القاهرة تستكمل غداً مفاوضات «سد النهضة» مع إثيوبيا والسودان

رئيس «أفريقية البرلمان»: المشاركة في اجتماع واشنطن يعكس اتباع مصر سياسة الحوار

TT

القاهرة تستكمل غداً مفاوضات «سد النهضة» مع إثيوبيا والسودان

أعلنت مصر أمس استكمال مفاوضات «سد النهضة» مع إثيوبيا والسودان، خلال اجتماع واشنطن، المقرر غداً (الاثنين).
وقالت وزارة الخارجية المصرية إن «وزير الخارجية سامح شكري توجه إلى واشنطن أمس للمشاركة في الاجتماع، الذي دعت إليه الإدارة الأميركية كلا من مصر والسودان وإثيوبيا، وفي حضور ممثلين عن الجانب الأميركي، وكذا البنك الدولي، وذلك لاستكمال التفاوض بهدف التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة».
وأكد النائب طارق رضوان، رئيس لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب المصري (البرلمان)، أن «إعلان مصر المشاركة في اجتماع واشنطن مع وزراء الخارجية والمياه لمصر والسودان وإثيوبيا، يعكس مدى اتباع مصر سياسة الحوار لحل الأزمة القائمة حول ملف السد».
وسبق أن ذكرت القاهرة أن «مشاركتها في اجتماع واشنطن يأتي من منطلق التزامها بالتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن». ومن المقرر أن تجتمع وفود الدول الثلاث غداً وبعد غد (الثلاثاء) في واشنطن لتقييم الموقف، في ظل تحديد مهلة بحلول 15 يناير (كانون الثاني) الحالي للتوافق على ملء الخزان وتشغيل السد.
وكانت الدول الثلاث قد قررت تفعيل البند العاشر من «اتفاق إعلان المبادئ»، الموقع في الخرطوم عام 2015، والذي نص على «إحالة الأمر إلى الوساطة أو رؤساء الدول، حال الفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الخلافية بحلول منتصف يناير 2020».
ووفق بيان الخارجية المصرية، أمس، فإنه «من المنتظر خلال الزيارة أن يقوم شكري بعقد عدد من اللقاءات مع الدوائر الأميركية المختلفة لدى الإدارة والكونغرس، لتناول أبعاد العلاقات الثنائية بين الدولتين، فضلاً عن التشاور حول تطورات الأوضاع الإقليمية، والقضايا محل الاهتمام المشترك».
وصعدت مصر لهجتها ضد إثيوبيا مساء أول من أمس، وأكدت «عدم تحقيق تقدم ملموس في مفاوضات السد بسبب تعنت إثيوبيا، وتبنيها لمواقف مغالى فيها، تكشف عن نيتها في فرض الأمر الواقع، وبسط سيطرتها على النيل الأزرق، وملء وتشغيل (سد النهضة)، دون أدنى مراعاة للمصالح المائية لدول المصب».
وفشلت مصر وإثيوبيا والسودان قبل يومين في الوصول إلى توافق حيال أزمة السد، الذي تشيده إثيوبيا على نهر النيل، وتخشى مصر من إضراره بحصتها من المياه. وقد قالت القاهرة إن الدول الثلاث «لم تتمكن من الوصول إلى توافق»، ملقية اللوم على أديس أبابا في «عدم وجود إجراءات واضحة لمواجهة الآثار المختلفة، التي قد تنتج عن ملء وتشغيل السد، خاصة إذا واكب فترة جفاف».
وفي تصريحات سابقة، قال وزير المياه الإثيوبي سيلشي بيكيلي: «لم نتفق على مسألة ملء (خزان) السد لأن مصر قدمت اقتراحاً جديداً، يطلب تنفيذ عملية الملء في فترة 12 - 21 سنة، وهذا أمر غير مقبول».
وكانت مصر قد ذكرت أول من أمس أن «البيان الصادر عن وزارة الخارجية الإثيوبية بشأن الاجتماع الوزاري حول السد، الذي عقد يومي 8 و9 يناير الحالي بأديس أبابا، تضمن العديد من المغالطات المرفوضة، وانطوى على تضليل متعمد وتشويه للحقائق»، على حد وصف البيان. كما قدم «صورة منافية تماماً لمسار المفاوضات ولمواقف مصر وأطروحاتها الفنية ولواقع ما دار في هذا الاجتماع».
من جهته، أكد النائب طارق رضوان، أن «السياسية التي تتبعها إثيوبيا حول ملف السد لا تستهدف حل الأزمة؛ بل تعقدها»، لافتاً إلى أن «القيادة السياسية في مصر لن يفرض عليها أي قرار يضر بمصلحة الشعب المصري، ولن تفرط في حق المصريين بمياه نهر النيل، باعتباره شريان الحياة وقضية أمن قومي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.