تتحول الأنظار في العاصمة الأميركية واشنطن إلى مجلس الشيوخ، الذي يستعد لاستقبال المرحلة المقبلة من إجراءات عزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب. فقد عيّنت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي رسمياً ممثلين عن الديمقراطيين لعرض الأدلة في المحاكمة التاريخية التي ستعقد الأسبوع المقبل.
وأعلنت بيلوسي في مؤتمر صحافي عقدته في مبنى الكابيتول، أمس (الأربعاء)، عن تعيين 7 ديمقراطيين لحضور إجراءات المحاكمة، أبرزهم رئيس لجنة الاستخبارات آدم شيف، ورئيس اللجنة القضائية جارولد نادلر. وسيؤدي هؤلاء دور محامي الادعاء في جلسات المحاكمة، يقابلهم محامو الدفاع من فريق الرئيس الأميركي في البيت الأبيض.
وقد بدت الاستعدادات للمحاكمة واضحة في مجلس الشيوخ؛ حيث تم تكثيف الوجود الأمني لشرطة الكابيتول، التي بدأ عناصرها بالعمل على تحديد تحرك الصحافيين خلال تغطية المحاكمة. وتم إعلام الصحافيين المرخصين للعمل في مبنى الكابيتول بأن تحركاتهم سوف تكون محصورة في زاوية معينة في مجلس الشيوخ، وأنهم لن يتمكنوا من التجول بحرية في أروقة الكونغرس والحديث مع المشرعين كما جرت العادة.
إجراءات استثنائية تعكس جدية الحدث ووطأته التاريخية، وهذا ما تحدث عنه زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل، الذي قال إن المجلس سينعقد قبل نهاية الأسبوع لاستدعاء كبير قضاة المحكمة العليا جون روبرتس، الذي سيترأس جلسات المحاكمة، وسيشرف روبرتس على أداء كل أعضاء مجلس الشيوخ قسم اليمين قبل بدء المحاكمة رسمياً الأسبوع المقبل.
وشرح مكونيل للصحافيين الخطوات المقبلة قائلاً: «سوف نتمكن من البدء بالخطوات البروتوكولية الأولية للمحاكمة هذا الأسبوع، وهذا يتضمن حضور كبير القضاة إلى هنا لكي يؤدي أعضاء مجلس الشيوخ قسم اليمين أمامه، إضافة إلى إجراءات تمهيدية أخرى». وتابع مكونيل: «هذا سيسمح لنا بالبدء رسمياً يوم الثلاثاء المقبل».
هذا يعني أن مجلس الشيوخ سوف يبدأ بمناقشة أطر المحاكمة وقوانينها يوم الثلاثاء.
ومع بدء تبلور الصورة النهائية للمحاكمة، يبدو أن توقعات بعض المشرعين بانتهاء المحاكمة نهاية الشهر الحالي لن تتحقق. فإصرار الديمقراطيين على استدعاء شهود، ووجود كم هائل من الأدلة التي يجب أن يطلع عليها مجلس الشيوخ ويحللها سوف تطيل من فترة المحاكمة. وقد قال أحد أعضاء مجلس الشيوخ ممن شهدوا إجراءات عزل الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في العام 1999: «هذه المحاكمة سوف تتطلب وقتاً أطول بكثير من التوقعات».
تصريح توافق معه السيناتور الجمهوري البارز جون ثون: «إذا قرر البعض أنهم يريدون استدعاء شهود، فسوف تستغرق المحاكمة وقتاً طويلاً». وسوف تشكل مسألة الوقت تحدياً كبيراً أمام بعض المرشحين الديمقراطيين للرئاسة الأميركية، تحديداً برني ساندرز وإليزابيث وارن وإيمي كلوبوتشار. فهؤلاء هم أعضاء في مجلس الشيوخ ويجب أن يلتزموا بحضور جلسات المحاكمة الطويلة من دون هواتفهم أو أي جهاز يربطهم بالعالم الخارجي، الأمر الذي سيؤدي إلى غيابهم عن حملاتهم الانتخابية والناخبين الأميركيين في وقت حساس للغاية. فالانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا ستجري في 3 فبراير (شباط)، تليها انتخابات ولاية نيوهامشير بعد 8 أيام. وبما أن مجلس الشيوخ سوف ينعقد لـ6 أيام متواصلة خلال إجراءات المحاكمة، فإن هذا يعني غياب هؤلاء عن هذه الحملات الانتخابية طوال هذه الفترة. الأمر الذي سيجعل الكفة تميل لصالح مرشحين، كنائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، وحاكم «ساوث بند» بيت بوتاجيج.
هذا، وقد اتهم زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب كيفين مكارثي، رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، بمحاولة التأثير على السباق الانتخابي لصالح بايدن من خلال تجميدها لإجراءات العزل إلى التاريخ الحالي.
ودعا مكارثي بايدن إلى تجميد حملاته الانتخابية حتى انتهاء المحاكمة، وقال في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»: «يجب أن يتعهد جو بايدن بعدم خوض حملات انتخابية خلال إجراءات العزل، هذا إن كان يؤمن بالعدل وبأن نانسي بيلوسي لم تجمد إجراءات العزل من أجله».
اتهامات خطيرة تعكس تشنج الأجواء بين الديمقراطيين والجمهوريين، وقد بدأت الانتقادات الجمهورية لبايدن بالتزايد؛ حيث حذر مكونيل الديمقراطيين من أنه قد يستدعي كل من بايدن ونجله هنتر للإدلاء بإفادتيهما خلال المحاكمة إذا ما أصر الديمقراطيون على استدعاء مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، وكبير موظفي البيت الأبيض ميك مولفاني. وقال مكونيل: «سوف نتعامل مع موضوع الشهود عندما يحين الوقت خلال المحاكمة. ومن المناسب للجهتين الجمهورية والديمقراطية المطالبة بالاستماع إلى شهود».
وسوف يسلط استدعاء بايدن الأضواء على أبرز مرشح للرئاسة الأميركية عن الحزب الديمقراطي، وهو قال خلال مناظرة جمعت مرشحي الحزب، ليلة الثلاثاء، إن الديمقراطيين لم يكن أمامهم خيار سوى عزل ترمب. وتابع قائلاً إنه يتوقع أن يستمر ترمب والجمهوريون بادعاءاتهم القائلة أن بايدن وابنه متهمان بالفساد، بسبب علاقة هنتر بشركة «بوريزما» الأوكرانية.
وكان المرشحون الستة تواجهوا، أول من أمس (الثلاثاء)، في المناظرة الأخيرة قبل بدء الانتخابات التمهيدية الرئاسية. وقد بدت هيمنة إجراءات العزل واضحة على أجواء المناظرة؛ حيث سعى المرشحون إلى عدم مهاجمة بعضهم بعضاً بشراسة كما جرت العادة، وذلك في محاولة منهم لإظهار وحدة الصف الديمقراطي في ظل الأجواء الحالية. لكن برني ساندرز لم يتمالك نفسه من انتقاد سجل بايدن في حرب العراق، وقال إن تصويت نائب الرئيس السابق لصالح حرب العراق في العام 2003 تظهر سوء تقديره. وتابع ساندرز قائلاً عن إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش: «لقد عرفت أنهم يكذبون، ولم أصدقهم للحظة واحدة. أما جو (بايدن) فكان تقديره مختلفاً».
بايدن أعاد القول إن تصويته كان خاطئاً، لكنه لم يخض نقاشاً مطولاً مع ساندرز، بل أعاد التركيز على أهمية وجود مرشح ديمقراطي قادر على هزيمة ترمب في الانتخابات الرئاسية. وقال بايدن: «إن اختيار مرشح يجب أن يكون مبنياً على المزايا الأميركية، وليس على الخطاب الذي يتلفظ به ترمب، المبني على الكراهية والعنصرية. نحن لا نمثل ذلك كأمة».
وانتهزت إليزابيث وارن فرصة تركيز ساندرز على بايدن، فباغتته بانتقادات لاذعة متعلقة بتشكيكه بقدرة النساء على الفوز بمقعد الرئاسة. أمرٌ نفاه ساندرز بشكل قاطع، لكن وارن لم تستلم، بل بدأت بتعداد إنجازات النساء في الانتخابات، وانتقاد من يقول أن الولايات المتحدة غير جاهزة لامرأة في مقعد الرئاسة في البيت الأبيض.
«محاكمة ترمب» تنطلق خلال أيام
الديمقراطيون يحددون فريق الادعاء... وجمهوريون يطالبون بايدن بتعليق حملته
«محاكمة ترمب» تنطلق خلال أيام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة