السويداء تشهد أول احتجاجات على الأزمة الاقتصادية في سوريا

صورة نشرتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن احتجاجات السويداء
صورة نشرتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن احتجاجات السويداء
TT

السويداء تشهد أول احتجاجات على الأزمة الاقتصادية في سوريا

صورة نشرتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن احتجاجات السويداء
صورة نشرتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن احتجاجات السويداء

تجمع العشرات من أهالي محافظة السويداء جنوب سوريا في أول حركة احتجاجية على تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد وانخفاض سعر صرف الليرة السورية، بحيث وصل الدولار الأميركي إلى نحو 1100 ليرة.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) الأربعاء أن بضعة أشخاص تجمعوا في ساحة بوسط مدينة السويداء وبدأوا بالهتاف: «بدنا نعيش بدنا نعيش» اعتراضا على الواقع المعيشي في البلاد.
وسجلت الليرة السورية انخفاضاً جديداً اليوم، حيث سجل سعر صرف الدولار الأميركي 1070 ليرة في دمشق وحلب و1080 في إدلب.
وقال أمجد الشوفي أحد المشاركين في التجمع إن «الوضع المعيشي لم يعد يطاق، الرواتب التي تعطى للموظفين لم تعد تساوي مصروف 10 أيام في أحسن الأحوال، ماذا نستطيع أن نفعل؟ كيف لنا أن نعيل أسرنا؟».
وأضاف الشوفي، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أن «هذه الوقفة يجب أن تصل إلى كل المحافظات، نحن نطالب بمحاسبة الفاسدين الذين جمعوا المليارات خلال سنوات الحرب والبعض منهم نقل أمواله إلى خارج سوريا، والشعب أصبح يعيش تحت خط الفقر».
وتشهد الأسواق السورية عموماً في كل المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية أو المعارضة أو قوات سوريا الديمقراطية حالة ركود كبيرة نظراً لغلاء الأسعار.
وفقد عموم السوريين مدخراتهم بسبب الحرب التي اقتربت من دخول عامها العاشر وسط تدني قيمة الليرة السورية التي وصلت إلى 22 ضعفاً عما كانت عليه قبل اندلاع الأزمة.
وكان سعر صرف الدولار الأميركي يساوي 50 ليرة سورية بداية عام 2011.
من جهته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن «تجمهر عشرات المواطنين أمام مبنى (المحافظة) في مدينة السويداء جنوب سوريا، استياء واحتجاجاً على الواقع المعيشي وغلاء الأسعار ضمن مناطق نفوذ قوات النظام وخاصة مع تخطي سعر صرف الدولار الأميركي حاجز الـ1000 ليرة سورية خلال الأيام القليلة الفائتة».
على صعيد متصل، عمد عشرات المواطنين في بلدة شهبا بريف السويداء إلى قطع الطريق الواصلة إلى ساحة البلدة احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار.
وقالت مصادر محلية في السويداء لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع المعيشي «متدهور جداً في السويداء، من حيث غلاء الأسعار وانعدام القدرة الشرائية وعدم توفر الخدمات الأساسية كالكهرباء ووقود التدفئة والغاز، ومع أن هذا واقع عموم المناطق الخاضعة لسيطرة النظام إلا أنها تبدو في السويداء أعمق».
وأفادت مصادر إلى أن خروج عدد من المحتجين للاعتصام أمام مبنى المحافظة جاء لـ«الاحتجاج على تجاهل المسؤولين لمعاناة الناس. الأمور في دمشق أفضل من سائر المدن، والمناطق خارج العاصمة تعاني من إجحاف كبير سواء في برامج تقنين الكهرباء أو توزيع المحروقات والغاز وفق البطاقة الذكية».
وأكدت صفحة «السويداء 24» الإخبارية المحلية أن محتجين قطعوا الطرق المؤدية إلى الساحة الرئيسية وسط مدينة شهبا، احتجاجاً على «إهمال الحكومة السورية مواطنيها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.