المغرب وتركيا يتفقان على مراجعة «اتفاقية التبادل الحر»

أنقرة تعهدت بجلب استثمارات جديدة

TT

المغرب وتركيا يتفقان على مراجعة «اتفاقية التبادل الحر»

قرر المغرب وتركيا، أمس، مراجعة اتفاقية التبادل الحر بينهما، جراء الخسائر الكبيرة التي يتكبدها المغرب في علاقته التجارية مع هذا البلد، والتي بلغت ملياري دولار. فيما تعهد الجانب التركي بضخ استثمارات جديدة في المغرب.
وقال مولاي حفيظ العلمي، وزير التجارة والصناعة والاقتصاد الرقمي المغربي، إنه اتفق مع وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان، على مراجعة بنود اتفاقية التبادل الحر بين البلدين. موضحاً في تصريح للصحافة، عقب انتهاء أشغال منتدى الاستثمار وبيئة الأعمال المغربي التركي، الذي عُقد أمس في الرباط، بمشاركة وزيرة التجارة التركية، أنه ستجري مراجعة عدة نقاط خلافية في الاتفاقية، سيتم التوافق بشأنها بين البلدين بحلول نهاية الشهر الحالي، لا سيما فيما يتعلق بمراجعة منظومة استيراد النسيج.
ولفت الوزير المغربي إلى أن «البلدين سيعملان معاً من أجل جلب مستثمرين أتراك بهدف ضخ استثمارات في السوق المحلية». مبرزاً أنه جرى الاتفاق أيضاً على زيادة نسبة صادرات المغرب إلى تركيا. كما شدد العلمي على أن الجانب التركي أكد أهمية الاستثمار في المغرب، وأن بلاده مستعدة لتقديم الدعم اللازم للاستثمارات التركية.
من جانبها، دعت وزيرة التجارة التركية أمس، إلى تكثيف الاستثمارات المتبادلة بين بلادها والمغرب لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وقالت بكجان خلال مشاركتها في منتدى الاستثمار وبيئة الأعمال المغربي - التركي، في العاصمة الرباط، إن المغرب «بموقعه الاستراتيجي وإمكاناته الاقتصادية، يعد من أهم شركاء تركيا في القارة الأفريقية»، مضيفةً: «نتطلع لتكثيف الأتراك استثماراتهم في المغرب، على اعتبار أنه بوابة القارة الأفريقية، وإلى جانب العلاقات التاريخية والثقافية القائمة بين البلدين، نرغب في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية أيضاً؛ ونسعى لإقامة علاقات تجارية متوازنة مع المغرب، بحيث يكون كلا الطرفين رابحاً».
كان العلمي قد أعلن أن المغرب لا يمكنه أن يواصل اتفاق التبادل الحر مع تركيا بصيغته الحالية، وقال إنه تحدث مع الأتراك، وأخبرهم بشكل واضح: «إما الوصول إلى حلول لمراجعة هذا الاتفاق، وإما تمزيقه».
وكان العلمي قد أوضح، الاثنين الماضي، خلال الجلسة العامة الأسبوعية المخصصة للأسئلة الشفهية، رداً على سؤال بشأن «حصيلة اتفاقيات التبادل الحر»، وجّهه الفريق النيابي لحزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض: «نحن نحارب الشركات التي تريد إغراق الأسواق المغربية». مشدداً على أن المغرب «ليس لديه مشكلة مع أي بلد... المهم هو أن ندافع عن الاقتصاد المغربي، وعن مناصب الشغل التي بذلنا جهداً كبيراً لتوفيرها». وتابع متسائلاً: «هل نكوّن شبابنا ليحصل على فرص عمل، ثم نسمح ببلاد كيفما كانت تهدم مناصب الشغل في المغرب؟ لن نسمح بهذا أبداً».
كما أبرز الوزير المغربي أن المغرب وقّع اتفاقيات التبادل الحر مع 56 بلداً، أعطت نتائج إيجابية في بعض الميادين، مشيراً إلى أن صادرات المغرب الموجّهة إلى أميركا ارتفعت بنحو 16%، كما ارتفعت مع البلدان العربية بنسبة 13%، ومع البلدان الموقعة على اتفاقية أكادير بـ16%، و12% مع الإمارات، ومع تركيا بـ23%. لافتاً إلى أن «بعض الاتفاقيات أعطت نتائج إيجابية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار».
وبدأ تنفيذ اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وتركيا في 2006 بعد أن وقعت في 2004 وبلغت المبادلات التجارية منذ بداية توقيع اتفاقيات التبادل الحر بين المغرب وتركيا 27 مليار درهم (2.8 مليار دولار) سنة 2018، مقابل 6.6 مليارات درهم (0.684 مليار دولار) فقط سنة 2016، وارتفع العجز التجاري للمغرب مع تركيا بشكل كبير لينتقل من 4.4 مليارات درهم (0.456 مليار دولار) سنة 2006 إلى 16 مليار درهم (1.66 مليار دولار) سنة 2018، ولترتفع بذلك الدعوات إلى مراجعة اتفاقية التبادل الحر مع هذا البلد.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم