اتفاق مبدئي بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن ملء سد النهضة

نهر النيل الأزرق يمر عبر سد النهضة الإثيوبي (أرشيف - رويترز)
نهر النيل الأزرق يمر عبر سد النهضة الإثيوبي (أرشيف - رويترز)
TT

اتفاق مبدئي بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن ملء سد النهضة

نهر النيل الأزرق يمر عبر سد النهضة الإثيوبي (أرشيف - رويترز)
نهر النيل الأزرق يمر عبر سد النهضة الإثيوبي (أرشيف - رويترز)

اتفق وزراء من مصر وإثيوبيا والسودان على الاجتماع مجددا في واشنطن في 28 و29 يناير (كانون الثاني) الجاري لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق بشأن سد النهضة على النيل الأزرق والذي أطلق شرارة أزمة دبلوماسية بين القاهرة وأديس أبابا.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية التي استضافت اجتماعا للوزراء في واشنطن هذا الأسبوع إنهم اتفقوا خلاله على ملء خزان سد النهضة، الذي تكلف أربعة مليارات دولار، على مراحل خلال الموسم المطير، على أن يأخذ ذلك في الحسبان التأثير على المخزون المائي لدى دول المصب، وفق وكالة رويترز.
وتستهدف المرحلة الأولى لملء خزان السد الوصول لمستوى 595 مترا فوق مستوى سطح البحر وبدء توليد الكهرباء، وفق البيان.
وأوضح البيان أنه سيجري توفير سبل مناسبة لتخفيف أثر الجفاف على مصر والسودان، وأن مراحل الملء اللاحقة للسد ستسمح بتصريف المياه خلال فترات الجفاف الطويلة.
كانت الخارجية المصرية أعلنت، أمس (الثلاثاء)، أنها قدمت للجانب الأميركي شرحاً للرؤية المصرية بخصوص القواعد والآليات التي يتعين أن تحكم ملء وتشغيل سد «النهضة» الإثيوبي، بما يفضي إلى التوصل لاتفاق «عادل ومتوازن».
ويشارك وزير الخارجية المصري سامح شكري، ووزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي، في اجتماعات مكثفة بوزارة الخزانة الأميركية في واشنطن، برئاسة وزير الخزانة ستيفن منوتشين، وبحضور رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، لمناقشة مستجدات المفاوضات الجارية بين مصر وإثيوبيا والسودان حول السد.
وعلى مدار يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، استضافت واشنطن محادثات موسعة بشأن أزمة «سد النهضة»، على أمل التوصل لاتفاق، قبيل مهلة محددة سابقاً بمنتصف يناير (كانون الثاني) الجاري، بعدما فشلت أربعة اجتماعات متتالية، عُقدت في القاهرة والخرطوم وأديس أبابا (لقاءين) في الوصول إلى توافق.
وتدشن إثيوبيا السد منذ 2011 على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، بهدف توليد الكهرباء. وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها من المياه، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، والتي تعتمد عليها بأكثر من 90%.
ويتعلق الخلاف بين البلدين بشكل رئيسي حول فترة ملء خزان السد، الذي تصل قدرته إلى 74 مليار متر مكعب. واقترحت القاهرة وضع آلية للتكيف مع التغيرات الهيدرولوجية في النيل الأزرق، والتعامل مع سنوات الجفاف والجفاف الممتد، بما في ذلك الإبطاء من سرعة الملء، وإخراج كميات من المياه المخزنة في السد للحد من الآثار السلبية لعملية الملء في أثناء الجفاف، وسد العجز المائي الذي قد تتعرض له دول المصب، مع الحفاظ على قدرة سد النهضة على الاستمرار في توليد الكهرباء.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».