العراق يشكو إيران إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة

رفض أن يكون «ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات» مع الولايات المتحدة

صورة بالأقمار الصناعية لقاعدة {عين الأسد} الأميركية بعد استهدافها بصواريخ إيرانية الأربعاء الماضي
صورة بالأقمار الصناعية لقاعدة {عين الأسد} الأميركية بعد استهدافها بصواريخ إيرانية الأربعاء الماضي
TT

العراق يشكو إيران إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة

صورة بالأقمار الصناعية لقاعدة {عين الأسد} الأميركية بعد استهدافها بصواريخ إيرانية الأربعاء الماضي
صورة بالأقمار الصناعية لقاعدة {عين الأسد} الأميركية بعد استهدافها بصواريخ إيرانية الأربعاء الماضي

أكد المندوب العراقي الدائم لدى الأمم المتحدة محمد حسين بحر العلوم، في رسالة إلى الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش ورئيس مجلس الأمن للشهر الحالي المندوب الفيتنامي الدائم دانغ دينه كوي، أن استهداف طهران لأراضي العراق بالصواريخ «أمر مرفوض» ويمثل «خرقاً لسيادته» و«انتهاكاً للقانون الدولي»، رافضاً أن تكون بلاده «ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات» بين إيران والولايات المتحدة.
وأورد بحر العلوم في الرسالة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها قبل أن تصير وثيقة رسمية أنه بعد الرسالة المؤرخة في 6 يناير (كانون الثاني) في شأن «انتهاك سيادة العراق الذي قامت به القوات العسكرية الأميركية بتاريخ 3 يناير 2020» من خلال اغتيال قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني الفيلق قاسم سليماني ونائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» العراقي أبو مهدي المهندس وآخرين قرب مطار بغداد الدولي، مضيفاً أنه تلقى تعليمات من حكومته للإبلاغ عن «خرق آخر» تعرضت له الأراضي العراقية منتصف ليلة الأربعاء الموافق 8 يناير 2020 لضربات بالصواريخ الإيرانية استهدفت معسكرات تضم قوات عراقية وقوات للتحالف الدولي. وأكد أن قصف الأراضي العراقية من قبل إيران «بحجة الدفاع عن النفس وتحت المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة أمر مرفوض»، إذ إنه «يمثل خرقاً لسيادة العراق وانتهاكاً لمبادئ حسن الجوار ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي». وشدد على أن «أرض العراق لم تكن ولن تكون تهديداً لأمن وسلامة دول الجوار»، قائلاً إن «العراق يشجب إقحامه في صراعات إقليمية أو دولية وأن تكون أراضيه ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات». وأضاف أن «تلك التصرفات والانتهاكات تعد أعمالاً استفزازية واضحة على العراق دولة وحكومة وشعباً»، فضلاً عن أنها «تعرض سلمه وسيادته ووحدة أراضيه وأمنه الاجتماعي لخطر كبير»، مؤكداً أن هذا «يضع العراق كساحة حرب محتملة مدمرة في المنطقة والعالم بأسره».
وطالب بحر العلوم المجتمع الدولي بـ«الحفاظ على أمن (العراق) وسلامته ووحدة أراضيه»، داعياً كل الأطراف المعنية إلى «التحلي بضبط النفس والعمل على تخفيض التوتر في المنطقة وحلحلة الأزمات التي تعانيها ومنع تدهور الوضع الهش فيها». وطلب من مجلس الأمن «شجب خرق الأطراف المتنازعة لسيادة العراق وتهديد أمنه واستقراره»، مكرراً رغبة بلاده في التعاون مع دول الجوار والمجتمع الدولي في إيجاد المشتركات للوصول إلى حلول سلمية تؤدي إلى وقف تلك الانتهاكات المتكررة.
وكانت وزارة الخارجية العراقية وجهت الأسبوع الماضي رسالتين متطابقتين إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة تتضمنان شكوى ضد الولايات المتحدة. وأفادت في بيان بأنها قدمت شكوى بصدد الضربة الأميركية قرب مطار بغداد. وقالت إن الهجمات «نتج عنها استشهاد نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي جمال جعفر محمد (أبو مهدي المهندس)، مع ثلة من الشهداء من القيادات العراقية والصديقة، في انتهاك خطير للسيادة العراقية وبمخالفة لشروط وجود القوات الأميركية في العراق».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.