العلاقات التجارية الروسية ـ التركية «دون المستهدف»

رغم التطلعات الكبرى لرئيسي البلدين

لم يكن حجم العلاقات التجارية خلال العام الماضي بين روسيا وتركيا بقدر تطلعات رئيسي البلدين (أ.ف.ب)
لم يكن حجم العلاقات التجارية خلال العام الماضي بين روسيا وتركيا بقدر تطلعات رئيسي البلدين (أ.ف.ب)
TT

العلاقات التجارية الروسية ـ التركية «دون المستهدف»

لم يكن حجم العلاقات التجارية خلال العام الماضي بين روسيا وتركيا بقدر تطلعات رئيسي البلدين (أ.ف.ب)
لم يكن حجم العلاقات التجارية خلال العام الماضي بين روسيا وتركيا بقدر تطلعات رئيسي البلدين (أ.ف.ب)

تولي الأوساط الاقتصادية في روسيا أهمية خاصة لنتائج زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا يوم أمس، ومحادثاته مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، التي همينت عليها ملفات التعاون الاقتصادي بين البلدين، رغم كثافة الملفات السياسية على جدول أعمال المحادثات الثنائية.
ووصف مراقبون زيارة بوتين إلى تركيا بأنها تتويج لمرحلة جديدة من التعاون الثنائي بين البلدين، لا سيما في مجال الطاقة، الذي يعود الفضل له في توفير الحصة الأكبر من الدخل للدولة الروسية، وإيرادات ميزانيتها، لافتين إلى أن مشروع شبكة أنابيب غاز «السيل التركي» الذي افتتحه الرئيسان بوتين وإردوغان يوم أمس، سيوفر لشركة «غاز بروم» الحكومية المحتكرة صادرات الغاز الروسي، دخلا يقدر بنصف مليار دولار سنوياً. ومع عدم تجاهل الكرملين أهمية التعاون في مجال الطاقة، كان لافتاً أن ركز في تقاريره عشية المحادثات في تركيا، على مختلف مجالات التعاون التجاري بين البلدين.
وفي بيانات قام الكرملين بإعدادها، مكرسة لزيارة بوتين إلى تركيا، ونشرت وكالة «تاس» جزءا منها يوم أمس، قال إن حجم التبادل التجاري بين روسيا وتركيا ارتفع العام الماضي بنسبة 2.5 في المائة، حتى 21.7 مليار دولار، وأشار الكرملين إلى أن نمو حجم التبادل التجاري جاء «على خلفية إلغاء التدابير الاقتصادية الخاصة التي تبنتها روسيا نحو تركيا»، في إشارة منه إلى العقوبات الروسية ضد تركيا إبان أزمة إسقاط مقاتلات تركية طائرة حربية روسية في سوريا خريف عام 2015، وأضاف «خلال عام 2019 ارتفع حجم التبادل التجاري بمعدل 2.5 في المائة مقارنة بعام 2018، وبلغت قيمته 21.7 مليار دولار. وبينما حافظت الصادرات الروسية إلى تركيا على قيمتها عند مستوى 17.75 مليار دولار، نمت الواردات التركية بمعدل 15.4 في المائة، وبلغت قيمتها 3.46 مليار دولار».
إلا أنه وبالعودة إلى تصريحات سابقة للرئيس الروسي، يتضح أن حجم التبادل التجاري العام الماضي تراجع مقارنة بعام 2018، وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي، في أعقاب محادثاتهما في الكرملين يوم 8 أبريل (نيسان) 2019، قال بوتين إن «حجم التبادل التجاري العام الماضي (أي 2018) سجل نموا بنسبة 16 في المائة، وارتفع حتى 25.5 مليار دولار»، لافتا إلى زيادة حجم صادرات الإنتاج الزراعي التركية حتى 3 مليارات دولار، والاستثمارات المتبادلة حتى 20 مليار دولار. ومن جانبه قال إردوغان إن روسيا الشريك التجاري الثالث بالنسبة لتركيا، وأضاف «وصلنا في التبادل التجاري حتى مستوى 26 مليار دولار»، معبرا عن قناعته بأن هذا «جزء صغير»، لافتا إلى أنه حدد مع بوتين الهدف برفع التبادل التجاري بين البلدين حتى 100 مليار دولار.
وكانت العلاقات الاقتصادية - التجارية بين روسيا وتركيا دخلت مرحلة جمود على خلفية التوتر السياسي بينهما، بعد أن أسقطت مقاتلات تركية قاذفة روسية في سوريا في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، حينها وردا على تلك الحادثة جمدت روسيا جميع علاقاتها التجارية مع تركيا وحظرت استيراد جميع المنتجات التركية عملياً. واستمر الوضع على حاله هذه حتى يونيو (حزيران) 2016، حين بدأ تطبيع العلاقات الثنائية مجدداً، بعد أن أرسل الرئيس التركي رسالة إلى الرئيس الروسي، اعتذر فيها عن إسقاط القاذفة الروسية.
ومع أن العلاقات بين البلدين قبل تلك الحادثة كانت أفضل من جيدة، أخذت بعد «رسالة الاعتذار» طابعا أكثر إيجابية، وهو ما برز جلياً خلال عشرات اللقاءات بين الرئيسين على مدار السنوات الماضية، منها مثلا 8 لقاءات عام 2017، و7 لقاءات عام 2018، وفي عام 2019 زار إردوغان روسيا خمس مرات، وفي كل مرة كانا يركزان بصورة خاصة على تطوير التعاون الاقتصادي، وأكدا سعيهما رفع حجم التبادل التجاري حتى 100 مليار دولار. وعلى الرغم من الجهود المشتركة، والسعي لتوسيع العمل على جميع ملفات التعاون التجاري بين البلدين، لم تتمكن موسكو وأنقرة من تحقيق الهدف المعلن لحجم التبادل التجاري حتى الآن.



ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
TT

ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)

يُرجئ دونالد ترمب فرض التعريفات الجمركية خلال يومه الأول ويراهن بشكل كبير على أن إجراءاته التنفيذية يمكن أن تخفض أسعار الطاقة وتروض التضخم. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت أوامره ستكون كافية لتحريك الاقتصاد الأميركي كما وعد.

فقد قال ترمب في خطاب تنصيبه إن «أزمة التضخم ناجمة عن الإفراط في الإنفاق الهائل»، كما أشار إلى أن زيادة إنتاج النفط ستؤدي إلى خفض الأسعار.

وتهدف الأوامر التي يصدرها يوم الاثنين، بما في ذلك أمر مرتبط بألاسكا، إلى تخفيف الأعباء التنظيمية على إنتاج النفط والغاز الطبيعي. كما أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة على أمل إطلاق المزيد من إنتاج الكهرباء في إطار المنافسة مع الصين لبناء تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على مراكز البيانات التي تستخدم كميات هائلة من الطاقة.

ويعتزم ترمب التوقيع على مذكرة رئاسية تسعى إلى اتباع نهج حكومي واسع النطاق لخفض التضخم.

كل هذه التفاصيل وفقاً لمسؤول قادم من البيت الأبيض أصر على عدم الكشف عن هويته أثناء توضيحه لخطط ترمب خلال مكالمة مع الصحافيين، وفق ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وقال المسؤول إن الإدارة الجديدة، في أول يوم له في منصبه، ستنهي ما يسميه ترمب بشكل غير صحيح «تفويضاً» للسيارات الكهربائية. على الرغم من عدم وجود تفويض من الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته لفرض شراء السيارات الكهربائية، فإن سياساته سعت إلى تشجيع الأميركيين على شراء السيارات الكهربائية وشركات السيارات على التحول من السيارات التي تعمل بالوقود إلى السيارات الكهربائية.

هدّد ترمب، خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، بفرض رسوم جمركية على الصين والمكسيك وكندا ودول أخرى. ولكن يبدو أنه يتراجع حتى الآن عن فرض ضرائب أعلى على الواردات. وأشار المسؤول إلى تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يقول إن ترمب سيوقع فقط على مذكرة تطلب من الوكالات الفيدرالية دراسة القضايا التجارية.

ومع ذلك، تعهد ترمب في خطاب تنصيبه بأن التعريفات الجمركية قادمة، وقال إن الدول الأجنبية ستدفع العقوبات التجارية، على الرغم من أن هذه الضرائب يدفعها المستوردون المحليون حالياً وغالباً ما يتم تمريرها إلى المستهلكين.

لقد كان قرار التوقف ودراسة التعريفات الجمركية إشارة إلى الحكومة الكندية بأنه يجب أن تكون مستعدة لجميع الاحتمالات تقريباً بشأن اتجاه التجارة مع الولايات المتحدة.

«ربما يكون قد اتخذ قراراً بتعليق التهديد بالتعريفات الجمركية نوعاً ما على قائمة كاملة من الدول. سننتظر ونرى»، وفق ما قال وزير المالية الكندي دومينيك لوبلانك. أضاف: «لقد كان السيد ترمب في ولايته السابقة غير قابل للتنبؤ، لذا فإن مهمتنا هي التأكد من أننا مستعدون لأي سيناريو».

وبشكل عام، يواجه الرئيس الجمهوري مجموعة من التحديات في تحقيق طموحاته في خفض الأسعار. فقد نجح بايدن في خفض معدل التضخم على مدار عامين، إلا أنه سيغادر منصبه مع استمرار نمو الأسعار الذي فاق نمو الأجور على مدار السنوات الأربع الماضية.

ومن بين الدوافع الكبيرة للتضخم استمرار نقص المساكن، كما أن إنتاج النفط الأميركي وصل بالفعل إلى مستويات قياسية، حيث يواجه المنتجون حالة من عدم اليقين بشأن الطلب العالمي هذا العام.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو من الناحية الفنية الهيئة الحكومية المكلفة الحفاظ على التضخم عند هدف سنوي يبلغ 2 في المائة تقريباً. وتتمثل أدواته المعتادة في تحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل لإقراض البنوك لبعضها البعض، بالإضافة إلى مشتريات السندات والاتصالات العامة.

وقال ترمب إن إنتاج الموارد الطبيعية هو المفتاح لخفض التكاليف بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، سواء في المضخة أو في فواتير الخدمات العامة.

تتخلل أسعار الطاقة كل جزء من الاقتصاد، لذا فإن زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى أمر بالغ الأهمية للأمن القومي. وقد اشتكى ترمب، الذي تعهد باستعادة «هيمنة الولايات المتحدة في مجال الطاقة»، من أن إدارة بايدن حدّت من إنتاج النفط والغاز في ألاسكا.

ومع ذلك، ووفقاً للأوزان الترجيحية لمؤشر أسعار المستهلك، فإن الإنفاق على الطاقة يمثل في المتوسط 6 في المائة فقط من النفقات، أي أقل بكثير من الغذاء (13 في المائة) أو المأوى (37 في المائة).

عاد التضخم، الذي كان خامداً لعقود، إلى الظهور من جديد في أوائل عام 2021 مع تعافي الاقتصاد بقوة غير متوقعة من عمليات الإغلاق بسبب كوفيد-19. طغت الطفرة في طلبات العملاء على سلاسل التوريد في أميركا، ما تسبب في حدوث تأخيرات ونقص وارتفاع الأسعار. وكافحت مصانع رقائق الحاسوب والأثاث وغيرها من المنتجات في جميع أنحاء العالم للانتعاش.

وقد سارع المشرعون الجمهوريون إلى إلقاء اللوم على إدارة بايدن في إغاثة إدارة بايدن من الجائحة البالغة 1.9 تريليون دولار، على الرغم من أن التضخم كان ظاهرة عالمية تشير إلى عوامل تتجاوز السياسة الأميركية. وازداد التضخم سوءاً بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

ورداً على ذلك، رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي 11 مرة في عامي 2022 و2023. انخفض التضخم من أعلى مستوى له منذ أربعة عقود عند 9.1 في المائة في منتصف عام 2022. لكن التضخم ارتفع منذ سبتمبر (أيلول) إلى معدل سنوي بلغ 2.9 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).

من المحتمل أن تحتاج العديد من الخطوات التي يتخذها ترمب إلى موافقة الكونغرس. تنتهي أجزاء من تخفيضاته الضريبية لعام 2017 بعد هذا العام، ويعتزم ترمب تمديدها وتوسيعها بتكلفة قد تتجاوز 4 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات. ويرى ترمب أن التخلص من الدعم المالي للطاقة المتجددة في عهد بايدن هو وسيلة محتملة لتمويل تخفيضاته الضريبية.