صراعات داخلية في اليمين واليسار الإسرائيليين مع تقديم القوائم الانتخابية

TT

صراعات داخلية في اليمين واليسار الإسرائيليين مع تقديم القوائم الانتخابية

مع الانتهاء من تقديم القوائم الانتخابية، وفي اللحظات الأخيرة من إغلاق باب الترشيح لخوض المعركة المقررة ليوم 2 مارس (آذار) المقبل، انتابت أحزاب اليمين واليسار وأحزاب الائتلاف الحكومي والمعارضة، صراعات داخلية تسببت في تمزق أحزاب وتحالف أحزاب أخرى، تصب كلها في الصراع على إمكانية التخلص من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وإرساله إلى قفص الاتهام بتهم الفساد، وبالتالي وضعه في السجن، مقابل معركة ضروس يخوضها ورفاقه في اليمين للفوز بالحكم مجدداً وإجهاض محاكمته. ففي اليمين، ظل نتنياهو يصارع حتى اللحظة الأخيرة ويمارس ضغوطاً شديدة لكي يوحد صفوف أحزاب اليمين المتطرف في قائمة واحدة تمنع تشتت الأصوات. ودخل في صدام مع وزير الدفاع في حكومته، نفتالي بينيت، الذي قال إنه لا يحتمل التواجد في قائمة واحدة مع ايتان بن جبير (من حزب كهانا المحظور؛ لأنه يعتبر تنظيماً إرهاباً يهودياً منظماً)، واقترح على الليكود أن يأخذوا بن جبير إلى قائمتهم، وأعرب عن اعتقاده بأن خوض أحزاب اليمين الانتخابات في قائمتين منفصلتين، أفضل من قائمة واحدة لأنه بهذه الطريقة يسحب آلاف الأصوات من حزب اليهود الروس بقيادة أفيغدور ليبرمان، الذي يعتبره نتنياهو «خائناً لليمين». لكن نتنياهو ورفاقه ظلوا يمارسون الضغوط عليه حتى العاشرة ليلاً، ساعة إغلاق باب الترشيح للانتخابات القادمة، لكي يوحد الصفوف. واجتمعوا معه نحو عشرة اجتماعات، حضر نتنياهو اثنين منها. وبالتالي هددوه بإقالته من الحكومة إذا تمسك بموقفه.
وفي الوقت نفسه، تمكن نتنياهو من سحب النائب من أصل إثيوبي، غادي يِفَركان، من قائمة مرشحي كتلة «كحول لفان» وضمه إلى الليكود ووضعه في مكان مضمون ومتقدم (رقم 20 في لائحة الليكود). وقال رئيس كتلة الليكود، ميكي زوهر، إن خطوة كهذه ستؤدي إلى زيادة رصيد حزبه بثلاثين ألف صوت من الإثيوبيين.
ورد رئيس «كحول لفان»، بيني غانتس، على ذلك بغضب. وقال إن نتنياهو يضيف إلى رصيده الأخلاقي كلمة لص، إضافة إلى كونه مرتشياً ومحتلاً وخائناً للأمانة. وقرر إقالة النائب يِفَركان، لكي يحرمه من التمويل الانتخابي.
وأما يفركان نفسه فقد كتب في «تويتر»، أمس، أنه «لأول مرة في تاريخ السياسة الإسرائيلية، يتعامل الليكود أخيراً بجدية تجاه المهاجرين من إثيوبيا ولا يتعامل معهم كأنهم مضمونون مثلما فعل طوال ثلاثين عاماً». ومن جهة ثانية، كشفت النائب طالي فلوسكوف، وهي من اليهود الروس، أن حزب غانتس حاول إقناعها بالانسحاب من الليكود والانضمام إلى «كحول لفان»، ووضعها في مرتبة متقدمة ومضمونة في لائحته الانتخابية. لكنها رفضت ذلك.
في اليسار تمكن غانتس من دفع حزب «العمل» وحليفه حزب «جيشر» وحزب «ميرتس» والمعسكر الدمقراطي من خوض الانتخابات في قائمة واحدة موحدة تحت قيادة عمير بيرتس. لكن هذه الوحدة جاءت بعد مخاض مؤلم أسفر عن صراعات داخلية شديدة. فخرج الأعضاء العرب في «ميرتس» غاضبين مغبونين؛ إذ إن قادة القائمة أبعدوا مرشحهم، النائب العربي عيساوي فريج، إلى المرتبة الـ11 التي تعتبر غير مضمونة. وخلال جلسة عاصفة لمؤتمر الحزب، استمرت حتى منتصف ليلة الثلاثاء الأربعاء، راحوا يصرخون: «أنتم عنصريون مثل اليمين» و«شعاركم حول الشراكة اليهودية - العربية كاذب مثل وعود نتنياهو».
كما تم استبعاد النائبة ستاف شبير، التي تعتبر من أنشط النواب اليساريين. فقد عرضوا عليها المرتبة الـ12 في اللائحة. ورفضت ذلك، مؤكدة أن هذه المرتبة لا تليق بنشاطها الحافل وتاريخها كشابة من قادة الحراك الشعبي الاحتجاجي في سنة 2011 الذي خرج فيه 400 ألف إسرائيلي إلى الشوارع يطالبون بإسقاط النظام. ويومها أجهض نتنياهو هذا الحراك بعملية حربية ضد قطاع غزة. وتألقت ستاف شبير في طرح قضايا المساواة والعدالة الاجتماعية والسلام مع الفلسطينيين على أساس دولتين للشعبين. وعقدت مؤتمر صحافياً مساء أمس أعلنت فيه اعتزالها السياسي لفترة محددة. وقالت: «للأسف، خرجت من المعترك بألم نتيجة تصرفات غير مسؤولة من رفاقي. ومع ذلك قررت ألا أخوض الانتخابات حتى لا تضيع أصوات المؤيدين لي. فأنا أريد أن يسقط نتنياهو بأي ثمن لأنه خطير على إسرائيل. ولا أريد أن أعرقل هذا الهدف».
وكان نواب القائمة المشتركة، التي تضم الأحزاب العربية، قد دخلوا في صدام مع غانتس بسبب تصريحاته الأخيرة التي قال فيها إنه يسعى لإدخال الشباب العربي إلى الجيش الإسرائيلي. وقال إن عدم دخول العرب واليهود المتدينين إلى الجيش هو ظاهرة غير صحية. وهاجمه النواب العرب على تصريحات قال فيها، إن منطقة غور الأردن المحتلة يجب أن تبقى مع إسرائيل وتضم إليها في أي تسوية. وقال النائب أحمد الطيبي: «إذا أصر غانتس على هذا الخطاب السياسي فإنني أعده بأن يبقى رئيساً للمعارضة».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.