«مكاسب الحرب»... أوراق ضغط لطرفي معركة طرابلس على «طاولة برلين»

يتخوف كثير من الليبيين من تكرار ما حدث في لقاء العاصمة الروسية موسكو، وذلك خلال مؤتمر برلين المزمع انعقاده غداً (الأحد)، إذا ما تمسك طرفا الحرب في ليبيا بما حققاه من «مكاسب على الأرض» للضغط بهدف تضمين شروط إضافية إلى مسودة الاتفاق، ما قد يسهم في إفشال المؤتمر، وربما العودة إلى القتال.
وعشية بدء قمة برلين، طالب مؤيدون لفائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق»، باستثمار الزخم الدولي الداعم لحكومته، بهدف شرعنة الميليشيات المسلحة التي تقاتل في صفها، تحت غطاء يسمى «المقاومة»، وأيضاً الدعوة إلى إعادة قوات «الجيش الوطني» إلى ما قبل تاريخ الرابع من أبريل (نيسان) 2019 (تاريخ انطلاق عملية «تحرير طرابلس»)، إذ يرى السفير إبراهيم موسى قرادة، كبير المستشارين سابقاً في الأمم المتحدة، أن «(برلين) فرصة يصعب تكرارها» للسراج.
في المقابل، يرى متابعون أن «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، بات يسيطر على أكثر من 80 في المائة من مساحة ليبيا، بجانب تأمينه وسيطرته على غالبية ثروات البلاد النفطية، وبالتالي يصعب عليه التخلي عن عملية «تحرير طرابلس» بعدما بات على أبوابها.
ويرى المحلل السياسي الليبي عبد العظيم البشتي، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أمس، أن «السراج يحظى بالشرعية (في نظر الأمم المتحدة)، وحفتر بالغلبة، وهذا ما يجعلهما وأنصارهما بالطبع الطرفين الأساسيين في حل هذه الأزمة». ويضيف: «المهم أن يدرك الطرفان ذلك، ولا بد من إيجاد صيغة توافقية لوجودهما بالسلطة ضمن صياغة ديمقراطية، على الأقل شكلاً».
غير أن قرادة نوَّه إلى أن حفتر «يمتلك ورقة قوية تتمثل في سعة انتشار قواته جغرافياً وعلى تخوم طرابلس؛ وسيطرته على أغلب المنشآت النفطية». كما يرى أن السراج «يملك هو الآخر ورقة إدارته العاصمة ومؤسساتها، وما يزيد على نصف سكان ليبيا؛ لأن العاصمة وحدها يقطنها أكثر من مليوني مواطن».
وسارع أنصار فريق «الوفاق» في الغرب الليبي إلى التحذير مما سموها «الفخاخ»، التي قد تنصب للسراج في المؤتمر المزمع. وقال عبد الرحمن الشاطر، عضو المجلس الأعلى للدولة، في تغريدة على «تويتر»، إن «مسودة البيان الختامي لمؤتمر برلين فيها فخاخ كبيرة وخطيرة، وعلى السراج أن يحسب لها ألف حساب». ونصح الشاطر بضرورة وجود «أساس قانوني للقوات المساندة لـ(الجيش) قبل أن يفتك بها المؤتمر... الأمر عاجل ولا يحتمل التردد»، في إشارة إلى الميليشيات المسلحة التي تساند قوات «الوفاق» ضد «الجيش الوطني».
ورغم ترحيب المجلس الرئاسي بمؤتمر برلين، وتأكيد حضور رئيسه، فإن هناك من يرى أنه كلما زاد تدفق المقاتلين الموالين لتركيا على طرابلس، تعقدت الأزمة. ويعتبر أصحاب هذا الرأي أن السراج سيكون مدفوعاً إلى التمسك بالميليشيات المسلحة التي تساند قواته، وأنه «لم يعد يستطيع الفكاك منها، وإلا انقلبت عليه»؛ وقال مسؤول ليبي موالٍ للسراج لـ«الشرق الأوسط»: «هذه (المجموعات المسلحة) باتت جزءاً أصيلاً من قواتنا، ولا يمكن التخلي عنها، وعلى (العدو) أن يتخلى عن ميليشياته والقوى المساندة له أولاً»، في إِشارة إلى «الجيش الوطني». وكما حذَّر الشاطر مما سماها «الفخاخ» في مسودة بيان برلين، ذهب قرادة أيضاً إلى القول إن «بعض الميليشيات الموجودة في طرابلس هي مقاومة شعبية». وتابع: «إن المدافعين عن طرابلس من القوات المساندة (لحكومة الوفاق) هم مقاومة شعبية للدفاع عن طرابلس ضد الهجوم عليها، وهناك مسارات وتجارب دولية كثيرة لتسريح الجماعات المسلحة وإدماج أعضائها بعد نهاية هذه الحرب وتوقف الهجوم، ويحل السلام المنشود عاجلاً».
في المقابل، قال مسؤول عسكري بارز في «الجيش الوطني»، إن «قواتنا لم يعد أمامها إلا القليل وتصل إلى قلب طرابلس، ولسنا في حاجة إلى اشتراطات المجموعات الإرهابية»، وهو ما ذهب إليه العميد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش، في تصريحات لوكالة «سبوتنيك» قال فيها: «نحن منتصرون على الأرض، وبالتالي نحن من يجب أن يضع الشروط»، مضيفاً أن حكومة «الوفاق» لا تملك قرار تفكيك الميليشيات، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق معها سابقاً ست مرات على هذه المسألة ولكن «دون جدوى».