أنقرة تنتقد اجتماع القاهرة حول تفاهمات تركيا مع «الوفاق»

TT

أنقرة تنتقد اجتماع القاهرة حول تفاهمات تركيا مع «الوفاق»

اعتبرت الخارجية التركية أن البيان الصادر عن اجتماع وزراء خارجية مصر واليونان وقبرص وإيطاليا وفرنسا في القاهرة، أول من أمس، بشأن منطقة شرق البحر المتوسط، وتفاهمات تركيا مع حكومة الوفاق الليبية، التي يرأسها فائز السراج «ابتعد عن المنطق». وفي غضون ذلك ذهب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى أن أمن بلاده «يبدأ بعيدا عن حدودها»، مشددا على أن تركيا لن تتخلى عن «حقوقها ومصالحها» في الخارج، ولن تتوقف «حتى تحقيق الانتصار».
واعتبر إردوغان في كلمة بالقصر الرئاسي في أنقرة أمس، أن محاولات بعض القوى لتقييد تركيا في البحر المتوسط «باءت بالفشل بفضل الاتفاقات مع شمال قبرص وليبيا»، مبرزا أن وجود تركيا في ليبيا يهدف إلى «إنهاء الظلم» هناك، وأن أنشطة القوات التركية هناك «مبنية على دعوة رسمية من حكومته الشرعية». كما شدد على أن أمن تركيا «يبدأ بعيدا خارج حدودها»، وأن بلاده لن تتخلى عن مصالحها وهي مستعدة لمواجهة كل الأطراف».
إلى ذلك، اعتبرت الخارجية التركية أن البيان الصادر عن اجتماع القاهرة الوزاري، حول التطورات في شرق المتوسط، «مبني بالكامل على أطروحات غير واقعية». وقالت الوزارة في بيان، أمس، إن مذكرتي التفاهم اللتين وقعتهما تركيا مع حكومة السراج في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، بشأن تحديد مناطق السيادة البحرية والتعاون الأمني والعسكري، «متوافقتان مع القانون الدولي وشرعيتان، وتعدان ردا على الأطراف الساعية لتجاهل تركيا والقبارصة الأتراك في شرق المتوسط». وأضافت الخارجية أن بيان اجتماع القاهرة أظهر مجدداً مدى صواب خطوات أنقرة في شرق المتوسط. مشددة على أن تركيا «لها الحق في أن تكون صاحبة كلمة في المنطقة والمشاريع المتعلقة بها، باعتبارها تمتلك أطول شريط ساحلي في البحر المتوسط».
وجدد البيان استعداد تركيا للتعاون مع جميع البلدان، باستثناء قبرص، لتحويل شرق المتوسط إلى ساحة تعاون وليس ساحة صراع.
وفي بيان عقب الاجتماع الخماسي أول من أمس، اعتبر وزراء خارجية مصر وفرنسا وقبرص واليونان، أن توقيع مذكرتي التفاهم في نوفمبر الماضي بين تركيا ورئيس المجلس الرئاسي الليبي، يشكل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة والقانون الدولي، وأنهما قوضتا الاستقرار الإقليمي، وتعتبران باطلتين وملغاتين.
وشدد الوزراء على أن مذكرة التفاهم التركية - الليبية المزعومة بتعيين حدود بحرية في البحر المتوسط «تنتهك الحقوق السيادية للدول الأخرى، ولا تمتثل لقانون البحار، ولا يمكن أن تحدث أي نتائج قانونية». كما أكد الوزراء مجددا ضرورة الاحترام الكامل لسيادة جميع الدول وحقوقها السيادية في مناطقها البحرية بالبحر المتوسط، ودعوا تركيا إلى الوقف الفوري لجميع أنشطة الاستكشاف غير القانونية.
في الوقت ذاته، أعلنت الخارجية التركية أن أنقرة ستستضيف مشاورات سياسية مع اليونان اليوم (الجمعة)، في ظل تصاعد التوتر بين الجانبين عقب توقيع مذكرتي التفاهم بين تركيا والسراج.
وبحسب بيان للخارجية التركية، فإن المشاورات التي تعقد برئاسة نائبي وزير خارجية تركيا والأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية اليونانية، ستتناول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية.
وكان رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، قد قال خلال لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترمب الثلاثاء إن الاتفاق، الموقع بين حكومتي إردوغان والسراج، «ينتهك حقوق بلاده السيادية، ويتسبب في انعدام الاستقرار في المنطقة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.