تنظُر الفنانة المصرية سحر الأمير، بعين طائر مُحلّق إلى ذكرياتها مع الأماكن والمدن التي غمرتها بالانطباعات، وقدمت عبر 40 لوحة تصورات بصرية لتلك الانطباعات في معرض بعنوان «مكان أخضر»، بغاليري «أوبنتو» بالقاهرة، الذي يستمر حتى مطلع فبراير (شباط) المقبل.
تزدحم مفردات لوحات المعرض بخطوط ورموز وتشكيلات تجريدية وألون تشع بالانفعالات، ما بين صخب وهدوء، وبين ثنايا هذا الزحام يُضيئ اللون الأخضر بتدريجاته المكان، ليفرض نفسه باعتباره أكثر من مجرد لون، فهو فلسفة وهُوية منحته سحر الأمير بطولة المعرض، وتقول عنه لـ«الشرق الأوسط»: «اللون الأخضر بالنسبة لي هو رئة اللوحة ومُتنفسها، حاولت في هذا المعرض التعبير عن الأماكن التي زرتها وأحببتها كثيراً، منها القاهرة والإسكندرية ودهب وجنوب مصر وكذلك المغرب، ودائماً كان اللون الأخضر مُصاحباً لتلك الزيارات ولترجمتي البصرية لتلك الأماكن».
تضيف الأمير: «في البداية قمت برسم اسكتشات لتلك الأماكن بشكل أفقي، كأنني أنظر إليها من أعلى، وهنا ترجمت الأماكن إلى خطوط تجريدية، أميل دائماً إلى توظيفها في مشروعي، فأنا أزور الأماكن وأترك من ورائها خطوطاً وألواناً، فتصبح أقرب إلى تراكمات تُجسد حركتي في الحياة».
عبر الخطوط التي تضم بصمات الأماكن التي انفعلت بها الفنانة، يغيب البشر ويذوبون في براح المكان، الذي يتسرب منه حضور دافئ للشوارع والطرق وعُشب الأرض، وحتى نهر النيل، والمحيط الأطلسي الذي يحدّ المغرب، وأظهرت سحر الأمير تفاوتاً في درجات زُرقة المحيط والنيل، كأنها تصوغ جغرافيا البلاد بدرجات الألوان.
تقول صاحبة المعرض: «أميل دائماً إلى اختبار الخامات في كل معرض لي، سواء في تفاعلاتها أو اختبار ديمومتها، وبالنسبة إلى الألوان فاللون الأخضر هو دائماً اللون الذي يقدم لي حلولاً لمشكلات اللوحة، وفي هذا المعرض هناك زخم كبير للألوان، ويقوم الأخضر دائماً بصناعة وتحقيق التوازن بين زحامها، سواء كانت ألواناً أرضية أو ألواناً حادة».
تتراوح أحجام اللوحات المعروضة، وكذلك الخامات التي قامت الفنانة بتوظيفها بسلاسة، من أحبار وألوان على سطح الورق والقماش، وكذلك الخيوط التي تُضفي طابع الحياكة اليدوية كملمس أنثوي يتماهى مع الملمح التجريدي للأعمال، لتصنع بها الفنانة مُقاربة بين تجربة السير في براح مُحاط بالخُضرة بكل ما تبعثه من راحة للعين والروح، وبين ما يفعله اللون الأخضر في السرد التشكيلي.
سحر الأمير، المولودة في مدينة الإسكندرية عام 1970، تخرجت في كلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية عام 1993، وفازت بعدها مباشرةً بجائزة الدولة للإبداع، ما أهّلها للدارسة مدة عام ونصف في أكاديمية الفنون بروما. شاركت في العديد من المعارض في أتيليه القاهرة وأتيليه الإسكندرية، وفي معارض دار الأوبرا المصرية، وفي معارض بدول إيطاليا وكندا وفرنسا ودول أخرى.
وأصدرت الأمير كتاباً للأطفال عن فصول السنة، من تأليفها ورسومها في عام 2001، وهي الآن متفرغة لفن التصوير وتمارسه في مرسمها بوسط القاهرة.
«مكان أخضر»... رئة تتنفس وسط زحام القاهرة
رؤية تجريدية لمدن مصرية ومغربية عبر 40 لوحة
«مكان أخضر»... رئة تتنفس وسط زحام القاهرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة