذا الملف، وسيعمل على أن يكون كل شيء لا يتضارب مع سيادته». وأضاف خلف أن «المفاوضات لم تنته بعد».
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، قال مصدر حكومي عراقي إن «هناك تواصلاً بين الحكومتين العراقية والأميركية حول مستقبل القوات الأميركية في العراق، والرغبة المشتركة بينهما تكمن في أن تبدأ المفاوضات وتستمر لأشهر أو سنة».
في هذا السياق، يقول الدكتور معتز محي الدين، رئيس المركز الجمهوري للدراسات الأمنية والاستراتيجية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المباحثات بين الجانبين سوف تكون حوارات القوي والضعيف، لأن العراق وقع اتفاقيات مع الأميركيين، وعليه بموجبها التزامات قانونية، بالإضافة إلى البعد الزمني الخاص بها». وأضاف محي الدين أن «هناك خطة لمدة أربع سنوات كان وقعها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي خلال زيارته للولايات المتحدة تتضمن تسليح وتأهيل كافة القيادات العسكرية التي اشتركت في المعارك ضد تنظيم (داعش)، ولهذا فإن القوات الأميركية موجودة في العديد من المعسكرات العراقية، لهذا الغرض، وليس في القواعد المخصصة لها، وبالتالي فنحن حيال إشكاليات قانونية من شأنها أن تحدد آليات وطبيعة هذا الحوار».
وأوضح أن «المباحثات بين الجانبين سوف تستغرق وقتاً طويلاً، لأن الجانب الأميركي ملتزم بما وقع عليه، كما أنه لا يتخلى بسهولة عن العراق، ويدفع ثمن ما خسره من أموال طائلة لأغراض التسليح والتدريب، فضلاً عن وجود أطراف سياسية أخرى أعلنت مواقف صريحة بأنها ضد الانسحاب الأميركي من البلاد، وكذلك القوى السنية»، مبيناً أن «هناك تصريحات من أعضاء في الكونغرس الأميركي أكدت أن كردستان لا يمكن أن تكون بديلاً عن باقي مناطق العراق لإقامة قواعد، يضاف إلى ذلك أن الحكومة الحالية هي مجرد حكومة تصريف أعمال، ولا تملك ثقلاً سياسياً أو رسمياً في إجراء حوارات من هذا الطراز، وبالتالي فإن كل هذه التصريحات هي للاستهلاك الإعلامي، بالإضافة إلى محاولة إرضاء بعض القوى والأحزاب الدينية التي تضغط باتجاه انسحاب الأميركيين من العراق أو إلغاء الاتفاقيات».
وشدد محي الدين على أن «العراق يمكن أن يتعرض لعقوبات اقتصادية، سواء من قبل الولايات المتحدة، أو حتى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، حيث إن هناك العديد من القوات المحسوبة على (الناتو) تتولى تدريب قوات الشرطة العراقية، ومنها قوات إيطالية لديها مشروع لتدريب قيادات وكذلك قوات مكافحة الشغب، أو قوات لحراسة منشآت حيوية مثل سد الموصل، وكذلك الألمان لديهم قوات لتدريب البيشمركة في إقليم كردستان».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».