الرئيس السابق للمخابرات الليبية يؤيد حفتر في معركة «تحرير طرابلس»

حملة لتسليح الشباب في شرق البلاد للمشاركة في صد «الغزو التركي»

TT

الرئيس السابق للمخابرات الليبية يؤيد حفتر في معركة «تحرير طرابلس»

في أول ظهور علني للرجل القوي في نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، دعا أبو زيد دوردة، رئيس جهاز الأمن الخارجي للمخابرات الليبية السابق، جميع فئات الشعب إلى الالتفاف حول المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» فيما سماها حرب «تحرير» طرابلس من «الميليشيات المسلحة»، وقال إن «من لديه مشكلة مع حفتر لا يعمل معه، ولكن عليه أن يأتينا بالحل».
وتحدث دوردة، الذي أفرجت عنه حكومة «الوفاق» في منتصف فبراير (شباط) الماضي، في كلمة تلفزيونية له على قناة «ليبيا روحها الوطن»، مساء أول من أمس، للمرة الأولى، عن الفترة التي أمضاها في سجون طرابلس، وعلاقته بفائز السراج رئيس المجلس الرئاسي، وقال إن الأخير «يطالب الأتراك بغزو ليبيا».
ولا يزال عدد من أنصار القذافي في السجون الواقعة تحت إدارة الميليشيات المسلحة في طرابلس، بعضهم انقضت محكوميته. وفي هذا الإطار، طالب خالد الغويل، مستشار رئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أمس، بـ«الإفراج الفوري دون شرط أو قيد عن جميع المعتقلين وعلى رأسهم اللواء عبد الله السنوسي (مدير إدارة الاستخبارات العسكرية السابق) والساعدي القذافي نجل الرئيس السابق».
وتحدث دوردة، الذي بدت من خلفه صورة للمناضل الليبي التاريخي عمر المختار، عن تحويل أموال ليبية في السنوات الماضية «إلى بنوك تركية». وقال إن «قيادات بجماعة الإخوان استولوا على المال العام ونقلوه إلى تركيا، وأفقروا الليبيين». وذهب إلى أن «تركيا أصبحت ملجأ آمناً لجميع الإخوان الفارين من كل مكان... فهرب إليها (إخوان مصر) بعد (ثورة) الشعب المصري في 30 يونيو، وكذلك بعض إخوان ليبيا، وأيضاً الجماعة الليبية المقاتلة».
وانتقل للحديث عن الميليشيات وحكومة «الوفاق»، فقال إن «معنويات الميليشيات في طرابلس منهارة، وهم يبحثون عن الحماية لدى أنقرة، لكنها تستغلهم لأهداف سياسية»، قبل أن يصف حكومة السراج بأنها «غير شرعية»، قائلاً إن قيادي سابقاً في «الجماعة المقاتلة» كان يتولى المسؤولية عن سجن الهضبة «أجبر سجناء وعمالاً في السجن على تعبئة الذخائر والأسلحة ونقلها من طرابلس إلى التنظيمات في بنغازي ودرنة بينما كانت الأموال تصرف له من الحكومة (الوفاق)».
واستكمل دوردة: «قابلت السراج عندما كنت معتقلاً في سجن الهضبة، وعندما تحدثت معه وجدته لا يعرف ما يدور من حوله، فهو ينفّذ ما يملى عليه بالهاتف، ولا يعرف ماذا يعمل». ورأى أن «بقاء حكومته ومن معه من (الإخوان المسلمين) لا يعني إلا دمار ليبيا».
ودعا دوردة الشعب الليبي إلى الاتفاق على دستور وعلم، مطالباً مجلس النواب المنعقد في طبرق بتغيير ألوان العلم الحالي، واعتماد آخر بشكل مؤقت «لونه أبيض ويتوسطه صورة لعمر المختار». وأشاد بحفتر، وطالبه بـ«عدم إغلاق الباب أمام (الثوار) ممن لم يتورطوا في جرائم»، وذلك «خوفاً من تجنيدهم أو المتاجرة بهم».
وتوجه بحديثه إلى الليبيين قائلاً: «انصروا جيشكم وتحرروا من خوفكم فلم يعد لديكم أمل سواه، ومن لديه مشكلة مع حفتر لا يعمل معه، ولكن عليه أن يأتينا بالحل»، قبل أن يضيف: «خليفة حفتر توافرت فيه جملة من الشروط لم تتوافر في رجل آخر».
وثمّن الغويل، من جهته، كلمة دوردة، وقال «إنها جاءت في وقتها، بجهة دعوته لتوحد جميع طوائف الشعب لمحاربة التدخل التركي السافر والتدخلات الخارجية بكل أشكالها».
وحُكم على دوردة سابقاً بالإعدام مع ثمانية مسؤولين آخرين بينهم سيف الإسلام القذافي، بتهمة «قمع انتفاضة 2011»، لكنهم طعنوا على الحكم. ومنذ أن أفرج عنه لم يظهر علناً بعد توجهه إلى تونس.
يأتي ذلك بينما تتصاعد دعوات شعبية لمساندة «الجيش الوطني»، في ظل تسليح مجموعات كبيرة من الشباب الليبي. وقال الشيخ جمال أبو فرنة أحد مشايخ قبيلة سلوق (جنوب مدينة بنغازي) لـ«الشرق الأوسط» إنهم «لن يدخروا جهداً للوقوف بجانب قواتهم المسلحة»، مشيراً إلى أنهم «أعلنوا حالة النفير العام» لصد ما سماه «الغزو التركي للبلاد».
وقال مسؤول محلي بشرق ليبيا، إن هناك حملات لتسليح من يقدر على حمل السلاح من الشباب بمختلف أعمارهم. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «القبائل الليبية تمتلك قدراً من السلاح، لكن في ظل الإقبال الكبير على التطوع بعد نداء المشير حفتر، سنحتاج مزيداً من السلاح».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.