سكان الأمازون الأصليون في مواجهة خطط حكومة بولسونارو

وضعت اللمسات الأخيرة لاستغلال أراضيهم لاستخراج المعادن وبناء محطات توليد الطاقة

رجل من سكان الأمازون الأصليون
رجل من سكان الأمازون الأصليون
TT

سكان الأمازون الأصليون في مواجهة خطط حكومة بولسونارو

رجل من سكان الأمازون الأصليون
رجل من سكان الأمازون الأصليون

فيما كانت مجموعات السكان الأصليين في منطقة الأمازون البرازيلية تنطلق في مظاهرات حاشدة وتوحّد صفوفها لأول مرة منذ 40 عاماً لتحتجّ على تدهور الأوضاع البيئية وخطط الحكومة الجديدة لاستغلال الثروات المعدنية في مناطقها، كانت وسائل الإعلام المحلية والدولية تسلّط أضواءها على قرار الرئيس جايير بولسونارو إقالة وزير الثقافة روبرت آلفيم بسبب اقتباسه من المنظّر النازي جوزيف غوبيلر في شريط فيديو يعرض فيه برنامج وزارته لتشجيع الفنون الوطنية في البرازيل.
وقد أثارت تصريحات الوزير، الذي يعدّ مقرّباً جداً من بولسونارو، احتجاجات قاسية من الجالية اليهودية البرازيلية عقبتها انتقادات من رئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة العليا وموجة واسعة من الاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي، ما دفع بولسونارو إلى إقالته، مؤكداً رفضه لكل العقائد التوتاليتارية والإبادية. لكن الأزمة التي أثارتها تصريحات الوزير، لم تحجب الصدى الواسع لتحرّكات زعماء مجموعات السكّان الأصليين الذين يعيشون في أدغال الأمازون والمؤتمر الذي عقدوه في إحدى المحميّات الطبيعية المهددة بالاستغلال، حيث اتفقوا على استراتيجية لمقاومة خطة الحكومة الجديدة لاستيعابهم والسماح باستغلال أراضيهم لأغراض تجارية.
وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر قال راوني ميتوكيتري، وهو أحد الزعماء التاريخيين للسكان الأصليين الذي أصبح على أبواب التسعين من عمره: «هذا اللقاء ليس لوضع خطة حرب أو مواجهة. نحن هنا من أجل الدفاع عن شعبنا وقضيتنا وأرضنا. أرجو أن تفهم الحكومة ذلك وألا تدفعنا نحو مرتبة أخرى من الاحتجاج».
وتجدر الإشارة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تتحرّك فيها مجموعات السكان الأصليين بهذا الشكل الموحّد والمنظّم، منذ ثمانينات القرن الماضي لضمان مشاركتهم في المرحلة التأسيسية التي عقبت سقوط الديكتاتورية العسكرية. وتواجه هذه المجموعات حالياً، إضافة إلى تداعيات الأزمة المناخية التي تسببت في حرائق غير مسبوقة في الصيف الماضي، تهديداً مباشراً من حكومة بولسونارو التي تفيد المعلومات الصحافية بأنها في صدد وضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون يسمح باستغلال أراضي السكّان الأصليين لاستخراج المعادن والنفط والغاز، وبناء محطات ضخمة لتوليد الطاقة الكهرومائية.
يُذكر أن الرئيس البرازيلي كان قد كرّر مراراً خلال حملته الانتخابية أن السكّان الأصليين «رهائن المنظمات غير الحكومية التي تمعن في إبقائهم تحت خط الفقر وتحول دون استغلالهم للثروات الطبيعية الضخمة التي تختزنها أراضيهم». وكان بولسونارو قد ذكر في تصريح له قبل انتخابه، أن السكان الأصليين، الذين يناهز عددهم المليون في منطقة الأمازون ويوزعون على 225 مجموعة عرقية، «يجب إدماجهم في المجتمع وليس تربيتهم في حدائق للحيوانات تساوي المليارات».
ويهدف هذا التحرّك الجديد للسكان الأصليين إلى إحياء تحالف الشعوب التي تعيش في غابة الأمازون الذي أسسه الناشط الشهير تشيكو مينديس في ثمانينات القرن الماضي، للنهوض بأوضاع تلك المنطقة في برنامج للتنمية المستدامة. وقد اغتيل مينديس في عام 1988، بعد أن نجا من عدة محاولات لاغتياله، وأصبح رمزاً عالمياً لشهداء الحركة البيئية. وفي كلمة ألقتها أمام المؤتمر، قالت ابنة مينديس: «كان والدي يردّد أن الغابة تحمينا من الأخطار، لكن الحكومة اليوم تعاملنا كأعداء. حاولنا التواصل مع الحكومة عندما تسلّمت مهامها، كما فعلنا مع الحكومات السابقة، لكنها أوصدت جميع الأبواب في وجهنا».
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة اليمينية المتطرفة التي تشكّلت بعد فوز بولسونارو قد ألغت عدداً كبيراً من البرامج والإجراءات التي كانت مخصصة لمساعدة السكّان الأصليين وحماية تراثهم وتقاليدهم، ورفضت تحديد الأراضي التي يعيشون فيها والتي تقدّر بنحو 15 في المائة من مساحة البرازيل.
ويذكر أيضاً أن الضغوط التي يتعرّض لها السكّان الأصليّون بهدف استغلال الأراضي التي يعيشون فيها قد ازدادت مع وصول بولسونارو إلى الحكم، حيث إن 5 من زعمائهم قد اغتيلوا منذ مطلع الشهر الماضي، فيما ازداد عدد الحرائق المفتعلة وتعرية مساحات شاسعة لتحويلها إلى مناطق زراعية.
وينصّ مشروع القانون الذي تعدّه الحكومة على استمزاج السكّان الأصليين قبل السماح بتنفيذ مشاريع استغلال الأراضي التي يعيشون فيها، لكنه لا يعطيهم الحق لمنع تنفيذها. ورغم أن السماح باستغلال الثروات الطبيعية في المحميات الطبيعية التي يعيش فيها السكّان الأصليون كان من الوعود الرئيسية التي قامت عليها انتخاب بولسونارو، فإن الحكومة تدرك مدى الاعتراض على هذه السياسة في الداخل والخارج، خصوصاً أن المفوضية الأوروبية الجديدة قد جعلت من السياسة البيئية عنواناً رئيسياً لولايتها. وهذا ما دفع وزارة المعادن والطاقة إلى عقد لقاء مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي لتقديم المشروع، إدراكاً منها أن سياسة الحكومة البيئية ستكون حاسمة عند تصديق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على اتفاق التجارة الحرة الذي أبرم مؤخراً بين الاتحاد ومجموعة مركوسور التي تنتمي إليها البرازيل.
ويذكر أن الحرائق الأخيرة التي شهدتها منطقة الأمازون تسببت في أزمة دبلوماسية خطيرة بين البرازيل وفرنسا عقب التصريحات التي تراشق بها بولسونارو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.


مقالات ذات صلة

عمالقة التكنولوجيا يخطبون ودّ ترمب… بالملايين

الولايات المتحدة​ مؤسس شركة «أمازون» الأميركية العملاقة جيف بيزوس متحدثاً في لاس فيغاس (أ.ب)

عمالقة التكنولوجيا يخطبون ودّ ترمب… بالملايين

اصطف مليارديرات صناعة التكنولوجيا الأميركيون، وآخرهم مؤسس «أمازون» جيف بيزوس، لخطب ود الرئيس المنتخب قبل عودته للبيت الأبيض من خلال تبرعات بملايين الدولارات.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شعار شركة «أمازون» في مركز لوجيستي للشركة في فرنسا - 8 أغسطس 2018 (رويترز)

بعد «ميتا»... «أمازون» ستتبرع بمليون دولار لصندوق تنصيب ترمب

تعتزم شركة «أمازون» التبرُّع بمليون دولار لصندوق تنصيب دونالد ترمب، ضمن خطوات لشركات التكنولوجيا العملاقة لتحسين العلاقة مع الرئيس الأميركي المنتخَب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال جولته في الأمازون (أ.ف.ب)

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

يزور جو بايدن الأمازون ليكون أول رئيس أميركي في منصبه يتوجه إلى هذه المنطقة، في وقت تلوح فيه مخاوف بشأن سياسة الولايات المتحدة البيئية مع عودة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (أمازوناس)
أميركا اللاتينية أطفال يمشون على شريط رملي في طريقهم إلى المدرسة في مجتمع سانتو أنطونيو في نوفو أيراو، ولاية أمازوناس، شمال البرازيل، 1 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

الجفاف في منطقة الأمازون يعرّض نحو نصف مليون طفل للخطر

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يوم الخميس، إن ندرة المياه والجفاف يؤثران على أكثر من 420 ألف طفل في 3 دول بمنطقة الأمازون.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الولايات المتحدة​ جيف بيزوس مؤسس شركة «أمازون» (رويترز)

جيف بيزوس يهنئ ترمب على «العودة غير العادية... والنصر الحاسم»

هنأ جيف بيزوس، مؤسس شركة «أمازون»، دونالد ترمب على «العودة السياسية غير العادية والنصر الحاسم» بعد فوز المرشح الجمهوري بالإنتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.