الجزائر: حزب معارض يطالب باستدعاء بوتفليقة للمحاكمة

الحكومة تتعهد بـ«إصلاح الإعلام» وسط قلق متزايد من التضييق على الصحافيين

TT

الجزائر: حزب معارض يطالب باستدعاء بوتفليقة للمحاكمة

قال محسن بلعباس، رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، أحد أبرز أحزاب المعارضة في الجزائر، خلال اجتماع لأطر الحزب، أمس، إن الحراك الشعبي «لا يمكن أن يكتفي بإصلاحات هزيلة، أو بعمليات تجميل للواجهة، دون إحداث قطيعة فعلية مع النظام السياسي القائم، ورحيل جميع رموزه»، وطالب بمحاكمة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وفي غضون ذلك طالب صحافيون بوقف الاعتقالات، التي طالت أول من أمس زملاء لهم بسبب مواقف سياسية وتفاعلهم مع الحراك الشعبي. فيما تعهد وزير الإعلام عمار بلحيمر، أمس، بمراجعة قانون الإعلام، في إطار مسعى تعديل الدستور، الذي أطلقته السلطة الجديدة، بما يتيح، حسبه، هوامش أوسع لممارسة مهنة الصحافة.
وأكد بلعباس، الذي يشارك في المظاهرات منذ بدايتها، بأن حزبه الذي قاطع «رئاسية» 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي «جعل من النضال السياسي بغية إقامة نظام ديمقراطي، يضمن المساواة في الحقوق بين جميع الجزائريين، إلى جانب الحريات الفردية والجماعية، مبدأ أساسيا». وهاجم قيادة الجيش «التي تسيطر على القضاء وتضيق عليه، وتمنعه من استدعاء رئيس الدولة السابق للمحاكمة، باعتباره المدبّر والمسؤول الحقيقي عن تفتيت المؤسسات وسياسة تشتيت البلد. ذلك أن مثل هذه المحاكمة من شأنها أن تحدد، وتدين جميع المسؤولين المتورطين في مخطط المساس بأمن واستمرارية الدولة، والتآمر على الوطن».
وأعلن «التجمع» في وقت سابق أنه لا يعترف بنتائج «رئاسية» الشهر الماضي، وقاطع مراسيم تنصيب الرئيس عبد المجيد تبون. كما صعّد من موقفه الرافض لمشاريع السلطة بأن رفض رؤساء بلديات تابعين له بمنطقة القبائل، وضع صور الرئيس الجديد في مقار بلدياتهم.
إلى ذلك، قال وزير الإعلام بلحيمر أمس بالعاصمة، أثناء زيارة قادته إلى «دار الصحافة»، إن الحكومة ستطلق «ورشة لإحداث إصلاح شامل لقطاع الإعلام، وذلك بإشراك الفاعلين في الميدان في هذه العملية». مؤكدا أن «إصلاح الإعلام يعد من التعهدات، التي تضمنها برنامج الرئيس عبد المجيد تبَون، وسيشمل تعزيز استقلال الإعلام وتكريس حرية الصحافة، بشرط أن يتم احترام الحياة الخاصة للأفراد، والابتعاد عن الشتم والقذف، واحترام أخلاقيات المهنة الصحافية».
وتحدث بلحيمر، وهو من قدامى الصحافيين الجزائريين، عن «ممارسة هادئة للحريات بشرط أن تتم في إطار المسؤولية». مشيرا إلى أن «الورشة التي سيتم إطلاقها، ستقوم على مبدأ الحوار دون إقصاء أحد». وأوضح بأن «ذلك يندرج في سياق حوار وطني مرتبط بمسعى تعديل الدستور، الذي ستترتب عنه قوانين جديدة، تكرس مبدأ الممارسة الديمقراطية، من بينها قانون الانتخابات والأحزاب والجمعيات وكذا الصحاة». كما تعهد الوزير بـ«إلغاء جميع أشكال الرقابة والوصاية على الصحافة، ومن شأن ذلك أن يوفر ظروفا ملائمة لممارسة حرة، ومسؤولة للعمل الصحافي».
وعلق الصحافي المتخصص في التحقيقات، إلياس حلاس، على تصريحات بلحيمر بنبرة تهكمية: «إنها لغة خشب تتماشى مع الظرف، وتؤكد من جديد بأن الرئيس تبون وحكومته يفتقدان لرؤية واضحة ولمشروع حقيقي. فالسلطة تحاول تدارك شرعية ناقصة». في إشارة إلى وصول تبون على الحكم في سياق سخط شعبي كبير ضد النظام.
ومنذ بداية الحراك قبل 11 شهرا، سجنت السلطات صحافيين، أحدهما يدعى سفيان مراكشي، والثاني بلقاسم جير بتهم غامضة. فيما تعرض عدد كبير من الصحافيين للاعتقال والاحتجاز بالمراكز الأمنية، بسبب مواقفهم المؤيدة للمتظاهرين وأثناء تغطية الحراك.
وأعلن الصحافي خالد درارني، ممثل «مراسلون بلا حدود» بالجزائر، أن جهاز الأمن احتجزه قبل ثلاثة أيام لساعات طويلة، مبرزا أنه تلقى تحذيرا شديدا بسبب تغريدات على حسابه بـ«تويتر»، عدَت «تحريضا على الاضطراب» من طرف السلطة.
وتفرض الحكومة رقابة شديدة على وسائل الإعلام الحكومية والفضائيات الخاصة، وذلك بمنعها من تغطية المظاهرات المعارضة لها، كما تمنعها من نقل خطاب أحزاب المعارضة. كما يندد غالبية الصحافيين بـ«توظيف الإشهار الحكومي كسلاح لعقاب وسائل الإعلام المصنفة معادية للسلطة».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.