محاولة اختطاف قيادي في المعارضة السورية تظهر مدى تغلغل «داعش» في تركيا

التنظيم يبرم صفقات مع عصابات مافيا تركية.. وعناصره يتخذون من أورفة منتجعا للاستراحة

محاولة اختطاف قيادي في المعارضة السورية تظهر مدى تغلغل «داعش» في تركيا
TT

محاولة اختطاف قيادي في المعارضة السورية تظهر مدى تغلغل «داعش» في تركيا

محاولة اختطاف قيادي في المعارضة السورية تظهر مدى تغلغل «داعش» في تركيا

كان الرجال الذين اختطفوا أبو عيسى من الشارع من رجال العصابات التركية، غير أن عميلهم الرئيس كان تنظيم «داعش»، إذ تلقوا وعودا بالحصول على مبالغ مالية باهظة مقابل اختطاف القائد في المعارضة السورية خفية عبر الحدود التركية إلى داخل الأراضي السورية.
أخفقت تلك العملية في نهاية الأمر، لكن قصة عملية الاختطاف الجريئة في وضح النهار وآثارها الفوضوية أثارت تساؤلات مقلقة حيال تزايد تغلغل الجماعة المتطرفة «داعش» في تركيا، ومدى قدرة السلطات التركية على احتوائها.
خلال العام الماضي، رضخت تلك الدولة، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لضغوط عنيفة من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما من أجل فعل المزيد لإيقاف تدفق آلاف المقاتلين الأجانب الذين جاءوا إلى تركيا من أجل الانضمام إلى القتال في سوريا. وتقول تركيا إنها تحاول، والإجراءات الحدودية الصارمة جنبا إلى جنب مع الدوريات المعززة والأسلاك الشائكة ومراكز المراقبة، تعتبر من قبيل الأدلة الواضحة للعيان على طول نقاط العبور الرئيسة إلى سوريا. ومع ذلك، وكما أوضحت محاولة الاختطاف خلال الأيام الأخيرة، فإن «داعش» أوجد لنفسه جذورا عميقة في الداخل التركي وبين أكثر من مليون لاجئ سوري لاذوا بالأراضي التركية احتماء من الحرب. وإحدى الإشارات الجلية على ذلك كانت العثور خلال هذا الشهر على كميات كبيرة من المتفجرات وأكثر من عشرين سترة انتحارية في مدينة عنتاب التركية والتي كما تعتقد الشرطة التركية كانت مخبأة من قبل عناصر من التنظيم. ويقول أفراد من المعارضة السورية المعتدلة وبعض النشطاء القاطنين في تركيا إنهم كثيرا ما يتعرفون على بعض الرجال في الشوارع أو المقاهي التي يرتادها السوريون هناك ويشتبهون في انتمائهم إلى الجماعة المتطرفة. واقترح أحد قادة المعارضة السورية أخيرا تغيير مكان المقابلة الشخصية مع أحد المراسلين من مقهى في مدينة أورفة إلى فندق قريب نظرا لأنه تعرف على شخصية أحد «أمراء» التنظيم يجلس إلى طاولة مجاورة.
إن اقتراب مدينة أورفة التركية من مدينة الرقة السورية، والتي تعتبر عاصمة ما يسمى بـ«دولة الخلافة الإسلامية» (داعش)، جعلها مركزا للقاءات قادة الجماعة المتطرفة، حسبما أفاد السوريون، حيث يقدمون إلى تلك المدينة التركية للاستراحة وزيارة أسرهم، وتأمين الإمدادات. والآن يخشى كثير من السوريين أن تمتد حملة الاضطهاد التي يزاولها «داعش» ضد النشطاء والثوار المعتدلين، مثل أبو عيسى المذكور آنفا.
ويقول خلف جوربا، وهو ناشط سوري معارض وصحافي مخضرم يعيش في مدينة أورفة «لديهم خلايا نائمة هنا، وجميعها مسلحة. وبتنا جميعنا الآن في خطر داهم بسبب أن أسماءنا على قوائمهم الحالية».
وتتواصل زيارات السائحين لتلك المدينة التاريخية والجذابة، حيث يقال إن الملك النمرود ألقى بنبي الله إبراهيم في المحرقة هنا، وهناك أيضا الفنادق التي تعج بالمحلات الصغيرة والأسواق المزدحمة التي تقدم لمحات من الماضي التليد. وكان المواطنون الأميركيون من بين أولئك الذين جاءوا في أفواج سياحية خلال الأيام الأخيرة. وتجمع الصحافيون من مختلف أنحاء العالم في مدينة أورفة لتغطية القتال الدائر عبر الحدود في بلدة كوباني السورية، حيث تقاتل الميليشيات الكردية المدعومة بالغارات الجوية الأميركية لصد هجمات تنظيم داعش هناك.
يكشف وصف محاولة اختطاف أبو عيسى، والذي جاء على لسان الأصدقاء والزملاء الذين ساعدوه في الهرب، قدرا من المخاطر التي قد يشكلها التنظيم لما هو أبعد من حدود العراق وسوريا. ولا يمكن تأكيد تفاصيل عملية الاختطاف بشكل منفصل، لكن شهادة أربعة من السوريين الذين تحدثوا مع أبو عيسى بشكل منفصل عقب الحادثة باتت متطابقة. ولم يتسن الوصول إلى أبو عيسى، والذي يستخدم اسما حركيا كما يفعل باقي المعارضين الآخرين من أجل حماية أقاربهم داخل سوريا، للحصول على التعليق، حيث عاد إلى سوريا التي مزقتها الحرب، كما يقول أبو شجاعات، وهو زميل وصديق من المعارضين الذين ساعدوه على الهرب. وقال «إنه يشعر بالأمان هناك عن وجوده في تركيا».
وأبو عيسى هو مقاتل سوري معروف ومزارع سابق كان اكتسب شهرة من إصراره على مواجهة «داعش»، وقاتل في كوباني قبل أن يرحل إلى مدينة أورفة قبل أسبوع للاستراحة والتشاور مع زملائه المعارضين، طبقا لما قاله أبو شجاعات. وبعد ظهيرة يوم الجمعة الماضي، أرسل أبو عيسى نجله عمار (20 عاما) لحضور اجتماع في منزل أحد المعارضين من رفاقه، حسبما أفاد صديقه. وكان أبو ماهر يقود السيارة، وهو صديق من أهل الثقة، وهو أيضا المتحدث الإعلامي في تركيا لكتيبة لواء رقة الثوار.
انحرف السائق عن الطريق المعتاد، مخبرا أبو عيسى بأنه يستخدم طريقا مختصرا، وقاد سيارته إلى عمق زقاق مهجور. توقفت سيارة أمامهم فجأة، وأعاقت مسيرتهم. وظهرت سيارة أخرى في الخلف. واندفع عشرة رجال أو أكثر من السيارتين، وحاول أبو عيسى وولده الهروب. فسحب الرجال أسلحتهم، وأطلقوا النار على أبو عيسى في بطنه وعلى ولده في ساقه.
وحاول المختطفون إجباره على ركوب إحدى السيارات، وأدرك أبو عيسى أن أحد الرجال الذين كانوا يدفعونه باتجاه السيارة كان أبو ماهر، سائقه وصديقه المفترض، كما أفاد أبو شجاعات. وفسر أبو شجاعات ذلك بقوله «كان خائنا. كان يعمل لحساب (داعش) سرا».
نُقل الأسيران إلى بلدة حدودية تركية تدعى تل أقجة قلعة، وهي متاخمة لبلدة تل أبيض الحدودية السورية، والتي كانت تحت سيطرة «داعش» لما يزيد على العام تقريبا. كان معظم الخاطفين يتحدثون اللغة التركية، على الرغم من أن اثنين منهم يتحدثان العربية، وأخبرا أبو عيسى بأنهم ينتمون إلى إحدى عصابات المافيا التركية، كما قال أبو شجاعات. وعند الحدود، اتخذ الخاطفون طريقا ترابيا باتجاه واحدا من طرق التهريب العديدة، التي تقع داخل حقول الذرة وبساتين الزيتون، والتي يتسلل السوريون من خلالها بين بلادهم وبين تركيا.
وفي مزرعة نائية تقع داخل الأراضي التركية، عقد الخاطفون اتصالا مع نظرائهم من عناصر تنظيم داعش الذين كانوا ينظرون عبر الحدود. وطلب المتشددون دليلا على أن الأسير هو أبو عيسى، والتقط الخاطفون مقطعا للفيديو للرجل وأرسلوه عبر الهاتف المحمول إليهم. وأدرك أبو عيسى من المحادثات أن كلا الطرفين عقد اتفاقا مسبقا لقاء سداد مبلغ 500 ألف دولار مقابل تسليمه إلى المتطرفين، كما أفاد أبو شجاعات. ولم يكن عناصر تنظيم داعش ينوون سداد المبلغ، على ما يبدو، إذ ومن دون سابق إنذار اندفعت مجموعة من المقاتلين عبر الحدود التركية وفتحت النار على المزرعة، في محاولة بدت للحصول على أبو عيسى دون دفع المال.
انتبه حرس الحدود التركية لإطلاق النار في المنطقة، وظهرت مروحية مع ضوء كشاف فوق الرؤوس، ودبابة أيضا في الجوار. ومن ثم تفرق رجال العصابات التركية، مثلما فعل عناصر «داعش»، وترك أبو عيسى بلا حراسة.
* خدمة «واشنطن بوست»
_ خاص بـ {الشرق الأوسط}



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.