ارتفاع غير مسبوق في أوامر هدم منازل الفلسطينيين في القدس

هدم 12 منزلاً فلسطينياً عدّتها إسرائيل غير قانونية ببلدة سور بحر قرب القدس في يوليو الماضي (أ.ف.ب)
هدم 12 منزلاً فلسطينياً عدّتها إسرائيل غير قانونية ببلدة سور بحر قرب القدس في يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع غير مسبوق في أوامر هدم منازل الفلسطينيين في القدس

هدم 12 منزلاً فلسطينياً عدّتها إسرائيل غير قانونية ببلدة سور بحر قرب القدس في يوليو الماضي (أ.ف.ب)
هدم 12 منزلاً فلسطينياً عدّتها إسرائيل غير قانونية ببلدة سور بحر قرب القدس في يوليو الماضي (أ.ف.ب)

قرر المقدسيان: موسى بشير، وعمار نصار، من بلدة جبل المكبر جنوب القدس المحتلة، هدم منزليهما بأياديهما، وذلك تجنباً للغرامات الباهظة التي ستفرضها بلدية الاحتلال عليهما إذا قامت هي بعملية الهدم.
وأعلن بشير ونصار أنهما مضطران لذلك، ليتجنبا أضراراً أخرى محتملة إذا ما قامت بلدية القدس بذلك، وفرضت دفع أموال باهظة مقابل عملية الهدم.
والمقدسيان ليسا أول من يضطر إلى هدم منزله بيده في القدس، بينما يدفع آخرون لبلدية القدس بدل هدم المنزل في معاناة مضاعفة. ولن يكون ذلك آخر هدم لمنازل الفلسطينيين الذين يعانون من صعوبة بالغة في استيفاء الإجراءات المعقدة التي تطلبها بلدية الاحتلال، مقابل منحهم رخص البناء، وهي إجراءات تحتاج إلى سنوات وتكلف عشرات آلاف الدولارات.
ووزعت بلدية الاحتلال، أمس، قرارات هدم على منشآت في بلدة العيسوية وجبل المكبر، بحجة البناء دون ترخيص.
وأوضحت لجنة المتابعة في العيسوية، أن طواقم بلدية الاحتلال اقتحمت العيسوية، وقامت بتوزيع وتعليق قرارات هدم صادرة من محكمة البلدية لأكثر من 5 منازل، وبعض الأوامر تدخل حيز التنفيذ بعد 20 يوماً.
وأضافت اللجنة أن القرارات استهدفت اليوم طوابق سكنية من بنايات، تحت ذريعة البناء دون ترخيص. وأوضحت اللجنة أن طواقم البلدية قامت بتصوير عدة منشآت سكنية من منازل وبنايات، واستهدفت الناشطين وأعضاء اللجان في البلدة.
وتنتهج إسرائيل سياسة الهدم في القدس منذ احتلال المدينة؛ لكن العام الماضي شهد زيادة في عدد المباني المهدمة.
وقال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم)، إن العام الماضي شهد ارتفاعاً غير مسبوق في عمليات هدم المنازل الفلسطينية في القدس المحتلة، وذلك مقارنة مع السنوات السابقة. وقال «بتسيلم» إن السلطات الإسرائيلية هدمت في القدس خلال العام الماضي ما مجموعه 265 مبنى، من بينها 169 وحدة سكنية، والبقية عبارة عن مبانٍ غير سكنية. وبحسب «بتسيلم»، فإن هذا الرقم غير مسبوق على الإطلاق؛ حيث اضطر 13 من أصحاب المنازل المهدمة لهدم منازلهم على نفقتهم الخاصة، والبقية بيد بلدية القدس الاحتلالية.
وذكرت المنظمة أن البناء غير المرخص هو الذريعة الوحيدة لهدم منازل المقدسيين، الذين يضطرون لهذا بفعل السياسة الإسرائيلية التي تمنع إعطاء رخص، فلا تبقي لهم خياراً سوى البناء غير المرخص، وذلك كجزء من السياسة الإسرائيلية الرامية لإحداث تغيير ديموغرافي كبير في القدس لصالح اليهود.
وبالمقارنة مع السنوات السابقة، فقد هدم الاحتلال في عام 2018، 59 وحدة سكنية، وفي عام 2017 جرى هدم 61 وحدة سكنية. وعلى صعيد عدد المباني المقدسية التي جرى هدمها منذ عام 2004، فقد تم هدم 978 وحدة سكنية، ما شرد 3177 مقدسياً عن منازلهم، 1704 منهم من القاصرين.
ويوثق مركز «بتسيلم» أن إسرائيل تبذل جهوداً كبيرة لمنع التطوير والبناء المخصص للسكان الفلسطينيين، مقابل البناء واسع النطاق، وتوظيف الأموال الطائلة في الأحياء المخصصة لليهود فقط، وفي كتل الاستيطان التي تشكل «القدس الكبرى».
وقال «بتسيلم» إن بلدية القدس تمتنع عن إعداد خرائط بناء مدينة تفصيلية للأحياء الفلسطينية، علماً بأنه فقط بوجود مثل هذه الخرائط يمكن إصدار تراخيص البناء. وهذا الوضع يُنشئ نقصاً حاداً في المباني السكنية والمباني العامة، كالمدارس والعيادات الصحية، ومرافق البنى التحتية، بما في ذلك الشوارع والأرصفة وشبكات المياه والمجارير... إلخ، وفي المراكز التجارية والترفيهية.
وأضاف: «إنه في غياب احتياطي الأراضي، يضطر السكان الفلسطينيون الذين ازدادوا بمعدل كبير منذ 1967، إلى العيش بكثافة خانقة في الأحياء القائمة. وهذا الواقع لا يُبقي للسكان الفلسطينيين خياراً سوى البناء دون ترخيص».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.