الوجه السابق لنظام دمشق مستعد لأن يكون «صوت المعتدلين» في سوريا

جهاد مقدسي: تغلب الدبلوماسي على المحامي في داخلي

جهاد مقدسي
جهاد مقدسي
TT

الوجه السابق لنظام دمشق مستعد لأن يكون «صوت المعتدلين» في سوريا

جهاد مقدسي
جهاد مقدسي

على مدى سنوات، كان جهاد مقدسي هو وجه الحكومة السورية اللبق الذي يتحدث إلى الخارج، معبّرا عن آراء وأفكار تلك الحكومة بلغة إنجليزية سليمة كمتحدث رسمي لوزارة الخارجية. غير أنه، ومنذ عام مضى، قدم مقدسي استقالته وهرب من سوريا، متخليا بذلك عن دعمه للرئيس بشار الأسد، من دون أن يوجه ذلك الدعم للمعارضة، ليظل منتظرا، كما يقول هو، حتى تأتي اللحظة المناسبة التي يكون فيها دعمه للمعارضة مفيدا.
والآن ومع اقتراب انطلاق محادثات السلام، التي طال انتظارها، في سويسرا الأربعاء المقبل، ظهر مقدسي بوجه المنشق المعارض الذي يسعى ليكون الصوت المعبر عن كثير من السوريين الذين يقفون على الهامش، متشككين في الانتفاضة المسلحة، لكنهم في الوقت ذاته ما زالوا ينتظرون حدوث تغيير عميق في بلادهم.
يقول مقدسي إن شعوره بأنه «لم يعد باستطاعته إحداث أي تغيير» هو الذي دفعه لترك منصبه منذ ما يقرب من عامين، لينضم إلى الثورة التي تطورت، بسبب ممارسات الحكومة الوحشية ضد المعارضين، من انتفاضة سلمية ضد الأسد إلى حركة تمرد مسلحة، تستقطب المزيد من الجهاديين الأجانب.
وعلى مدار ساعات جرى خلالها عقد عدة لقاءات معه في مقاهي دبي، قال مقدسي إنه يتحدث باسم قاعدة عريضة من السوريين تتضمن كثيرا من المسيحيين أمثاله، الذين يخشون الاتجاهات المتطرفة في أوساط حركة المتمردين ويتمنون لو بقيت الثورة على سلميتها، لكنهم في الوقت ذاته يؤمنون بأن حركة التمرد تستند بقوة إلى كثير من المطالب السياسية المشروعة. ويقول مقدسي إن «طموحات الشارع السوري كلها مشروعة». وتأتي رسالة مقدسي، التي تبدو كما لو كانت تبعث على التفاؤل، في الوقت الذي تشهد فيه سوريا انقساما حادا، حيث لا يوجد إجماع على الهدف من وراء المباحثات المقبلة أو ما إذا كان سيجري عقدها أم لا. ويشير مقدسي إلى أن بصيص الأمل البسيط، الذي يوحي بإمكانية التوصل إلى حل سياسي، من الممكن أن يساعد في تقليل خطر الوجه الطائفي للصراع، الذي تبقى أسبابه السياسية قابلة، على الرغم من ذلك، للتسوية.
يقول مقدسي، الذي اختار له والده اسم أحد أصدقائه المسلمين المقربين، إن «الشعب السوري يعاني حاليا من حالة من الغضب بسبب الخسائر البشرية الكبيرة والدماء الغزيرة التي أُريقت»، مضيفا: «دعونا لا نصدر أحكاما نهائية على الشعب السوري في الوقت الحالي، فحالما يتوقف نزيف الدم عن طريق عقد اجتماعي مناسب، فسوف تبدأ الأمور في الاتجاه إلى الهدوء. نحن لم نفتعل أبدا ذلك التعايش الذي كان بيننا، لقد كانت تلك طبيعتنا الحقيقية».
وقال مقدسي إنه يأمل أن يتوصل السوريون إلى حل للصراع الدائر من خلال المباحثات التي تجري برعاية دولية في جنيف، بما يضمن تشكيل حكومة جديدة يمكن الاعتماد عليها في توفير الأمان لجميع مكونات الشعب السوري. وبسؤاله عما إذا كان ينبغي إعطاء الأسد دورا في سوريا، قال مقدسي بتأنٍّ «لا يمكن للتغيير أن يتحقق إذا ربطنا مصير سوريا بمصير شخص واحد».
وأشار مقدسي إلى أنه يدعم خطة جنيف الرسمية التي تقضي بإنشاء هيئة انتقالية تُعطى سلطة إعادة تشكيل الحكومة، عن طريق اختيار وزراء يحظون بموافقة الطرفين، مع استبعاد «الشخصيات المثيرة للجدل»؛ سواء كانوا من الذين «باركوا عمليات القتل وقطع الرؤوس» التي نفذها الجهاديون، أو كانوا من أولئك الذين «يقودون الأجهزة الاستخباراتية»، ثم بعد ذلك ينبغي على السوريين المضي قدما في انتخاب برلمان ورئيس في انتخابات تُتاح خلالها الفرصة للجميع للترشح والمنافسة.
وبطريقة غير مباشرة، لكنها واضحة، أشار مقدسي إلى أنه أراد أن يدحض، لكن بشكل مقبول لدى المحايدين والمنتقدين للمعارضة المسلحة، ادعاء الأسد بأن التحدي الأكبر الذي يواجه حكمه لا يأتي من المعارضة الداخلية، بل يأتي في حقيقة الأمر من المجموعات الإرهابية الخارجية التي يخوض حربا ضدها بالوكالة عن العالم أجمع.
وقد حازت فكرة أن الأسد ينبغي أن يبقى في منصبه كرئيس لسوريا ليحارب الجهاديين على قبول كبير من الغرب.
ويقول مقدسي إنه يؤمن بأن غالبية المسيحيين السوريين، وكذلك معظم الشعب السوري «آمنوا بالتغيير، وأنه صار حتميا حدوث ذلك التغيير في سوريا»، لكنه أضاف: «أرادوا التطور وليس الثورة المسلحة».
ويضيف مقدسي أنه مع مواجهة «التهديد الحقيقي» المتمثل في الجهاديين، فإن غالبية المسيحيين في الوقت الحالي «يختارون أن يبقوا ضمن الأغلبية الصامتة من السوريين، وهذا الأمر مختلف تماما عن الوقوف بجانب أيّ من طرفي الصراع».
وأكدت الحكومة مرارا، خاصة للغرب، ما تصوره على أنه شبه إجماع من المسيحيين والأغلبية السنّية والأقليات الأخرى على دعمها لحمايتهم من المتطرفين الإسلاميين. غير أن مقدسي قال إن المسيحيين لا يريدون أن يجري النظر إليهم على أنهم طائفة مختلفة عن باقي الشعب السوري، فهم يرون أنهم مثل كل السوريين يمكن أن تتوفر لهم الحماية من خلال إقرار دستور قوي يجري فرضه في ظل حكم رشيد.
ويقول مقدسي: «عندما تكون سوريا بخير، سيصبح المسيحيون السوريون بخير، هذه هي الفكرة التي ينبغي أن نلتفت إليها جميعا».
ويُعدّ مقدسي (39 عاما) واحدا من بين كثير من المسؤولين الحكوميين والتكنوقراط السابقين والحاليين الذين بدأوا في التواصل مع بعضهم حديثا، ومع الوسطاء الدوليين لإعادة هيكلة والعمل على استقرار بلدهم الجريح.
وبسؤاله عما إذا كان يرى أنه من الممكن أن ينضم إلى حكومة انتقالية، يبدو أن أمر تشكيلها ما زال بعيدا، قال مقدسي إنه لا يسعى للحصول على منصب سياسي، بل يسعى لإيجاد طريقة لمعالجة التصدعات التي يعاني منها بلده.
ويضيف مقدسي: «إنني أتبنى موقفا وسطيا أشعر من خلاله أنني مستريح لانتمائي لقاعدة من الشعب السوري المعتدل، وليس المتطرفين من الجانبين». وأضاف: «وعليه، فإنه إذا توفرت الفرصة التي يمكن من خلالها أن أخدم بلدي وأنا في هذا الموقف الوسطي، فسأفعل من دون تردد».
وقد كان مقدسي (وهو أب لطفلين) ضيفا دائما في التلفزيون الحكومي السوري، وكان يُرى على أنه من أعضاء الحكومة التكنوقراط المتفانين في عملهم. ومثل خروجه من حكومة الأسد في ديسمبر (كانون الأول) 2012 ضربة شديدة للحكومة التي تحاول أن تصور نفسها أمام العالم على أنها لاعب دولي يتحمل مسؤوليته.
يقول مقدسي: «صار الاستقطاب في سوريا قاتلا». وقد انتقده بعض المعارضين للحكومة بسبب بقائه في منصبه، بينما يلقى كثير من السوريين حتفهم كل يوم. ويضيف مقدسي: «الدبلوماسي ليس محاميا، فالمحامي يمكنه التربح من القضية التي تصدى للدفاع عن موكله فيها، أما الدبلوماسي فلا يستطيع إلا أن يقاتل من بلد كامل. وقد تغلب الدبلوماسي على المحامي في داخلي».
ويشير إلى أنه كان سيبقى في سوريا لو أنه تأكد من أن استقالته لن تعرض عائلته للخطر.
ويضيف مقدسي أن الحكومة السورية تهدف إلى إطالة أمد العملية الدبلوماسية، حيث إنها «تراهن على حدوث تغيير في مزاج الغرب حتى تستطيع الحصول على صفقة سياسية أفضل»، مشيرا إلى أن اللعب على عامل الوقت يمكن أن يكون إشارة على ضعف الحكومة وليس قوتها.
ويمضي مقدسي قائلا إن «الجميع أصابه الإرهاق والتعب، والجميع يدرك أنه غير قادر على تحقيق نصر واضح وإزاحة الطرف الآخر».
وأشار مقدسي إلى أنه ينبغي أن يجري دعوة إيران للمشاركة في المباحثات حتى يجري اختبار التزامها المعلن بحل سياسي للقضية السورية. واشتراك إيران في مباحثات جنيف سيجبرها على العدول عن سلوكها المخرب للعملية الدبلوماسية. وفي نهاية المطاف، يجب على الحكومة أن تنخرط في المسار الذي ستحدده مباحثات جنيف، التي ستفرض بالطبع عمل بعض التنازلات، وإلا فستبدو الحكومة وكأنها تستخف بتضحيات السوريين، وتتجاهل فرص التوصل لوقف أعمال القتل.
ويشير مقدسي إلى أن ذلك من الممكن أن يُغضب أغلبية سوريا الصامتة، بما في ذلك مؤيدو الحكومة «المعتدلون». ويضيف مقدسي: «وإذا لم يولِّ الطرفان اهتماما كافيا لتلك المباحثات، فلن تبقى تلك الأغلبية صامتة بعد اليوم».
* خدمة «نيويورك تايمز»



الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.