بري يدفع للعودة إلى حكومة «تكنو ـ سياسية»

«حزب الله» يتعاطى بمرونة و«الوطني الحر» لا يعارض «اختصاصيين»

من لقاء الرئيس نبيه بري والسفير البريطاني امس (موقع مجلس النواب اللبناني)
من لقاء الرئيس نبيه بري والسفير البريطاني امس (موقع مجلس النواب اللبناني)
TT

بري يدفع للعودة إلى حكومة «تكنو ـ سياسية»

من لقاء الرئيس نبيه بري والسفير البريطاني امس (موقع مجلس النواب اللبناني)
من لقاء الرئيس نبيه بري والسفير البريطاني امس (موقع مجلس النواب اللبناني)

أعطى رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس دفعاً باتجاه عودة البحث في تشكيل حكومة تكنو - سياسية، وسط إعلان «التيار الوطني الحر» تأييده لتشكيل حكومة تكنوقراط، بموازاة تسهيل لافت من «حزب الله» الذي قال إنه يؤيد «أي حكومة تشكل بسرعة ويتوافق عليها الجميع»، وسط تصاعد الأزمات المعيشية والتطورات الإقليمية ودفع دولي عبر عنه السفير البريطاني في لبنان كريس رامبلينغ الذي أعلن بعد لقائه بري «أننا توافقنا على أهمية تشكيل حكومة بأقرب فرصة للتعامل مع التحديات التي تواجه البلد»، مؤكداً على أهمية أن ينأى لبنان بنفسه عما يدور في المنطقة.
وأعاد بري أمس تصويب ما فُسّر من تصريحاته في لقاء الأربعاء النيابي، إذ نفى أمس في دردشة مع الصحافيين كل ما يشاع عن عدم حماسه لحكومة برئاسة الدكتور حسان دياب قائلاً: «ليس صحيحاً كل ما يشاع. لقد قدمت كل الدعم والمؤازرة له». وقال بري إن الوضع في المنطقة غير جيد على الإطلاق وإن الوضع في لبنان للأسف يتدحرج من سيئ إلى أسوأ مشدداً على أن الحل على المستوى اللبناني يتطلب أن يكون هناك حكومة، وكان من المفترض أن يستفاد من التجارب السابقة وتشكل في غضون خمسة عشر يوماً، سائلاً: «لماذا التأخير ولماذا طرح قواعد جديدة في التشكيل مخالفة للأعراف؟» وقال: «ليكن معلوماً أن كل الحكومات في العالم هي مرآة للمجلس النيابي وطوراً يطرحون حكومة مستقلين فهل تفسر الاستقلالية عدم الانتماء؟ لماذا تصوير الأحزاب والحزبيين وكأنهم «بعبع»؟ فعلاً الأمر غريب فالأحزاب لديها كفاءات وقدرات».
وأعلن بري أن «ما طرحته واقترحته هو نفسه منذ أن ترشح الرئيس الحريري وبعده الأستاذ محمد الصفدي والدكتور بهيج طبارة والسيد سمير الخطيب وأيضاً الأمر لم يتغير مع الدكتور حسان دياب، ما اقترحته هو حكومة تكنوسياسية وأنا أرفض حكومة سياسية صرف»، سائلاً: «أليست الحكومة الحالية حكومة تكنوسياسية؟».
وأكد أن المهم بأي حكومة مهما كان شكلها الانسجام والبرنامج، «سيما أن أي حكومة سوف تشكل لا تتحمل أي تأخير في هدر الوقت حتى أن معظم السفراء أبلغوا بأن أي حكومة لو تألفت لم يعد لديها أكثر من أسبوعين لمعرفة برنامج عملها». وجدد رئيس المجلس التأكيد على وجوب أن تشمل الحكومة الجديدة ممثلين عن الحراك.
وتتباين المواقف بين الكتل السياسية حول شكل الحكومة، رغم إعلان جميع الأطراف الرغبة في استعجال تشكيلها. وأكد أمين سرّ تكتل «لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان أن «التيار الوطني الحر» مع حكومة اختصاصيين و«موقفنا لم ولن يتغير ودعم الرئيس المكلف لإنجاز مهمته مفروغ منه وعلى الحكومة أن تحمل خطة إنقاذية والمعايير تسري على الجميع».
وشدد كنعان، بعد اجتماع التكتل الأسبوعي، على «أننا نريد حكومة اليوم قبل الغد تجسد إرادة الناس»، مشيراً إلى أن «المسألة ليست موضوع سلطة بل تتعلق بوقف الانهيار وبحل جذري لوضع حد للمسار الانحداري ونحن نسهل ومستعدون للتسهيل لآخر الحدود على أن تحترم وحدة المعايير».
غير أن تشكيل حكومة تكنوسياسية، لا يرضي الأطراف الأخرى، إذ حذر عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص من تفاقم الأمور في الداخل حيث نشهد اهتزازا أمنيا - اجتماعيا يتمدد كبقعة الزيت على الأراضي اللبنانية، لافتا في حديث إذاعي إلى أن «التطورات تدفعنا إلى التشديد على مطلبنا بحكومة حيادية إنقاذية تنصرف لإيجاد حلول شاملة للمشاكل التي نعاني منها».
وبدا لافتاً إبداء «حزب الله» مرونة في التعاطي مع الملف الحكومي، حيث أكد رئيس المجلس السياسي في الحزب إبراهيم أمين السيد بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس «أننا نحاول مع الأطراف الأخرى أن تتشكل هذه الحكومة بأسرع مما تشكلت به الحكومات السابقة، لأن الظروف في المراحل السابقة كانت تسمح أن يطول وقت تشكيل الحكومات إلا أن الظروف الآن غير مناسبة»، وقال: «نحن مع أي حكومة تشكل بسرعة ويتوافق عليها الجميع».
واعتبر رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي «أن كل يوم تأخير في تشكيل الحكومة يتسبب بأضرار للاقتصاد وللمالية وللمجتمع برمته، وأن الذهنية المستحكمة في تأليف الحكومة تشبه ذهنيات ما قبل الانتفاضة الشعبية وما قبل الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة، ما يؤشر إلى فقدان أفق الحلول والرؤية لدى من يشكل هذه الحكومة».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.