حياة أسير فلسطيني على المحك في اليوم الـ113 لإضرابه عن الطعام

زوجة أحمد زهران المعتقل في سجن عوفر الإسرائيلي مع محتجين آخرين الأسبوع الماضي (أ.ب)
زوجة أحمد زهران المعتقل في سجن عوفر الإسرائيلي مع محتجين آخرين الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

حياة أسير فلسطيني على المحك في اليوم الـ113 لإضرابه عن الطعام

زوجة أحمد زهران المعتقل في سجن عوفر الإسرائيلي مع محتجين آخرين الأسبوع الماضي (أ.ب)
زوجة أحمد زهران المعتقل في سجن عوفر الإسرائيلي مع محتجين آخرين الأسبوع الماضي (أ.ب)

دخل الأسير الفلسطيني أحمد زهران، أمس، يومه الـ113 على التوالي، لإضرابه المفتوح عن الطعام، محتجاً على اعتقاله الإداري، ما يضع حياته على المحك.
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن أطباء الاحتلال في مستشفى «كابلان» أكّدوا أن هناك خطراً على الوضع الصحي للأسير زهران، وأن اللجنة الطبية بالمستشفى منحتهم الصلاحية الكاملة لإخضاعه للعلاج القسري، في حال وجود خطر حقيقي على حياته.
ويعاني زهران من صداع وآلام في المفاصل وانخفاض في نبضات القلب، وعدم القدرة على الحركة، ويتنقل بين «عيادة سجن الرملة» ومستشفى «كابلان» للعلاج، وسط تحذيرات من إمكانية تعرضه لانتكاسة صحية مفاجئة؛ خصوصاً في أعضائه الحيوية، نتيجة نقص الأملاح والسوائل في جسمه.
وأوضحت الهيئة عقب زيارة محاميها للأسير زهران في «كابلان»، ومقابلة رئيسة القسم الذي يمكث فيه؛ أن نبضات قلبه تصل إلى 35 ليلاً، وفقد من وزنه نحو 40 كيلوغراماً، وهو لا يقوى على الوقوف، وأن هنالك تخوفاً من حدوث ردة فعل عكسية لأعضائه الحيوية. وأضافت أن إدارة سجون الاحتلال نقلت الأسير زهران للمستشفى عدة مرات خلال إضرابه، وكانت في كل مرة تخضعه للمراقبة الطبية ليوم واحد في غالبية الحالات وتعيده إلى السجن، ما يفاقم من وضعه الصحي، ويزيد من حالة الإنهاك التي يعاني منها أسير امتنع عن الطعام والشراب لشهور، بينما نقلته للمستشفى منذ تاريخ الخامس من الشهر الجاري، وأبقت على مكوثه فيه بعد تدهور خطير طرأ على وضعه الصحي. وبحسب بيان الهيئة، فإن «سجَّاني الاحتلال منعوا زيارة المحامين للأسير زهران منذ نقله الأخير للمستشفى؛ إلا أنهم سمحوا بزيارة محامي الهيئة له بعد توقف الأسير عن تناول الفيتامينات والأملاح لمدة ثلاثة أيام». والأسير زهران (42 عاماً)، من بلدة دير أبو مشعل شمال غربي رام الله، أمضى ما مجموعه 15 عاماً في معتقلات الاحتلال، وهو أب لأربعة أبناء، وكان آخر اعتقال له في شهر مارس (آذار) 2019.
ويعتبر هذا الإضراب هو الثاني الذي يخوضه خلال العام الجاري؛ حيث خاض إضراباً ضد اعتقاله الإداري استمر لـمدة 39 يوماً، وانتهى بعد وعود بالإفراج عنه، إلا أن سلطات الاحتلال أعادت تجديد اعتقاله الإداري لمدة أربعة أشهر، وثبتته على كامل المدة، كما رفضت المحكمة العسكرية للاحتلال الاستئناف المقدم باسمه في السابع من الشهر الجاري.
وطلبت المحكمة تعليق الأسير زهران للإضراب قبل تحقيق مطلبه بإنهاء اعتقاله الإداري؛ مدعية ضرورة إخضاعه للتحقيق، وأن وضعه الصحي لا يسمح بذلك الآن.
وكان محققون من مركز تحقيق وتوقيف «المسكوبية»، حضروا للتحقيق معه في يوم إضرابه الـ90، في «عيادة سجن الرملة»، ولم يتمكنوا من إتمامه لصعوبة الوضع الصحي للأسير.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم