«الخلايا النائمة»... سلاح خصوم الحرب لدخول المدن الليبية

«ترتيبات سرية» أسقطت سرت

TT

«الخلايا النائمة»... سلاح خصوم الحرب لدخول المدن الليبية

أفرزت الحرب الدائرة على تخوم العاصمة الليبية طرابلس، بين «الجيش الوطني» وقوات حكومة «الوفاق»، سلاحاً موازياً للتكتيكات والخطط العسكرية، تمثل في «استثمار أنصار الداخل» لتسهيل الدخول والاستيلاء على مدن يسيطر عليها أحد الطرفين.
وقدمت السلطات المحلية وقوات عملية «بركان الغضب»، التابعة لحكومة «الوفاق»، مبررات عدة لسقوط سرت في قبضة قوات «الجيش الوطني»، علماً بأنه سبق لها التأكيد على جاهزيتها في التصدي «لأي معتد»، وأرجعت هزيمتها إلى تحرك ما سمته بـ«خلايا نائمة» داخل سرت، وقالت إن «القوات وجدت نفسها أمام خيار أن تحول المعركة إلى داخل أحياء سرت، وعندها ستكون مواجهة بالأسلحة الثقيلة».
وتابعت المصادر ذاتها موضحة: «كان بإمكان قواتنا الصمود لأسبوعين وفق إمكانياتها الحالية، ودون أي دعم يصل إليها، لكن العواقب ستكون وخيمة على المدنيين، ولذلك وضعت خطة الانسحاب، وانتظرت الأوامر وفق التصورات المطروحة... ولا نزال نحتفظ بكامل مقدراتنا، وانسحابنا من سرت ليس النهاية».
وقبل أن تقول إن غرفة عملياتها تدارست الوضع «مخافة أن تتحول المدينة إلى ساحة حرب يُقتل وينزح فيها 120 ألف مواطن»، اتهم مسؤول بارز بـ«غرفة حماية سرت» من سماهم «الخونة» الذين «باعوا ضمائرهم مقابل المال، ورفعوا السلاح في وجه أبناء مدينتهم، وساندوا الباغي».
ورأى المسؤول الذي رفض ذكر اسمه بسبب وجوده داخل المدينة «أن سرت لم تسقط بشكل تام، والحرب سجال، وحتماً سينتصر الحق على الباطل»، مستكملاً: «قاتلنا (داعش) لعامين حتى طهرنا المدينة من عناصره، ولم نعجز عن طرد المعتدي». وفور الإعلان عن دخول «الجيش الوطني» سرت، احتفل بعض المواطنين بقدوم قواته، وقالوا إن «قواتنا المسلحة جاءت لحمايتنا من الميليشيات»، فيما سارع عميد بلدية سرت، مختار المعدني، الذي كان يتبع سابقاً حكومة «الوفاق» إلى الترحيب بالجيش، ونقلت عنه الإذاعة المحلية للمدينة أن حقوق سرت «كانت مهضومة منذ خروج (داعش) منها، وجل المواطنين لم يتقاضوا تعويضاً مقابل ديارهم المهدمة، وفقاً لما أقرته الحكومة قبل 3 أعوام». وطمـأن المعداوي المواطنين بأن العمل متواصل بالمرافق الحكومية والمؤسسات الشرطية، كما أن الدراسة مستمرة بمدارس وجامعات سرت، المدينة الساحلية المطلة على البحر الأبيض المتوسط التي تنتصف الطريق بين طرابلس العاصمة وبنغازي.
ودافع رائف المالكي، أحد سكان مدينة سرت، عن دخول الجيش إلى مدينته، بقوله: «مثل هذه الأمور تتم بتنسيق سري بين شباب المناطق. لقد عانت سرت كثيراً من ويلات تنظيم (داعش)، وديارنا سبق أن دمرت ونهبت، ونحن نريد الاستقرار»، وتابع ملتمساً المبرر لمن هلل فرحاً من المواطنين بدخول الجيش: «لا نستطيع أن نلوم أي مواطن على تصرفه، فهم يريدون الحفاظ على ممتلكاتهم من آثار الحرب، أو تكرار تجربة المدن التي نزحت». ورأت عملية «بركان الغضب»، في تصريحاتها، أن «الإرهاب عاد إلى سرت»، وقالت بهذا الخصوص: «علمنا بحرق منازل المواطنين، وتعرضها للسلب والنهب على يد هذه العصابات الإجرامية... لكن خسارة معركة لا تعني خسارة الحرب، وسوف نعيد ملحمة (البنيان المرصوص) لهزيمة الإرهاب بكل وجوهه».
وسرت ليست المدينة الأولى التي لعب سكانها دوراً في تحديد مصيرها، أو الكشف عن توجهاتها لصالح أي طرف من الأطراف المتحاربة، فقد سبق أن أرجع «الجيش الوطني» سقوط مدينة غريان، الواقعة على بعد 100 كيلومتر جنوب غربي طرابلس، إلى «الخلايا النائمة» ذاتها.
لكن قوات «الوفاق» تمكنت من إعادتها إليها ثانية. وقد قال اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم «الجيش الوطني» حينها، إن قوات حكومة الوفاق سيطرت على أجزاء من مدينة غريان «بمساعدة الخلايا النائمة هناك»، وتابع موضحاً: «هؤلاء (الخلايا) حاولوا زعزعة الأمن في جبل غريان، وأمّنوا تقدّم المجموعات الإرهابية». لكن متحدثاً باسم قوات «الوفاق» رد بالقول إن «شبان غريان كان لهم موقف مغاير، فقد رفضوا سيطرة العدوان، وساهموا مع قواتنا في طرده». وأصبحت عدة مدن تقع في طريق قوات «الجيش الوطني» (غرب) تتخوف من مصير مشابه لسرت، وبدأت حالة استنفار لأجهزتها الأمنية، ووضع مؤسساتها الصحية في حالة طوارئ دائمة، استعداداً لما هو آت. في وقت تشن فيه بعض البلدات حملة لاعتقال أي أفراد يتهمون بـ«التخطيط لمساعدة الجيش»، وهو ما حدث مراراً في طرابلس.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.