مقتل مدنيين جراء تجدد القصف على إدلب رغم الهدنة

بعد غارة على إدلب في شمال غربي سوريا أمس  (أ.ف.ب)
بعد غارة على إدلب في شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

مقتل مدنيين جراء تجدد القصف على إدلب رغم الهدنة

بعد غارة على إدلب في شمال غربي سوريا أمس  (أ.ف.ب)
بعد غارة على إدلب في شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)

قتل تسعة مدنيين على الأقل الأربعاء جراء غارات شنّتها قوات النظام على مدينة إدلب في شمال غربي سوريا، وفق ما أحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رغم سريان وقف لإطلاق النار أعلنته موسكو الخميس بموجب اتفاق مع أنقرة.
وقال مدير «المرصد»، إنه «قُتل تسعة مدنيين وأصيب أكثر من عشرين آخرين بجروح جراء غارات لقوات النظام على المدينة الصناعية وسوق الهال المجاور في مدينة إدلب».
وأحصى «المرصد»: «شن طائرات سورية وأخرى روسية أكثر من مائة ضربة على محافظة إدلب أمس رغم سريان الهدنة الروسية - التركية».
وشاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في المدينة الصناعية، حيث تكثر الورش ومحال تصليح السيارات، جثثاً متفحمة داخل عدد من السيارات المحترقة، بينما كان مسعفو الدفاع المدني ينتشلون الضحايا من تحت الأنقاض.
وقال مصطفى، وهو رجل في الخمسينات وصاحب ورشة لإصلاح السيارات، بتأثر كبير لوكالة الصحافة الفرنسية «تركت أربعة عمال شباب في الورشة وخرجت لشراء قطع تبديل، ولدى عودتي وجدت الردم عليهم». وأضاف: «هذه ليست الحارة التي تركتها قبل دقيقتين. كانت تعجّ بالناس».
وأعلنت كل من روسيا وتركيا وقفاً لإطلاق النار في إدلب بناءً على اتفاق بينهما، قالت موسكو إن تطبيقه بدأ الخميس في حين أوردت تركيا أنه دخل حيز التنفيذ الأحد.
وتراجعت، وفق «المرصد»، وتيرة القصف منذ الأحد قبل أن تستأنف الطائرات قصفها ليل الثلاثاء - الأربعاء على المحافظة التي تضم ومحيطها ثلاثة ملايين نسمة وتسيطر «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر منها.
وكثّفت قوات النظام وحليفتها روسيا وتيرة القصف على إدلب في الأسابيع الأخيرة، رغم إعلان هدنة في أغسطس (آب). وأحصت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 310 آلاف شخص من ريف إدلب الجنوبي من مطلع ديسمبر (كانون الأول).
وأفاد «المرصد» لاحقاً بأنه «عادت الطائرات الحربية الروسية لتستأنف عملياتها العسكرية بشكل متصاعد بعد انهيار وقف إطلاق النار في يومه الرابع بعد أن كان قد دخل حيز التنفيذ في بموجب اتفاق روسي - تركي في الـ12 من الشهر الحالي، حيث ارتفع إلى 31 عدد الغارات التي تناوب سرب من الطائرات الحربية الروسية على تنفيذها مستهدفة أماكن في معرة النعمان، والدير الشرقي، وداديخ، وخان السبل، وتلمنس، ومعصرات، ومعرشمشة، ومعرشورين، والحامدية، والهرتمية وتل كرسيان بريف مدينة إدلب، وسط استمرار تحليق الطائرات في أجواء المنطقة، فيما تواصل قوات النظام قصفها البري المكثف على مدينة معرة النعمان وقرى وبلدات واقعة بريفها».
وكان «المرصد» أشار إلى أنه رصد تجدد القصف الجوي على منطقة «خفض التصعيد» بعد منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء وصباح أمس، حيث نفذت طائرات حربية روسية غارات عدة على مناطق في معرشورين ومعصران بريف مدينة معرة النعمان جنوب شرقي إدلب، وذلك في خرق جديد لوقف إطلاق النار الذي أعلنت عنه روسيا وتركيا قبل 4 أيام.
على صعيد متصل، قصفت قوات النظام أماكن في الغدفة، ومعصران، وأبوجريف، والكنائس، وتل الشيخ بريفي إدلب الشرقي والجنوبي الشرقي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.