الذهب في السودان... التهريب يذري أحلام الثراء

متوسط الإنتاج بين 100 و250 طناً سنوياً... ونافذون يسيطرون على تجارته

شركات تستخدم أجهزة متطورة للتنقيب عن الذهب
شركات تستخدم أجهزة متطورة للتنقيب عن الذهب
TT

الذهب في السودان... التهريب يذري أحلام الثراء

شركات تستخدم أجهزة متطورة للتنقيب عن الذهب
شركات تستخدم أجهزة متطورة للتنقيب عن الذهب

عرف السودان القديم بـ«بلاد النوبة»، ونوبة مفردة هيروغليفية تعني الذهب، أي «أرض الذهب»، وهذا الصيت شجع الغزاة على مر التاريخ لمحاولة غزو المنطقة للحصول على ذهبها الوفير، الذي تحدثت عنه الأساطير الفرعونية، لكن السودان لم يتحول إلى دولة «ذهبية» إلا في العشرية الأولى من القرن الواحد وعشرين.
ففي عام 2008 تقريباً، ومن دون مقدمات، انتشر مئات الآلاف من الباحثين عن الثراء السريع والمغامرين في صحاري ووديان وسهول السودان، وتزايد الرقم تدريجياً ليبلغ أكثر من مليوني معدني أهلي، يبحث عن «المعدن الأصفر» الذي يقال إنه مخبوء في التراب، بل وعلى سطح الرمال، وانتشروا كأنهم نهضوا من التاريخ وعهد الحاكم التركي محمد علي باشا، الذي احتل السودان؛ «بحثاً عن الذهب والرجال»، فوجد الرجال، لكن مهمته في البحث عن الذهب باءت بفشل ذريع.
وسريعاً دوّن السودان اسمه بين المنتجين الكبار للذهب حول العالم، ليبلغ إنتاجه خلال سنوات قليلة أكثر من مائة طن، وليحتل المركز الثاني بين الدول المنتجة للذهب في أفريقيا بعد دولة جنوب أفريقيا.
وأكد ملايين الدهّابة – وهو اسم محلي يطلق على المنقبين التقليديين عن الذهب، أسطورة «أرض الذهب» وكذبوا «العلماء» والمنقبين عن الذهب في القرن الثامن عشر، الذين أتى بهم الحاكم التركي لإثراء دولته، وأكدوا أن رمال و«أطيان» السودان تخبئ أطناناً من الذهب تكفي لجعله بلداً ثرياً، وأن «حفرة صغيرة» وشيئاً من الحظ، يمكن أن ينقل الفقير فجأة إلى ثري تتحدث عن ثرائه النجوع والمدن.
جهود «الدهّابة» كشفت عن أن الأرض السودانية تخبئ الكثير من الذهب، على أعماق سطحية، وسرعان ما لحق بهم رجال المال والأعمال الذين جلبوا أجهزة كشف المعادن السطحية، ونشروها في مساحات واسعة من السودان، قبل أن تلحق بهم الشركات الأجنبية والمحلية الكبيرة، وسريعاً أصبح السودان أحد المنتجين الرئيسيين للذهب في أفريقيا، وخلال سنوات قليلة أصبح يحتل المركز الثاني بعد جنوب أفريقيا في إنتاج المعدن النفيس في القارة السمراء.
وبحسب آخر تقرير صادر عن وزارة المعادن السودانية، بلغ إنتاج الذهب خلال النصف الأول من العام الحالي 30 طناً مترياً، في وقت يقدر أن يزيد فيه الإنتاج من الذهب على 60 طناً بنهاية العام. ويقول التقرير، إن الإنتاج المتوقع للنصف الأول من العام في حدود 59.898 طن، ليبلغ الإنتاج المتوقع ضعف هذه الكمية بنهاية العام زهاء 120 طناً. ويعمل ملايين المعدنيين التقليديين «الدهابة» في التنقيب اليدوي عن الذهب، وينتجون ما نسبته 80 في المائة، بينما تنتج شركات الإنتاج النسبة المتبقية.
وبلغ إنتاج الذهب في السودان ذروته في عام 2017، الذي بلغ 107 أطنان، وفي العام قبل الماضي (2018) أنتج السودان 93.6 طن من الذهب، بمتوسط سنوي في حدود 100 طن، لكن تسريبات غير رسمية تتحدث عن إنتاج سنوي يتراوح بين 200 و250 طناً من الذهب سنوياً، وذهب آخرون إلى حد 500 طن سنوياً.

- نافذون يسيطرون على ذهب السودان
تعمل الكثير من الشركات المملوكة لعدد من النافذين في التنقيب عن الذهب في معظم أنحاء السودان، وتملك الكثير من المناجم في مناطق مختلفة بما في ذلك شركات أمنية وعسكرية، لكن أشهر مناطق إنتاج الذهب قاطبة فهو منجم «جبل عامر» في ولاية شمال دارفور. في عام 2012 اكتشفت كميات كبيرة من الذهب في تلال جبل عامر، تقول التقارير، إن كل 50 كيلوغراماً من التربة تحتوي كيلوغراماً واحداً من الذهب؛ ما دفع الكثير من المعدنين للتوجه إلى هناك، بل ومن بعض بلدان الجوار.
كميات الذهب الوفيرة أغرت «حملة السلاح» بالقدوم إلى المنطقة، ليتحول ذهب جبل عامر، لمأساة ومنطقة صراع عرقي راح ضحيته عدد كبير من المواطنين، ودارت حوله معارك طاحنة بين القبائل المحلية وقبائل البدو، قبل أن تسيطر عليه قوات الدعم السريع. ولعبت حكومة المعزول عمر البشير دوراً كبيراً في حروب الذهب في تلك المنطقة؛ إذ إنها سلحت قبائل حليفة لها في حربها ضد التمرد، استخدم لاحقاً في الاستيلاء على ذهب جبل عامر.
ومع تنامي سيطرة «قوات الدعم السريع» بقيادة عضو مجلس السيادة محمد حمدان دقلو، وهي قوات شبه نظامية استخدمت في الحرب ضد المتمردين الدارفوريين، وأُلحقت بالقوات المسلحة لاحقاً، فقد آل معظم إنتاج الذهب في جبل عامر لتلك القوات، والتي أكملت سيطرتها عليه بعد حملة جمع السلاح التي نفذها نائب الرئيس المعزول حسبو عبد الرحمن، وإخراج قوات الزعيم القبلي المعتقل منذ قبل سقوط نظام البشير «موسى هلال».
وكان هلال يقود قوات «حرس الحدود» المتهمة بانتهاكات في دارفور، وتعمل لصالح الحكومة المركزية، قبل أن يتمرد زعيمها هلال على حكومة البشير؛ ما دفع قوات الدعم السريع لإلقاء القبض عليه، وإيداعه السجن، ليخلو لها ذهب المنجم الغني.

- مافيا مدعومة حكومياً تهرب الذهب السوداني
تقول التقارير، إن معظم ذهب السودان يهرب عبر الحدود، ولا تستفيد منه البلاد، ويستخدم المهربون بحسب تقارير صحافية حيل كثيرة لتهريبه عبر الحدود، مستخدمين طرقاً سرية في الصحراء، وتخزينه في بطون الإبل، أو علناً عبر مطار الخرطوم بتواطؤ من مسؤولين في المطار وخارجه.
ولعب التواطؤ الرسمي بمستويات الدولة العليا، وضعف الرقابة في المطارات، دوراً مهماً في تهريب الذهب خارج البلاد، بل ووفقاً لتصريحات سابقة لمسؤولين حكوميين، فإن هناك شركات وشخصيات نافذة «جداً» تساعد على تهريب الذهب، بل تحصل على تراخيص رسمية تسهل عليها عمليات التهريب، بل وأن التهريب كان يتم عبر صالة كبار الزوار الذين لا يخضعون للتفتيش. على الرغم من المفارقات الكبيرة في حجم الإنتاج بين التقارير الرسمية وتقارير الخبراء، فإن تقدير وزارة المعادن تقول إن الفرق بين الإنتاج والصادر كبيرة جداً، ويتراوح الفاقد بين 2 و4 مليارات دولار سنوياً، بنسبة 37 في المائة من إجمالي صادرات البلاد.
الأمين العام للجنة التمهيدية لاتحاد الصاغة والمتحدث باسمها محمد إبراهيم حاج حامد يقول، إن أكثر من 70 في المائة من إنتاج الذهب يتم تهريبه بطرق غير رسمية. ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية باحتياطي الذهب في السودان، فإن وزير المعادن الأسبق هاشم على سالم يقدره بنحو 500 طن من الاحتياطي المؤكد، وآلاف الأطنان من الاحتياطي غير المؤكد، في حين ذكر وزير المعادن الأسبق أحمد محمد صادق الكاروري لـ«الشرق الأوسط» في مقابلة عام 2017، أن احتياطي السودان المؤكد من الذهب يبلغ 1550 طناً.
وتصنف التقارير الدولية لإنتاج الذهب حول العالم السودان الدولة رقم 13 بين الدول المنتجة للذهب حول العالم والثالثة بين الدول الأفريقية، بعد غانا وجنوب أفريقيا بإنتاج بلغ 76.6 طن في عام 2018، «غانا أنتجت 130.5 طن، وجنوب أفريقيا 129.8 طن» في العام ذاته، وذلك بحسب تقرير مجلس الذهب العالمي الصادر في أبريل (نيسان) 2019. وتعمل في التنقيب عن الذهب في السودان، بحسب تقرير وزارة المعادن، 444 شركة بين محلية ودولية، تعمل في مجالات الاستكشاف والإنتاج وغيرها، وأكبرها شركة «أرياب» الفرنسية أولى الشركات العاملة في إنتاج الذهب.
يقول عضو المجلس الاستشاري لوزير المعادن السابق، الدكتور محمد الناير، في إفادة لـ«الشرق الأوسط»، إن التعدين التقليدي ينتج 80 في المائة من الذهب، في حين تأتي النسبة المتبقية 20 في المائة من الإنتاج المنظم، وهي معلومة يشكك فيها الأمين العام للجنة التمهيدية لاتحاد الصاغة والمتحدث محمد إبراهيم حاج حامد، ويصفها بأنها غير صحيحة، ويقول: «إذا كان الدهابة ينتجون هذه الكميات، بأدواتهم البسيطة وتنقيبهم السطحي، فكم ستنتج الشركات ذات المقدرات الفنية العالية، وبينها شركات تابعة للأجهزة الأمنية، بحوزتها الإمكانات والمعلومات». ويقود التناقض بين نسب الإنتاج المعلنة رسمية (في حدود 100 طن)، والنسب التي يتناقلها المعدون والخبراء (200 - 250 طناً)، والفارق الكبير في الإنتاج بين التعدين التقليدي والتعدين المنظم، إلى ظاهرة «تهريب الذهب». ويقول مستشار المعادن السابق الدكتور عبد الله الرمادي، إن إنتاج الشركات الكبيرة، يمكن إحصاؤه بوجود رقابة دقيقة، ويضيف: «لكن في ظل استشراء الفساد، فإن الضوابط ليست محكمة».
ويقطع الرمادي بأن الأرقام الأقرب للدقة حول إنتاج الذهب تتراوح بين 200 و250 طناً سنوياً من الإنتاج الأهلي وحده، ويتابع: «كنت مستشاراً لوزير المعادن، رجعت لمختصين في مجال الذهب، فأكدوا لي أن الإنتاج يتراوح بين 200 و250 طناً سنوياً». وبحسب الرمادي، ينتج هذه الكميات من الذهب أكثر من مليونَي شاب يعملون في التنقيب الأهلي، وتعد مؤشراً من المؤشرات التي يمكن اعتمادها في تقدير الإنتاج الحقيقي للذهب في البلاد. وتبلغ عائدات الذهب الفعلية سنوياً نحو 8 مليارات دولار، إذا اعتمد الحد الأدنى للإنتاج، أي 200 طن سنوياً، ويتابع الرمادي: «لو تم تصدير هذه الكمية عبر الطرق الرسمية، وعاد عائدها لخزينة البنك المركزي، لحدث فائض في ميزان المدفوعات السوداني».
وبشأن التهريب، يقول الرمادي، إن وزير المعادن الأسبق ذكر أن النسبة الأكبر من الذهب تهرب عبر مطار الخرطوم، وتقدر لنحو 200 طن سنوياً، ويضيف: «وزير المعادن الأسبق صرح بأن المنتج هو 250 طناً سنوياً تهرب منها 200 طن»، ويتابع: «هذا وضع مخل للغاية، اكتفت الحكومة لمواجهته بفصل مدير جمارك مطار الخرطوم ومدير مكتبه، دون أن تبحث عن المجرمين الكبار لتعاقبهم»، ويستطرد: «أين المهربون الحقيقيون، ولماذا لم يقدّموا لمحاكمات؛ لأن مثل هذا الفساد، حرم البلاد من عائدات في حدها الأدنى 8 مليارات دولار سنوياً».
ويرى مستشار وزير المعادن في الأرقام الرسمية لحجم الإنتاج السنوي بمتوسط 100 طن، نوعاً من أنواع المداراة الرسمية للمهربين الحقيقيين، ويقول: «الحكومة كانت تعلم أن ما ينتج بتقديرات وزارة المعادن في التعدين الأهلي وحده لا يقل عن 200 طن». ويوضح الرمادي، أن الغرض الأساسي من تهريب الذهب هو الحصول على عملات أجنبية خارج السودان ليستخدمها المستوردون في تمويل عملياتهم، ويضيف: «السياسات الخاطئة للبنك المركزي دفعت المنتجين التقليدين في القطاع الأهلي للارتماء في أحضان التهريب»، ويستطرد: «كان على البنك المركزي وضع سعر مجزٍ للمنتج، يحول بينه والوقوع فريسة لإغراءات المهربين»، ويصف الرمادي سياسات بنك السودان المركزية بأنها ناتجة إما من عدم دراية، أو تخلف في العقلية التسويقية للبنك، أو عدم اهتمام قياداته بالأمر، يقول: «هم موظفون يحصلون على رواتبهم، اشتروا الذهب أو لم يشتروه، الأمر بالنسبة لهم بلا فرق».

- سياسات بنك السودان المركزي تشجع التهريب
يقطع الخبراء بأن سياسات بنك السودان، وتأثير النافذين والشخصيات السياسية، تلعب دوراً مهماً في تشجيع تهريب الذهب، بما يفقد البلاد توازنها الاقتصادي، يقول الدكتور الناير، إن وقف تهريب الذهب يستلزم إنشاء «بورصة ذهب»، اكتملت دراساتها بانتظار اعتمادها من مجلس الوزراء، ويضيف: «البورصة تتعامل بسعر الذهب العالمي في الوقت المحدد، ما يحفز المنتجين لبيعه للدولة، بما يحقق المصالح المتبادلة».
ونقلت صحيفة «التغيير» السودانية، في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن بنك السودان يشتري الذهب من التعدين الأهلي بسعر 40 ألف دولار للكيلوغرام الواحد، في الوقت الذي يقارب فيه سعر الكيلوغرام من الذهب 50 ألف دولار؛ ما يشجع على التهريب.

- الحفاظ على البيئة من التلوث
تسبب انتشار تعدين الذهب في أنحاء واسعة من السودان، بمشاكل بيئية وصحية كثيرة أثرت في حياة الكثير من المواطنين، في مناطق كثيرة من البلاد، وأدى إلى عدد من الاضطرابات الصحية والبيئة، ظهرت في شكل رد فعل قوي في ولاية جنوب كردفان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وبحسب تقرير لـ«الديمقراطية أولاً»، وهي إحدى منظمات المجتمع المدني التي أنشئت حديثاً، فإن ولاية جنوب كردفان، الأغنى بالذهب في السودان، يوجد بها أكثر من 58 منجماً للذهب، وأكثر من 3 آلاف بئر تعدين؛ ما أفزر كميات كبيرة من مخلفات التربة المعالجة بالزئبق، وأغرى مستثمرين لإنشاء مصانع لمعالجة المخلفات باستخدام مادة «السيانيد» شديدة السمية، واستخلاص ما تبقى من ذهب في المخلفات.
وتملك شركات «الأشقر، والتواصل، والاعتماد، ولحا للتعدين، والهدف»، وهي شركات أغلبها مملوكة لنافذين في النظام السابق، بمن فيهم والي الولاية المعزول، عدداً من مناجم الذهب، إضافة إلى مصانع غير معروفة.
ووجدت المصانع التي تستخدم السيانيد مقاومة ورفضاً كبيرين من السكان المحليين؛ بسبب الأضرار البالغة التي سببتها المادة شديدة السمية على الإنسان والحيوان والنبات والبيئة والتربة؛ ما أدى إلى تشكل لجان مقاومة قادت حملات مقاومة كبيرة، وحدثت مواجهات عنيفة بين المواطنين نتج منها إحراق عدد من مصانع استخلاص الذهب في ولاية جنوب كردفان.
ونقل التقرير عن ناشطين، أن حالات الإجهاض في الولاية زادت بنسبة 40 في المائة، إضافة إلى تزايد أعداد المواليد الذين يولدون متوفين أو يفارقون الحياة بعد الولادة مباشرة، وانتشار التشوهات الخلقية للأجنة، وارتفاع نسب الوفاة بسبب التسمم بمادتي الزئبق والسيانيد، وارتفاع نسبة المواطنين المتأثرين باستنشاق السيانيد، ونفوق أعداد كبيرة من الماشية والحيوانات والطيور البرية، بما في ذلك بعض الطيور النادرة مثل «صقر الجديان»، وهو رمز الحكومة السودانية، إضافة إلى حالات التوتر الأمني بسبب انتشار أعداد كبيرة من المعدنين التقليديين.
وبحسب الباحث عز الدين فضل آدم، الذي نشر دراسة عن تلوث التربة والهواء والماء بسبب تعدين الذهب، فإن عمليات التنقيب تؤثر على طبوغرافية الأرض عن طريق الحفر والتخلص من النفايات؛ ما يؤدي إلى تعرية التربة وتغيير معالمها وتعرضها للانجراف والتصحر، أو تلويث التربة والمياه الجوفية بالزئبق وتلويث هواء المنطقة أثناء حرقه، وانتقاله عن طريق السلسلة الغذائية، أو انجرافه عبر مياه الأمطار، أو امتصاصه من المزروعات والخضراوات أو الأعشاب التي ترعاها الحيوانات، وإمكانية إفرازه عن طريق لحومها وألبانها.
وأحرق المواطنون الغاضبون عدداً من مصانع تعدين الذهب باستخدام السيانيد، وبعضها مملوك لنافذين في الحكومة المعزولة، بل والحكومة الحالية؛ ما اضطر مجلس الوزراء إلى إصدار قرار بوقف استخدام الزئبق والسيانيد في استخلاص الذهب، وتعديل الاتفاقيات مع الشركات العاملة في استخلاص الذهب لحين توفير بدائل.
وأثار قرار وقف استخدام الزئبق والسيانيد غضباً بين المعدنيين، وقالوا إنه أدى إلى تراجع كبير في إنتاج الذهب تجاوز 50 في المائة، وهو القرار الذي وصفه الدكتور الرمادي بأنه «خاطئ مائة في المائة»؛ استناداً إلى تأثيره على إنتاج الذهب الذي تحتاج البلاد إلى عائداته لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها، قبل توفير البدائل.
ويستخدم المعدنيون التقليديون معدن الزئبق في استخلاص ما نسبته 30 في المائة من الذهب الموجود في التربة، ويواجهون مخاطر التسمم، في حين يتم استخلاص النسبة المتبقية باستخدام السيانيد في مصانع كبيرة، دون الالتزام بالاشتراطات اللازمة للحفاظ على سلامة الإنسان والبيئة، وهو خطر يهدد معظم مناطق السودان التي ينتشر فيها تعدين الذهب.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.