المعارضة التونسية تسقط حكومة الجملي... والأنظار تتجه نحو خطوة الرئيس

أسقط البرلمان التونسي، حكومة الحبيب الجملي المقترحة، بعد أن رفض منحها الثقة خلال جلسة البرلمان، ليلة أول من أمس، إذ لم يصوت لفائدتها سوى 71 نائباً، في مقابل معارضة 134 نائباً، وهو ما أقصى حركة «النهضة» (إسلامية) من تزعم المشهد السياسي، وطرح بعض التساؤلات حول مدى قوتها في الوقت الحالي بعد الإقصاء المدوي، حسب تعبير بعض المراقبين. لكن راشد الغنوشي رئيس الحركة أكد أمس أن حزبه «سيظل مشاركاً في تشكيل الحكومة المقبلة»، وانتقد في المقابل رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، بحجة أنه «لم يظل وفياً للتكليف الذي منح إياه، واختار سياسة حكومة كفاءات»، موضحاً أن «حكومة الكفاءات ليست سياسة (النهضة)»، على حد تعبيره. من ناحيته، جدد الجملي، عقب جلسة التصويت، التأكيد على قناعته بأن الخيار الأصلح لتونس «هو حكومة تكون مستقلة بالقدر نفسه عن كل الأحزاب»، نافياً، في الوقت ذاته، أن تكون حركة «النهضة» قد خذلته.
وبإسقاط حكومة الجملي المقترحة، بدأت أنظار التونسيين تتجه إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد، وخطوته المستقبلية، فيما يتوقع مراقبون أن يعين في غضون 10 أيام شخصية تكون أقدر على تشكيل الحكومة، وفق ما ينص عليه الفصل 89 من الدستور.
ومن المنتظر أن يجري الرئيس سعيد، هذا الأسبوع، مشاورات مع الأحزاب والائتلافات، والكتل النيابية، لتكليف شخصية يراها مناسبة لتكوين حكومة في أجل أقصاه شهر، في وقت يخيم فيه شبح إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في حال فشلت الحكومة مجدداً في نيل ثقة البرلمان. في غضون ذلك، أظهرت نتائج التصويت على حكومة الجملي، أول من أمس، أن حركة «النهضة» و«ائتلاف الكرامة» المقرب منها، هما الوحيدان اللذان منحا الثقة للحكومة المقترحة، التي تشكلت من 42 وزيراً وكاتب دولة.
وكان للتحالف الذي عقد في آخر لحظة بين حركة «تحيا تونس» (14 مقعداً برلمانياً) برئاسة يوسف الشاهد، وحزب «قلب تونس» الذي يرأسه نبيل القروي (38 مقعداً) دور حاسم في رفض الحكومة التي رشحت لها حركة «النهضة» الحبيب الجملي لتشكيلها.
ومباشرة بعد الإعلان عن عدم التصويت لحكومة الجملي، أعلن نبيل القروي أن حزبه سيبادر مع حزبي «حركة الشعب» (15 مقعداً) و«تحيا تونس»، وكتلتي «المستقبل» (9 مقاعد) و«الإصلاح الوطني» (15 مقعداً)، بتقديم مبادرة وطنية لبقية الأحزاب. وبإمكان هذه المبادرة أن تضم في حزامها 91 نائباً برلمانياً. في السياق ذاته، قال مبروك كرشيد، النائب عن حركة «تحيا تونس»، إن هذه المبادرة السياسية قد تفضي إلى تشكيل حكومة إنقاذ حقيقية في هذا الظرف الدقيق، مبرزاً أنه سيتم تشكيل الحكومة المقبلة بالتشاور مع رئيس الدولة والكتل البرلمانية.
وتشير عدة مصادر إعلامية وتسريبات سياسية إلى أن يوسف الشاهد، رئيس حكومة تصريف الأعمال حالياً، يعد نفسه لتولي رئاسة الحكومة التي سيشكلها هذه المرة قيس سعيد، ويرى حسب بعض المقربين منه أنه «الشخصية الأقدر» على تولي رئاسة الحكومة، خصوصاً بعد التجربة التي اكتسبها منذ سنة 2016 على رأس حكومة الوحدة الوطنية، ثم حكومة تصريف الأعمال. غير أن مراقبين يؤكدون أن حظوظه تبقى ضئيلة لنيل ثقة الأحزاب الممثلة في البرلمان، خصوصاً أن عدة أحزاب تنتقد باستمرار النتائج الفاشلة التي سجلها خلال سنوات حكمه. كما أن حركة «النهضة» لن تغفر له الاجتماع الأخير مع نبيل القروي، وتحالفهما الحاسم قبل ساعات من التصويت من أجل عدم منح الثقة لحكومة تتبناها «النهضة»، حسب مراقبين.
في غضون ذلك، قال غازي الشواشي، النائب بـ«الكتلة الديمقراطية» وقيادي حزب «التيار الديمقراطي»، إن حزبه غير معني بمبادرة تشكيل حكومة إنقاذ وطني، مبرزاً أنه لم يوقع على العريضة السياسية التي صاغتها بعض الأحزاب لإطلاقها بعد فشل التصويت على الحكومة المقترحة من قبل الجملي.
ودعا الشواشي، رئيس الجمهورية قيس سعيد، إلى التشاور مع الأحزاب قبل تكليف شخصية بتشكيل الحكومة الجديدة، مشدداً على أن الرئيس «مطالب بالتوافق مع الأحزاب على اختيار شخصية لتشكيل الحكومة، لا تكليفها حسب أهوائه»، مبرزاً أن حزب «التيار الديمقراطي» لديه مقترحات أسماء لتكليفها بتشكيل الحكومة، وهي تتميز بتجربتها السياسية ومعروفة بالكفاءة، على حد تعبيره.