إسرائيل تخفف وتيرة التعليق على مقتل سليماني

نقلت رسالة عبر مصر إلى الفصائل الفلسطينية حذرتها فيها من الرد

TT

إسرائيل تخفف وتيرة التعليق على مقتل سليماني

في محاولة لإخراج إسرائيل من دائرة الانتقام الإيراني لاغتيال قاسم سليماني، شدد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تعليماته لوزرائه بألا يتفوهوا في الموضوع على الإطلاق، وقال خلال جلسة الحكومة الأسبوعية، أمس الأحد، إنه الوحيد المخول بالحديث عنه. وكشفت مصادر سياسية أن نتنياهو ألغى اجتماعا للكابنيت، الذي كان مقررا عقده اليوم الاثنين للبحث في تبعات الاغتيال. وأوضح أن الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب قصوى لمجابهة الاحتمالات والأخطار.
وكان نتنياهو قد استهل جلسة حكومته، أمس، بالقول إن «قاسم سليماني تسبب في مقتل مواطنين أميركيين كثر وأبرياء آخرين على مر عشرات السنين. وبادر إلى تنفيذ عمليات إرهابية كثيرة وخطط لها ونفذها في كل أنحاء الشرق الأوسط وخارجه أيضا. ولذلك فالرئيس الأميركي دونالد ترمب يستحق كل التقدير على عمله الحازم والقوي والسريع». وأوضح مجددا بأن «إسرائيل تقف بشكل كامل إلى جانب الولايات المتحدة في كفاحها العادل الذي يهدف إلى تحقيق الأمان والسلام وممارسة حق الدفاع عن النفس».
وقالت تقارير صحافية في تل أبيب إن نتنياهو، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة تسعى للتخفيف إلى الحد الأقصى من التصريحات الرسمية في موضوع الاغتيال، حتى يتم إخراجها من دائرة الانتقام الإيراني، مع أن نتنياهو نفسه كان قد استبق الاغتيال بتلميحات مثيرة للجدل، إذ قال قبل بضع ساعات من حادثة الاغتيال وهو في زيارة إلى اليونان، إن «المنطقة مقبلة على أحداث درامية صاخبة ونحن على اتصال دائم مع حلفائنا الأميركيين». ومن جانبه كشف وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أنه تحدث مع نتنياهو ثلاث مرات في الأسبوع المنصرم. ووجه الشكر لإسرائيل على «مساهمتها في مكافحة الإرهاب في العالم». وكشفت تقارير إسرائيلية، أن الولايات المتحدة أطلعت إسرائيل على قرارها اغتيال قائد فيلق القدس، اللواء قاسم سليماني، لكنها أوضحت أن تعتيما يفرض على هذا الشأن.
وكشف المراسل العسكري للقناة 12 الإسرائيلية، أن وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، ألغى زيارة إلى إسرائيل، كانت مقررة يوم الأربعاء الماضي، أي قبل يوم واحد من اغتيال سليماني. وأكد المراسل أن إلغاء الزيارة يؤكد أن الولايات المتحدة أطلعت إسرائيل على تطورات جدية مقبلة في المنطقة.
وخرجت صحيفة «هآرتس» العبرية بمقال افتتاحي، أمس الأحد، حذرت فيه من التبجح الإسرائيلي في الشراكة مع الولايات المتحدة في هذا الشأن. وقالت: «رغم أن إسرائيل لا تزال على قائمة أهداف إيران والمنظمات العاملة باسمها – مثل حزب الله في لبنان أو الميليشيات المؤيدة لإيران العاملة في سوريا – فسيكون من الأفضل أن تبعد نفسها عن كل تعاون مع أميركا. والتلميحات بشأن المساعدة التي قدمتها إسرائيل للولايات المتحدة، زائدة تماما ومثلها زائد أيضا طبول النصر المبالغ فيها». وأضافت الصحيفة: يمكن لإسرائيل أن تكون راضية من حقيقة أن زعيم المعركة الإيرانية في الشرق الأوسط أزيح عن الساحة، ولكن عليها أن تتذكر بأن مواجهتها لم تكن مع سليماني – ناهيك عن أنه كانت لها في الماضي بضع فرص لتصفيته، وأن طوق التهديدات ضدها لم ينكسر الآن بموته».
يذكر أن السلطات الإسرائيلية ووسائل الإعلام منشغلة في التقديرات حول احتمالات الرد الإيراني على اغتيال سليماني وإن كان هذا الرد سيشمل إسرائيل. وحسب المحلل العسكري للقناة 13 للتلفزيون الإسرائيلي، ألون بن ديفيد، فإن التقديرات الأمنية ترجح ألا ترد إيران على اغتيال سليماني باستهداف إسرائيل. وإزاء الحديث عن احتمال أن تقوم إيران بتفعيل الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة أو الضفة الغربية للقيام بعمليات انتقامية كهذه، كشف المحلل العسكري في موقع «واللا» العبري، أمير بوحبوط، أن إسرائيل نقلت رسالة عبر مصر إلى الفصائل الفلسطينية، حذرتها فيها من الرد على اغتيال سليماني.
المعروف أن نتنياهو كان قد قطع زيارته إلى اليونان، يوم الجمعة، وعاد إلى تل أبيب، وأوعز نتنياهو لوزرائه بعدم إطلاق تصريحات حول اغتيال سليماني. وفي الوقت ذاته، رفعت أجهزة الأمن الإسرائيلية حالة التأهب عند الحدود، وخاصة الحدود مع لبنان وفي هضبة الجولان المحتلة، تحسبا من الرد الإيراني. كما أعلنت وزارة الخارجية وأجهزة الأمن الإسرائيلية عن حالة استنفار عليا في السفارات والقنصليات والمؤسسات اليهودية في العالم، لنفس السبب.
وقال مسؤول عسكري سابق في تل أبيب لصحيفة «معريب»، أمس، إن اغتيال سليماني خلق وضعا جديدا وليس بالضرورة في اتجاه الحرب والتصعيد، بل ربما العكس. وأضاف: «تحذيرات الحرب التي كان قد أطلقها رئيس الأركان الإسرائيلي، افيف كوخافي، اكتسبت فجأة أهمية كبيرة. فقد خسر حقا من اعتبره العدو الكبير، سليماني. وهو الآن سيضطر إلى خلق منافس جديد. بيد أن الرابح الأكبر من تصفية سليماني هو نتنياهو. فقد كان لرئيس الحكومة أسبوع ناجح بدأ بقمع تمرد جدعون ساعر (منافسه في الليكود) واستمر بخشية المحكمة العليا من مناقشة أهلية متهم جنائي بتشكيل حكومة، وبعد ذلك طلب الحصانة، التي ستضع جانبا لوائح الاتهام لفترة طويلة في الكنيست وانتهى بعملية أميركية محفوفة بالمخاطر أعادت إلى العناوين «الوضع الأمني» وأزالت منها ملفات الفساد. المعارضة الأمنية من «كحول لفان» سارعت لتسوية الصفوف. فإذا كان هناك تصعيد أمني، محلي أو إقليمي، سيزداد الضغط على بيني غانتس ويئير لبيد، من أجل الدخول إلى وزارة الدفاع ووزارة الخارجية في ظل حكومة نتنياهو».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».