الرئيس الإيراني يهدئ مع {الحرس الثوري} في حادث الطائرة ويطالب باعتذار

حاول الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس تهدئة الشارع الإيراني ووصف إسقاط الطائرة بـ{غير المتوقع} وتراجع بوضوح غداة تصريحات حادة طالب بها بمحكمة خاصة للمسؤولين عن إسقاط الطائرة الأوكرانية، مبديا رفضه لـ {تضعيف} القوات المسلحة.
وأسقطت الطائرة وهي من طراز بوينغ 737، بصاروخ بعيد إقلاعها الأربعاء ما أدى الى مقتل 176 شخصا كانوا على متنها. وأدى إسقاط الطائرة إلى تظاهرات في ايران استمرت اربعة أيام ودعوات دولية لإجراء تحقيق كامل وشفاف.وبعدما نفت طهران لأيام ما أعلنته دول غربية حول إسقاط الطائرة بصاروخ، عادت القوات المسلحة الإيرانية واعترفت صباح السبت بمسؤوليتها عن المأساة، متحدثة عن {خطأ بشري}.
وطالب روحاني أمس مرة أخرى بتوضيح كامل لما حدث في الكارثة الجوية التي جاءت بعد ساعات من اطلاق الوحدة الصاروخية في {الحرس الثوري} الإيراني، موجة من الصواريخ على قوات أميركية متمركزة في العراق، ردا على مقتل ، قائد {فيلق القدس}، الذراع الخارجي لـ{الحرس} الإيراني، قاسم سليماني في غارة جوية اميركية.
وقاد الطلاب الموجة الجديدة من الاحتجاجات التي اندلعت السبت بعد ساعات من اعتراف قائد الوحدة الصاروخية في {الحرس الثوري}، بمسؤولية قواته عن إسقاط طائرة أوكرانية ب.
وحثت منشورات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الإيرانيين على الخروج للشوارع لليوم الخامس للاحتجاج أمس بعدما فجر اعتراف السلطات بأنها أسقطت طائرة ركاب بالخطأ عقب أيام من الإنكار، حالة من الغضب العام.
ونقلت رويترز عن منشور تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي {سنتوجه إلى الشوارع}، داعيا الناس للانضمام في مظاهرات في جميع أنحاء البلاد ضد «الحكومة التي تمارس السرقة والفساد».
ودعا روحاني الى «الوحدة الوطنية» وشدد على ضرورة احداث تغييرات جذرية في طريقة إدارة إيران بعد موجة من الاحتجاجات الغاضبة . وقال إن {المتابعة القضائية الصحيحة والمقنعة} مؤثرة في اقناع الرأي العام والعالم.
وجاءت دعوة روحاني غداة أول تعليق علني له بعد حادث اسقاط الطائرة. وكان قد طالب فيه بتشكيل محكمة خاصة لبحث القضية، قائلا إن {هذه المحكمة ليست عادية، سيتابعها كل العالم}، واصفا الحادث بأنه {خطأ مؤلم ولا يغتفر}. وفي تصريحات اعتبرت في سياق تصفية حسابات مع {الحرس الثوري}، رفض روحاني ان { يكون مقصرا واحدا في القصة}، وقال {ليس من ضغط الزر هو من يتحمل التقصير فقط، هناك آخرين}.
لكن روحاني عاد قليلا من تصريحات أول من أمس وقال بنبرة أكثر هدوئا أمس في اجتماع الحكومة الإيرانية {لم اكن اعتقد سيحدث مثل هذا الخطأ، بالطبع من ارتكبوا هذا الخطأ هم الذين يعملون على تأمين أمن البلاد دائما}. وأشاد باعتراف القوات المسلحة بـ{الخطوة الأولى} في إشارة إلى إعلان مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة. وتابع { يجب اتخاذ الخطوات التالية} معتبرا تلك الخطوات {الإشراف والتنسيق الأكثر}، نافيا ان تكون الخطوة محاولة {لتضعيف الثوات المسلحة} .وقال {قواتنا المسلحة درست الموضوع وأعلنت النتائج. على قواتنا المسلحة ان تعمل وتؤكد لابناء الشعب بأن مثل هذا الخطأ لن يحصل بعد اليوم». وأضاف «نعتذر عن التأخير في الإعلان عن الخطأ الذي حصل في إسقاط الطائرة الأوكرانية».
وفي محاولة لتخفيف الضغوط عن {الحرس الثوري}، قال نائب رئيس الأركان القوات المسلحة، الجنرال علي عبداللهي إن إيران {تدرس احتمال قيام الردار الأميركي بالتشويش في تحطم الطائرة الأوكرانية} موضحا ان عضو الوحدة المسؤولة عن اطلاق الصاروخ على الطائرة {قد اخطأ بين الطائرة وصاروخ كروز نتيجة تشويش الرادار الأميركي} بحسب ما نقلت وكالة إيسنا الحكومية.
قبل تصريحات روحاني بساعات، بثّت صحيفة نيويورك تايمز على موقعها الإلكتروني الثلاثاء مشاهد جديدة تظهر أنّ طائرة الركاب الأوكرانية التي أسقطتها إيران أصيبت بصاروخين وليس بصاروخ واحد.
وتظهر هذه المشاهد التي التقطتها كاميرة مراقبة جسماً يضيء عتمة الليل وينطلق من الأرض متوّجهاً نحو السماء بزاوية منحنية ثم ينفجر بعد ذلك بحوالى 20 ثانية. وبعدها بعشر ثوان ينطلق جسم مضيء ثان مماثل من نفس المكان باتجاه الهدف عينه فيصيبه بعد 10 ثوان من ذلك. وبعد دقيقة من الانفجار الثاني تسطع كرة نار في السماء وتسلك منحى انحدارياً قبل أن تغيب عن الشاشة.
وبحسب {نيويورك تايمز} فقد أطلق الصاروخان من قاعدة عسكرية تقع قرب طهران.
وأوضحت {نيويورك تايمز} أنّها «تحقّقت من صحّة» الفيديو، مشيرة إلى أنّ واقع أنّ الطائرة أصيبت بصاروخين وليس بصاروخ واحد يشرح «لماذا توقّف جهاز الإرسال في الطائرة عن العمل لبضع ثوان قبل أن تصاب بصاروخ ثان» وأنّ الطائرة تمكّنت من تغيير مسارها للعودة إلى المطار قبل أن تتحطم. وبحسب الصحيفة فإن كاميرة المراقبة التي التقطت هذه المشاهد كانت منصوبة على سطح مبنى قرب قرية بيد كانيه على بعد 6 كلم من القاعدة العسكرية الإيرانية التي أطلقت الصاروخين.
وتقع هذه القرية على بعد حوالى 30 كلم شمال غرب مطار طهران الدولي.
في غضون ذلك، طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس مساندة ألمانيا من أجل ضمان مثول من أسقطوا طائرة ركاب في إيران الأسبوع الماضي أمام العدالة.
وجاء ذلك بعدما طلبت كييف من ايران تسليمها الصندوقين الأسودين للطائرة. وقدمت النيابة العامة وأجهزة الأمن الأوكرانية طلبا رسميا في هذا الصدد للسلطات الإيرانية، كما أوضحت النيابة في بيان. وأكدت النيابة العامة أن «الجانب الأوكراني يبذل أقصى جهوده لضمان فك تسجيلات الصندوقين الأسودين بشكل جيد والحفاظ على الأدلة في التحقيق بالكارثة».
إلى ذلك، وصفت كندا في وقت متأخر الثلاثاء، تأكيد طهران على أن عددا قليلا فقط من الكنديين لقوا حتفهم الأسبوع الماضي عندما أسقطت إيران طائرة ركاب بأنه «هراء» وطالبت بالمحاسبة الكاملة عما وصفته بأنه جريمة مروعة.
وبعد ساعات من مباحثات هاتفية مع نظيره الإيراني، قال وزير الخارجية فرانسوا-فيليب شامبين لهيئة الإذاعة الكندية، «ما أود قوله هو أن هذا هراء... لن نقبل هذا الموقف». ومضي قائلا «لقد رفضنا ذلك بالفعل وأوضحنا بشدة للنظام الإيراني أن ذلك لن يمر. أعتقد أن العالم يتابع وفي ظل الظروف التي أتوقعها وأطالب بها من الواضح أن إيران ستحترم ما تريده كندا عندما يتعلق الأمر بمواطنيها».
وهذه أقسى تعليقات تصدر عن مسؤولين كنديين بعد سقوط الطارئة. وكندا لا تربطها علاقات دبلوماسية مع إيران منذ عام 2012.
وذكر مسؤولون في أوتاوا أن إيران، التي لا تعترف بمفهوم الجنسية المزدوجة، قالت الأسبوع الماضي إن عددا قليلا من الكنديين لقوا حتفهم في الحادث.
وسيرأس شامبين اجتماعا لنظرائه من أوكرانيا وبريطانيا وأفغانستان والسويد في لندن اليوم لمناقشة الخطوات التالية.
وقال شامبين «سوف نسعى لتحقيق العدالة الكاملة وسنتأكد أولا من فهمنا... من ارتكب هذه الجريمة الفظيعة وأن هؤلاء الأشخاص يحاكمون وفقا لأعلى المعايير القانونية».