شباب العلا ينقلون إرثهم الحضاري إلى العالم بكل اللغات

لم يقتصر مهرجان شتاء طنطورة على إقامة الفعاليات والأنشطة الثرية التي تعبر عن التقاء ثقافات الشرق والغرب، بل مثّل فرصة كبيرة لأبناء وبنات العلا للمشاركة الفعّالة في توصيل إرث العلا الحضاري ورمزيتها التاريخية إلى الزوار والسياح من أنحاء العالم.
حيثما اتجهت في العلا من مدائن صالح التاريخية (دار الحجر)، إلى آثار حضارات ديدان ولحيان بالخريبة، مروراً بالمزارع المتنوعة، وصولاً لمسرح مرايا الأكبر في العالم، ينتشر شباب وشابات العلا يتحدثون معظم اللغات ويستقبلون الزوار بابتسامة عريضة.
أحد هؤلاء الشباب عبد الرحمن البلوي يعمل في فريق الرواة التابع للهيئة الملكية لتطوير العلا بمدائن صالح، أكد أنّه ضحى بوظيفة في القطاع البنكي من أجل العمل راويا للسياح في محافظته العلا. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أعمل منذ أربعة أشهر، كنت موظفاً في أحد البنوك المحلية، وعندما فتح التقديم في الهيئة قدمت أوراقي، خبرتي البنكية أربع سنوات وأدرك أن تركها كان مغامرة لكن العمل هنا جميل».
ولفت البلوي إلى أنّ خوضه غمار الإرشاد السياحي يمثل تجربة جديدة، فلدى العلا إرث تاريخي كبير تشاركه مع العالم. وتابع: «حصلنا على تدريب مكثف في ثلاث دول أميركا وفرنسا والإمارات في مهارات أبرزها بناء القصة وكيفية سردها للزوار».
ووصف عبد الرحمن عمله بـ«المشوق» وقال إنّ «التجربة رائعة، تتيح لك مقابلة شخصيات شهيرة ومن دول مختلفة، علما بأن جميع فريق الرواة المكون من 30 شاباً وفتاة يتقنون الإنجليزية إلى جانب لغتهم الأم العربية، والبعض يجيد الفرنسية أيضاً».
وذكر أنّ أعداداً كبيرة من السياح الصينيين زاروا العلا في الفترة الأخيرة وهو ما يمثل فرصة لتعلم اللغة الصينية لإرشاد هذه الأعداد الكبيرة على حد قوله، مؤكداً أنّ طموحاته تتمثل في أن تكون العلا الوجهة السياحية الأولى في السعودية والعالم.
إلى ذلك، أكدت جواهر البلوي التي تدرس الماجستير في جامعة ساسكس بمدينة برايتون البريطانية أنّ كل بيت في العلا يعمل مع الهيئة الملكية لتطوير المحافظة، سواء عن طريق الابتعاث الخارجي أو العمل كرواة، أو مرشدين وغيرها. وأضافت جواهر التي تعمل في قسم العلاقات والإعلام بمهرجان شتاء طنطورة، أنّ خمسة من أفراد عائلة إحدى صديقاتها مبتعثون في بريطانيا لهذا الغرض.
وأشارت إلى أنّها جاءت في إجازة ورغبت باستغلال الوقت في العمل بموسم شتاء طنطورة الممتع. تابعت: «تعاملت مع مختلف الجنسيات وبعض الشخصيات المشهورة، كما أنّ المشاركة تساعد في صقل الشخصية وتقويتها».
ويستمر مهرجان شتاء طنطورة 12 أسبوعاً، يقدم خلالها جملة من الفعاليات والأنشطة الثرية التي تعبر عن التقاء ثقافات الشرق والغرب، تجسيداً لامتداد إرث العلا الحضاري ورمزيتها التاريخية، التي تمثل ملتقى للثقافات والحضارات من مختلف بقاع العالم على مدى التاريخ.