«كلنا للوطن»... كتاب توثّق فيه ديان فاضل ثورة لبنان بصور وعبر

مشهدية الثورة بكل تفاصيلها ينقلها كتاب «كلنا للوطن» لديان فاضل صاحبة مؤسسة «ديان» للحفاظ على البيئة في لبنان. ويوثق الكتاب من خلال 230 صورة فوتوغرافية التقطها نحو 30 فناناً لبنانياً، للثورة منذ بداياتها ولغاية اليوم.
حاولت فاضل ولتعزيز أهمية هذا الكتاب، أن تجمع لقطات منوعة سجلتها الساحات والشوارع في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية مواكبة للحراك المدني. «لقد أردته بمثابة وثيقة تاريخية تسلط الضوء على ثورة (لبنان ينتفض) لتبقى ذكرى مكتوبة وموثقة بصور فوتوغرافية لفتتني منذ اندلاع الحراك في لبنان». تقول ديان فاضل في حديث لـ«الشرق الأوسط»، وتضيف: «الفكرة راودتني عندما صرت أكتشف يوماً بعد يوم خلال الثورة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي صوراً فوتوغرافية التقطها فنانون لبنانيون من هنا وهناك تضعنا على تماس مباشر على ما يجري على الأرض. وعندما قررت طباعة هذه الصور رحت أبحث عن أصحابها لأن هذا الكتاب هو عبارة عن تحية تكريمية أهديهم إياها في هذه المناسبة».
وينقسم كتاب «كلنا للوطن» إلى فقرات مختلفة تحمل عناوين ترتبط ارتباطاً مباشراً بما تضمنته الثورة من ناحية، وبالتأثير الذي تركته على اللبنانيين من مختلف الأعمار من ناحية ثانية. تحت عناوين «شعارات» و«حركة الثورة» و«تفجير المواهب» و«تضامن» و«نشأة الأجيال» و«ثورة أنثى» وضعت ديان فاضل الكتاب بتصرف ما أفرزته الثورة على الأرض.
«لقد لفتني كل هذا الحب للبنان الذي يكنّه له شعبه من كبيره إلى صغيره إذ كان يخيل إلينا أنّ أحداً لا يهتم لمصيره». توضح فاضل في سياق حديثها، وتتابع: «لذلك سلطت الضوء على صور فوتوغرافية تظهر أجيالاً من الشباب والأطفال والنساء شاركوا في الثورة ولمعوا فيها كعنصر أساسي ساهم في بريقها. كما رغبت في نشر هذا الحلم الذي يراود شعب لبنان من خلال مواهب فنية ترجمت رؤيتها المستقبلية في لوحات رسم وأخرى من فن الغرافيتي. وهو ما ساهم في إبراز ثقافات عديدة وغنية نتمتع بها كلبنانيين وتفتحت براعمها على يد هذه الانتفاضة».
ولم تشأ ديان أن تمر الصور في كتابها مرور الكرام فعلقت عليها بكتابات بالفرنسية تُرجمت إلى العربية والإنجليزية، تنبع من مشاعرها وعواطفها الجياشة التي ولدت من رحم هذا الحراك. «لا أعلم إذا هناك كثيرون من أبناء جيلي راودهم هذا الشعور بالأمل والتجدد والتفاؤل من جراء مشهدية الثورة النابضة بدم الشباب منذ اليوم الأول لانطلاقها. فأنا شخصياً غمرني حماس التغيير وحب اللبنانيين لبعضهم بعضاً إلى حدّ جعلهم يتضامنون يداً واحدة وكأنّهم يلتقون بعد طول غياب. فكل هذه العناصر ترجمتها في كتاباتي وتعليقاتي على صور تبرز ضرورة رفع الصوت وتنشئة جيل ديناميكي يهتم ببيئته ووطنه. في رأيي ما تعلمه اللبناني في الشارع خلال المظاهرات، لم يكن يدركه وهو يجلس في منزله. وأول ما لفتني في هذا الإطار هو كيفية تعامل المتظاهرين مع شوارعهم وساحاتهم، من خلال تطوعهم لتنظيفها بعيد كل تجمع كبير يقومون به من أجل رفع الصوت في هذه الساحة أو تلك». وتحت عنوان «وطننا العزيز لبنان المحبوب لفترة طويلة بالالتباس وبالألم والإحباط»، وضمن نص يرافق أحد أقسام الكتاب «تفجير المواهب» كتبت تقول: «خلال الأحداث المأساوية أو السعيدة التي طبعت تاريخه المضطرب للغاية، يشهد تدفق الوحي الفني لدى مواطنيه أكانوا فنانين مخضرمين أو مبتدئين أو هواة يعيشون حالة سكر ثوروية جميعهم يودون مواكبة هذه اللحظات التي تحمل ريح التغيير معبرين بصدق وقوة عن مشاعرهم الوطنية...تفجير مواهب كانت راقدة في سبات عميق حتى الأمس القريب، منتظرة استيقاظ شعب انغمس في حالة من الجمود والخضوع لأكثر من أربعين عاماً».
ومن بين الفنانين المصورين المشاركين في هذا الكتاب أنا جوجار وضومط أبي صالح وكرستيل شحادة ونزيه شامي وهدى كرباج وكريس مخول وكارلا هنود وغيرهم. «لقد عبروا لي عن امتنانهم الكبير لجمع صورهم في كتاب (كلنا للوطن)»، تقول ديان فاضل. وتضيف: «فالكتاب هو بمثابة ألبوم سيبقى للذكرى ويحفظ مرحلة من أهم مراحل لبنان في التاريخ الحديث. وهو موثق بصور فوتوغرافية وقعها شباب لبناني أخذته الثورة إلى الوطن الذي يحلم به منذ سنين طويلة».