طهران مطالبة بتسليم الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة إلى فرنسا

طالبت كندا إيران بإرسال الصندوقين الأسودين للطائرة الأوكرانية التي أسقطت بصاروخين لـ«الحرس الثوري» الأسبوع الماضي، إلى فرنسا، وذلك بعد أقل من ساعتين على مباحثات وزيري الخارجية الكندي والإيراني في عمان.
والتقى وزير الخارجية الكندي فرانسوا - فيليب شامبين نظيره الإيراني محمد جواد ظريف أمس في العاصمة العمانية مسقط، لبحث إسقاط إيران طائرة ركاب أوكرانية راح ضحيته جميع من كانوا على متنها وعددهم 176 شخصا بينهم 57 كنديا.
وحث رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إيران أمس على إرسال مسجلي محادثات قمرة القيادة وبيانات الرحلة للطائرة الأوكرانية التي تحطمت قرب طهران إلى فرنسا لتحليلهما، وقال إن أولى رفات الضحايا يجب أن تعود قريبا إلى كندا.
وأفادت «رويترز» عن ترودو قوله في مؤتمر صحافي في أوتاوا إن فرنسا من الدول القليلة التي لديها القدرة على تحليل بيانات الصندوقين الأسودين بعد تلفهما بشدة. وقال: «إيران ليس لديها مستوى الخبرة الفنية وخاصة المعدات اللازمة التي تجعلها قادرة على تحليل هذين الصندوقين الأسودين التالفين بسرعة».
وأضاف ترودو: «هناك بداية لتوافق على أن... (فرنسا) ستكون المكان المناسب لإرسال هذين الصندوقين الأسودين إليه للحصول على المعلومات الصحيحة منهما بطريقة سريعة، وهذا هو ما نحث السلطات الإيرانية عليه». وذكر أن 20 من أسر الضحايا الكنديين طلبت عودة الجثامين. وقال إنه يتوقع عودة أولى الرفات «في الأيام المقبلة».
وأعلن ترودو مساعدة مالية طارئة للكنديين الذين خسروا أقرباء لهم في كارثة طائرة البوينغ الأوكرانية في الثامن من يناير (كانون الثاني). وجدد مطالبته بالإسراع في دفع تعويضات لضحايا المأساة. موضحا أن الهدف هو مساعدة تلك العائلات على السفر وإنجاز التدابير الضرورية لإقامة الجنازات. وقال: «سأكون واضحا. نتوقع أن تعوض إيران هذه العائلات. لقد التقيتها، لا يمكنها أن تنتظر أسابيع. إنها تحتاج إلى مساعدة فورية».
وستتلقى عائلات 57 مواطنا كنديا و29 شخصا من المقيمين الدائمين قضوا في تحطم الطائرة مساعدة حكومية فورية بقيمة 25 ألف دولار كندي (17 ألف يورو)، بحسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي وقت سابق أمس، أعلنت أوكرانيا أن إيران مستعدة لتسليمها الصندوقين الأسودين للطائرة التي اعترفت الوحدة الصاروخية لـ«الحرس الثوري» بإسقاطها في طهران.
وكانت قوات «الحرس» في حالة تأهب قصوى إثر إطلاق صواريخ على قواعد في العراق تستخدمها القوات الأميركية في سياق الثأر من مقتل قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري» بضربة أميركية بعد نحو ثمانية أشهر من تصنيف قوات «الحرس» على قائمة الإرهاب الأميركية.
وقال وزير الخارجية الأوكراني فاديم بريستايكو إن إيران ستمنح فريق محققين من إيران وكندا حق الاطّلاع على تسجيلات الصندوقين الأسودين بما أن غالبية القتلى من رعايا هذين البلدين.
وخلال جلسة للبرلمان الأوكراني قال بريستايكو إن «الجانب الإيراني مستعد بعد ذلك لنقل الصندوقين الأسودين إلى أوكرانيا». وأوضح أن هذا الأمر «يتوافق مع المعايير الدولية علما بأننا نطالب بتسلّمهما فورا لضمان استقلال التحقيق وموضوعيته».
والأربعاء قال بريستايكو لشبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية: «نريد فقط التأكد بأنه لن يتلاعب أحد بالتسجيلات».
ودعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس إلى «خفض التصعيد» بين إيران والولايات المتحدة. وقال: «تشكّل مأساة طائرة الخطوط الأوكرانية (الدولية) إنذاراً جدياً ومؤشراً لبدء العمل على خفض التصعيد بدلاً من التهديدات الدائمة في المنطقة». وأضاف أن «زيادة التوتّر بين إيران والولايات المتحدة لن تساعد على تسوية أي أزمة في المنطقة، لأن مستوى التوتر سيزداد».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن لافروف قوله إنه لا يرغب في «البحث عن أعذار لأي جهة»، إلا أنه انتقد واشنطن لقتلها سليماني. واعتبر أن هذه العملية الأميركية «غير المسبوقة» «قوّضت وشككت في جميع معايير القانون الدولي التي يمكن تصورها». وقال إن إيران كانت تتوقع ضربة أميركية. موضحا أنه كانت هناك «حالة من التوتر في أوضاع كهذه». وتابع: «هناك معلومات تفيد بأنه بعد هذا الهجوم، كان الإيرانيون ينتظرون ضربة أخرى من الولايات المتحدة، إلا أنهم لم يعرفوا كيف ستكون. لكن كان هناك ست طائرات (إف - 35) على الأقل تحلق في المجال الجوي مباشرة على حدود إيران».
في طهران، ذكرت وكالة إيسنا الحكومية أمس نقلا عن مسؤول حكومي أنه تم تحديد هويات جثث كل ضحايا الطائرة الأوكرانية التي تم إسقاطها فوق إيران الأسبوع الماضي وأنه بات بالإمكان إعادة جثامينهم إلى ذويهم.
وقال المتحدث باسم الخارجية عباس موسوي إن طهران تعمل مع دول أخرى معنية بالمأساة لضمان حصولها على رفات الضحايا. وقال إن «حادث الطائرة المأساوي يجب ألا يتم استغلاله لأغراض سياسية من جانب الدول المتضررة»، مشيرا إلى كندا، حيث طلب ألا يتم تسييس القضية.
وأعلنت بريطانيا وكندا والسويد وأوكرانيا وأفغانستان عن تشكيل مجموعة رد بعد مباحثات أول من أمس في لندن لاتخاذ إجراءات مستقلة في هذا الاعتداء.