الجزائر: الحراك الشعبي يدخل أسبوعه الـ48 على وقع مواجهات واعتقالات

السلطات تحاول إنهاء المظاهرات قبل حلول ذكرى مرور سنة على اندلاعها

مظاهرة ضد الحكومة في العاصمة الجزائرية أمس.. وأفادت تقارير بوقوع مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن واعتقالات (أ.ب)
مظاهرة ضد الحكومة في العاصمة الجزائرية أمس.. وأفادت تقارير بوقوع مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن واعتقالات (أ.ب)
TT

الجزائر: الحراك الشعبي يدخل أسبوعه الـ48 على وقع مواجهات واعتقالات

مظاهرة ضد الحكومة في العاصمة الجزائرية أمس.. وأفادت تقارير بوقوع مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن واعتقالات (أ.ب)
مظاهرة ضد الحكومة في العاصمة الجزائرية أمس.. وأفادت تقارير بوقوع مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن واعتقالات (أ.ب)

حاولت قوات الأمن الجزائرية، أمس، منع «حراك الجمعة 48»، بالعاصمة عبر شن حملة اعتقالات وسط أوائل المتظاهرين، الذين بدأوا بالتجمع في الصباح، ونتيجة لذلك وقعت مواجهات حادة في العاصمة وببجاية (250 كلم شرقا) بين عدد كبير من المتظاهرين وقوات الأمن. فيما عبر المحتجون في بقية مدن البلاد عن رفضهم مسعى تعديل الدستور، الذي يريده الرئيس الجديد قبل نهاية العام.
وأعلنت فطة سادات، البرلمانية والقيادية في حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» المعارض، أن قوات الأمن اعتقلت مناضلين من الحزب بالقرب من مقره وسط العاصمة، ونشرت أسماءهم بحسابها بشبكة التواصل الاجتماعي، وهم عمروش بوسعد ومراد بيبي وحمزة موياحوش، وناصر حروش.
واستنكرت البرلمانية «القمع الموغل في التوحش»، وأكدت أن «الإرادة الشعبية لن تنحني مهما بلغ القمع».
واستمر اعتقال مناضلي «التجمع»، وهم ناشطون بالحراك الشعبي، حتى آخر النهار. ودرجت قوات الأمن على «خطف» المتظاهرين قبل بداية الاحتجاج لتقليص عددهم. وقال صحافيون، غطوا الحدث أمس، إن رجال الأمن أظهروا استياء شديدا من استمرار الحراك، وظهر ذلك من خلال تصرفاتهم المتشددة مع المتظاهرين.
ورفع المحتجون عدة شعارات، وهم يجوبون شوارع العاصمة، أبرزها «تعديل الدستور مسرحية... المشكلة في الشرعية»، تعبيرا عن تحفظهم الشديد على ترتيبات جارية لتعديل الدستور، وهو المسعى الذي يرى فيه المتظاهرون «إرادة من جانب تبون لاستدراك شرعية غائبة». كما تم رفع شعار «يا ديدوش ارتاح ارتاح... سنواصل الكفاح»، وهو اسم أحد أبرز رموز ثورة التحرير.
واستهدف المحتجون بشعاراتهم ناشطين بارزين كانوا معهم حتى وقت قريب، ثم أصبحوا وزراء في الحكومة ومستشارين لدى وزراء. ومن الأسماء التي تم ترديدها باستهجان وزير الصناعة فرحات آيت علي، ووزيرة الثقافة مليكة بن دودة، ومستشارها الكاتب المعروف احميدة عياشي، وكاتب الدولة للصناعة السنمائية الممثل المشهور يوسف سحيري، وهؤلاء الأربعة كانوا من أشد المعارضين للانتخابات، وللمترشحين الخمسة لها، ومنهم تبون.
وبحسب مراقبين في المدن الكبيرة، فقد عرف عدد المتظاهرين انخفاضا منذ انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا الشهر الماضي. والسبب في ذلك هو أن المئات باتوا مقتنعين بأنه لا جدوى من استمرار الاحتجاج، على أساس أن الرئيس الجديد أصبح أمرا واقعا يجب التعامل معه. بينما أصبح قطاع آخر، بحسب المراقبين نفسها، يخشى من الاعتقال الذي طال عددا كبيرا من النشطاء.
ويراهن المتظاهرون المتمسكون بمواصلة الاحتجاج في الشارع، على 22 فبراير (شباط) المقبل، تاريخ مرور سنة على اندلاع الحراك، على أمل أن يتجدد نفسه. لكن في المقابل تبدي السلطات حرصا على إنهائه قبل هذا الموعد، مخافة أن يعرف انتعاشا. كما يراهن المتظاهرون على أخطاء محتملة من جانب السلطة، لعودة الذين انسحبوا إلى صفوفهم، كأن تتأخر وعود الرئيس في التجسيد، وخاصة تعهداته باستعادة الأموال التي تم تهريبها إلى الخارج، خلال فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. ويتوقع مراقبون أن تأخذ القضية وقتا طويلا، إن كان الرئيس يملك فعلا إرادة في إطلاق إجراءات مع البلدان، التي توجد بها هذه الأموال، بغرض استرجاعها.
في سياق متصل، أعلن محامون يدافعون عن معتقلين من الحراك، أن محاكمة الناشط سمير بلعربي ستتم يوم 27 من الشهر الحالي، وهو متهم بـ«إضعاف معنويات الجيش»، بسبب تصريحات وكتابات نشرها بالمنصات الرقمية. فيما لم يحدد القضاء أي تاريخ لمحاكمة الناشطين البارزين، كريم طابو وفضيل بومالة، المتابعين بالتهم نفسه. والثلاثة في السجن منذ 6 أشهر، كما يوجد عدد كبير من المتظاهرين رهن الحبس الاحتياطي.
وكان سفيان جيلالي، رئيس حزب «جيل جديد»، قد نقل عن الرئيس خلال لقاء بينهما الأسبوع الماضي، أنه «على استعداد للإفراج عن معتقلي الحراك».



فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.