«الجيش الوطني» الليبي يعلن الاقتراب من المناطق السكنية لطرابلس

البعثة الأممية تنفي مغادرة البلاد إلى تونس

TT

«الجيش الوطني» الليبي يعلن الاقتراب من المناطق السكنية لطرابلس

اقتربت أمس المعارك المستمرة في العاصمة الليبية طرابلس للشهر العاشر على التوالي، من الأحياء والمناطق السكنية داخل المدينة، بموازاة تقدم مطرد لقوات «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، خاصة في الضواحي الجنوبية، على حساب القوات الموالية لحكومة «الوفاق» التي يرأسها فائز السراج، والتي عززت في المقابل من حجم قواتها وأسلحتها.
وقال مسؤول عسكري بارز بـ«الجيش الوطني» لـ«الشرق الأوسط» إن المعارك أصبحت بالفعل داخل الأحياء السكنية، لافتا إلى اشتداد القتال، خاصة في محور جنوب العاصمة حيث توجد قوات الجيش في جنوب طرابلس، الممتد من جنوب تاجوراء شرقا، إلى جنوب العزيزية غربا.
وأضاف المسؤول، الذي اشترط عدم تعريفه: «الجيش يتحسب من سقوط ضحايا مدنيين بسبب همجية الميليشيات، التي تشن سلسة قصف عشوائي، وقع آخرها مساء أول من أمس على المناطق السكنية، في تعمد لإسقاط ضحايا، وتشويه سمعة الجيش».
بدورها، قالت شعبة الإعلام الحربي بـ«الجيش الوطني» إن وحداته العسكرية تقدمت في محور أبو سليم بالعاصمة طرابلس، وسيطرت على مواقع جديدة، مشيرة إلى أنها أسرت عددا من عناصر الحشد الميليشياوي، كما غنمت عدة آليات.
من جهته، قال مسؤول عسكري إن قوات الجيش شنت سلسلة غارات جوية أمس على مواقع الميلشيات في محوري عين زارة وأبو سليم. وفي المقابل، قالت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها الميليشيات الموالية لحكومة السراج، إن سلاح مدفعيتها استهدف ثلاثة تمركزات لقوات الجيش في محور صلاح الدين. ونقلت عن الناطق باسمها أن قواتها تصدت لمحاولة تسلل، قامت بها قوات الجيش في محور الرملة - السواني بجنوب طرابلس، كما أحبطت هجوماً في محور الخلاطات، وقتلت ما لا يقل عن 20 ممن وصفتهم بالعناصر الإرهابية. معلنة عن وصول تعزيزات من قوات المنطقة العسكرية الوسطى إلى المواقع المكلفة بها، جنوب العاصمة طرابلس. وكانت القوات الخاصة بـ«الجيش الوطني» قد أعلنت سيطرتها على عدة مواقع بعد منطقة الوشكة شرق مدينة مصراتة، فيما قال مدير مكتب إعلامها رياض الشهيبي إن الوحدات العسكرية تحاصر الجماعات المسلحة بمحيط منطقة بوقرين، بعد هجوم موسع شنته عليها، لافتا إلى أن سرية مضادات الدروع دمرت ثلاث آليات غرب سرت.
وردا على إعلان رئاسة أركان القوات البحرية، التابعة للجيش الوطني، ميناءي مصراتة والخمس مناطق عسكرية مغلقة، أكدت مصلحة الموانئ والنقل البحري، التابعة لوزارة المواصلات بحكومة السراج، أنهما يعملان بصورة طبيعية، وتحت متابعة جميع الجهات المختصة وبشكل طبيعي.
وقالت المصلحة في بيان بثته وكالة الأنباء الموالية للحكومة أمس، إنها غير قادرة على متابعة حركة السفن وتدفق الشحنات ببعض الموانئ، ومنها بنغازي وطبرق. لكنها شددت على غرفة الملاحة البحرية بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتعميم على الوكلاء كافة، وشركات التوكيلات الملاحية وجميع الأعضاء المنتسبين إليها. إلى ذلك، نفت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ما أشيع مساء أول من أمس عن مغادرتها الأراضي الليبية إلى تونس، عبر معبر رأس جدير، واعتبرت أن هذه الأخبار عارية تماما عن الصحة على لسان مسؤولها الإعلامي، الذي أكد أنها ما زالت موجودة في العاصمة طرابلس.
إلى ذلك، انتقدت عملية «بركان الغضب» بحكومة السراج قيام الحساب الرسمي للسفارة الإيطالية في ليبيا على موقع «تويتر» بتسجيل إعجابه بتغريدة منشورة في حساب قناة محلية، اعتبرت أنها تتضمن خبراً كاذباً عن قصف «الجيش الوطني» لمدينة مصراتة في غرب البلاد.
وقالت العملية في بيان لها أمس: «في الوقت الذي نستغرب فيه الإعجاب بمثل هذا الخبر الكاذب، رغم وجود بعثة إيطالية طبية إنسانية في الموقع المستهدف وفقاً لما نُشر، نسجل استهجاننا وتنديدنا بهذا السلوك المشين وغير المسؤول، الذي يتنافى مع أبسط قواعد العمل الدبلوماسي، ونطالب المسؤولين بتقديم توضيح للحادثة، والاعتذار منها وعدم الاكتفاء فقط بالتراجع عن الإعجاب».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».