طفلة مصرية في الخامسة تعرض أعمالها الفنية في الأوبرا

معرضها يضم 80 لوحة

الطفلة الموهوبة روان جاسر
الطفلة الموهوبة روان جاسر
TT

طفلة مصرية في الخامسة تعرض أعمالها الفنية في الأوبرا

الطفلة الموهوبة روان جاسر
الطفلة الموهوبة روان جاسر

وضعت الأم لطفلتها التي تخطّت العامين «توال رسم» لترسم عليه، ودخلت الأم مطبخها، ثم عادت لتفاجأ بـ«روان»، تضع اللون في المياه النظيفة التي تغسل فيها فرشاتها، وتصبه في أجزاء معينة على اللوحة، وتترك أجزاء أخرى تظهر فيها ضربات فرشاتها، فتنزعج الأم، وتحتد وتوبخها، ثم تتنبه بحكم خبرتها كفنانة تشكيلية إلى أن طفلتها تتمتع بشفافية عالية، وبدرجات لونية صعب أن تصنعها «باليتة اللون»، لتتأمل اللوحة مجدداً، وتسألها بانبهار: «كيف رسمتِها؟».
تلك كانت إحدى حكايات البداية في اكتشاف الموهبة الفنية للطفلة المصرية، روان جاسر، التي تجاوزت الخمس سنوات من عمرها بأشهر قليلة، بما يجعلها أصغر فنانة تشكيلية في مصر.
وهي الحكاية، التي تجاور حكايات أخرى، تشرح لوحات الفنانة الصغيرة، التي يضمها معرضها «تحت أربعة +»، الذي تستضيفه دار الأوبرا المصرية حالياً، بما يجعله حدثاً استثنائياً، حيث تُعدّ المرة الأولى التي تستضيف الدار معرضاً لفنانة في هذا العمر، وذلك وفقاً لقرار وزيرة الثقافة المصرية الدكتور إيناس عبد الدايم، حيث سبق لـروان تنظيم معرضها الأول بـ«أتيليه القاهرة»، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بحضور الوزيرة، التي انبهرت بأعمالها، وقررت نقل المعرض للأوبرا، تشجيعاً لموهبتها، وحتى يراه جمع أكبر من الشخصيات والمسؤولين.
تعرض الفنانة الصغيرة في معرضها 80 لوحة، مستخدمة الألوان الأكريلك والمائية، تحاول من خلالها التعبير عما بداخلها بصدق شديد وتلقائية وعفوية، فهي تنقل بأناملها الصغيرة الواقع كما تراه بعينيها وبرؤيتها الخاصة جداً، وهو ما كشفه حديثها مع «الشرق الأوسط»، حيث تلفت إلى أنها تحب الرسم بدرجة كبيرة، وأكثر ما ترسمه البحر والأسماك، والأشكال الهندسية، ولا تخفي رغبتها في أن تكون فنانة تشكيلية، مثل والدتها الفنانة ريهام محمود.
في مرح طفولي، تتجول روان بين أعمالها شارحةً إياها ببراءتها وكلماتها البسيطة: «ده فرح ماما وبابا... وهنا بحر الألوان... أنا بحب أرسم البحر جداً، وده أخطبوط... وده مقص... وده راجل غلبان (بسيط)».
التجول بين لوحات الفنانة الصغيرة يعكس أنها ذات رؤية تشكيلية خاصة بها، ففي مجموعتها «بحر ألوان» نجد أن التعبير أطلقته بنفسها على هذه المجموعة، التي تضم 12 لوحة، منها 3 لوحات رسمتها في الأيام الأخيرة من عام 2019، حيث تعكس مياه البحر بألوان مختلفة، ولا تنسى ما يرتبط بالبحر من أسماك وأخطبوط، كما هو مرتبط في مخيلتها.
المربع والمستطيل شكلان هندسيان يظهران في عدد من اللوحات، لانبهار صاحبتها بالأشكال الهندسية التي تدرسها في مدرستها.
أثناء التجول بالمعرض يجذب نظر الزائر أكبر لوحاته، وهي بعنوان «الكريسماس»، التي رسمتها روان في آخر أيام 2019، مستلهمة مخزونها البصري لحفلة الكريسماس التي حضرتها في مدرستها لتعبر عن هذه المناسبة، والطريف أنها رسمت لوحتها طولياً، وبعد أن انتهت منها قررت أن تكون عرضية.
أما التكنيك الفني، فنجد على غرار التشكيليين الكبار أنها أدخلت بعض أجزاء من المناديل الورقية في بعض الأماكن على سطح اللوحة، كنوع من الكولاج الفني، ودون تدخل أو توجيه من أحد.
ترسم روان بالفرشاة، وتستخدم الإسفنج في ملء بعض مساحات اللوحة، بما يعطي تأثيراً مختلفاً للون. أما ألوانها، فتأتي متوافقة، فهي تستخدم الأصفر بجانب البنفسجي، والأحمر بجانب الأخضر، أي اللون ومكمله، معتمدة على إحساسها فقط دون أن تتعلمه من أحد، رغم أن ذلك التوافق يتم تدريسه في كليات الفنون.
من جانبه، يثمّن والد روان مهندس الصوت السينمائي جاسر خورشيد، وجود معرض نجلته بالأوبرا، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الوجود هنا كان حلماً، ومع وعد وزيرة الثقافة أصبح حقيقة الآن، كما أصبح خطوة مهمة في حياة روان تنقلها لخطوة مستقبلية وعدت بها الوزيرة أيضاً، وهو سفرها لعرض أعمالها بالأكاديمية المصرية للفنون في روما، ليكون معرضها الثالث».
وعن اسم المعرض «تحت أربعة +»، يقول: «أعمال المعرض ليست نتاج مرحلة واحدة، بل مراحل متدرجة في حياة روان، فالأعمال تعكس ما يحدث لها من نضج وتطور، وقد احتفظنا باسم معرضها السابق، لكن مع إضافة علامة (+)، حيث يوجد بالمعرض أعمال سابقة إلى جانب أعمالها الجديدة». ويلفت إلى أن نجلته الصغيرة تتميز بغزارة الإنتاج، فقد ترسم عدة لوحات في الوقت ذاته، وإذا بدأت في لوحة، فلا بد أن تنهيها، مؤكداً عدم تدخله هو أو والدتها في رسوماتها.
يُذكر أن المعرض شهد حضوراً جماهيرياً كبيراً، وشهدت افتتاحه الدكتورة غادة جبارة نائب رئيسة «أكاديمية الفنون».



«مجتمع ورث» يحيي التراث السعودي برؤية عالمية

«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)
«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)
TT

«مجتمع ورث» يحيي التراث السعودي برؤية عالمية

«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)
«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)

في إطار الاهتمام المتزايد بإحياء التراث السعودي وتعزيز الهوية الثقافية الوطنية، أطلق المعهد الملكي للفنون التقليدية «وِرث» مبادرته المتميزة «مجتمع وِرث»، في يوم 4 يناير 2025، وذلك في مقره الرئيسي بمدينة الرياض. يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان عام 2025 عاماً للحِرف اليدوية، ما يُجسد رؤية المملكة في دعم الفنون التقليدية وصونها وتطويرها لتكون جزءاً من الثقافة الحية التي تجمع بين الأصالة والحداثة.

ويهدف «مجتمع وِرث» إلى أن يكون المنصة الرائدة لإحياء وتطوير الحِرف اليدوية السعودية وربطها بالتصميم والتقنيات الحديثة. كما يسعى إلى تعزيز مشاركة المؤسسات والمجتمع المحلي في إبراز أهمية الفنون التقليدية في دعم الهوية الثقافية، إلى جانب تمكين الأفراد من استكشاف الإمكانات الكامنة في توظيف تلك الفنون عبر تقنيات معاصرة تشمل لقاءات وورش عمل تفاعلية مع نخبة من الخبراء والمختصين في مجالات الحِرف اليدوية والفنون التقليدية، مما يتيح فرصة استثنائية لتبادل الخبرات وإثراء المعارف وتطوير المهارات.

أنشطة تعليمية وحرفية يقدمها «مجتمع ورث» (الشرق الأوسط)

هذه الخطوة تمثل رؤية طموحًا تجمع بين الحفاظ على التراث وإعادة تقديمه بأساليب مبتكرة، فهي تعمل على دمج الحِرف اليدوية مع أدوات التكنولوجيا الحديثة مثل النمذجة ثلاثية الأبعاد، والطباعة الرقمية، والتصنيع الذكي، مما يسهم في تحويل المنتجات التراثية إلى أعمال عصرية تلبي متطلبات السوق المحلية والعالمية، مع الحفاظ على جذورها الأصيلة.

وتشمل فعاليات «مجتمع وِرث» مجموعة واسعة من الأنشطة التعليمية والحرفية والريادية التي تستهدف جميع المهتمين بالفنون التقليدية. ومن أبرز ورش العمل المقدمة، التدريب على تصميم المنتجات التراثية باستخدام البرامج الحديثة، وتطوير المهارات التسويقية للحرفيين عبر القنوات الرقمية، إلى جانب استراتيجيات دمج التصميم المعاصر مع الحرف اليدوية، كما يقدم المجتمع جلسات حوارية تضم خبراء ومتخصصين، وتركز على استكشاف تطورات هذا المجال وإيجاد حلول مبتكرة تحفز الإبداع والابتكار.

ويُعد المعهد الملكي للفنون التقليدية «وِرث» مؤسسة رائدة تسعى إلى الحفاظ على التراث الوطني السعودي وتعزيزه، من خلال تبنّي مشروعات وبرامج تُبرز الفنون التقليدية محلياً وعالمياً. ويسعى المعهد إلى دعم المتميزين في هذا المجال، سواء أكانوا من الحرفيين أم الممارسين أم المهتمين، من خلال توفير بيئة تعليمية وداعمة تحفز المواهب وتعمل على تطويرها. إلى جانب ذلك، يُولي المعهد اهتماماً خاصاً بتقدير الكنوز الحية التي تمثل رموزاً للإبداع الحرفي، وتشجيع الأجيال القادمة على تعلم وإتقان الحِرف التقليدية السعودية وتطويرها بما يتماشى مع روح العصر.

ويشكل إطلاق «مجتمع وِرث» جزءاً من رؤية استراتيجية تسعى لتحقيق أهداف «رؤية المملكة 2030» في مجال الثقافة والفنون، وذلك من خلال الجمع بين التراث والابتكار، حيث يسعى «المجتمع» إلى بناء جسور تربط الماضي بالحاضر والمستقبل، مما يضمن استمرار الحِرف اليدوية بوصفها عنصراً حيوياً في الهوية الثقافية السعودية يسهم في تعزيز مكانتها عالمياً.