على خلفية المعارك التي يخوضها «الجيش الوطني» الليبي، والقوات الموالية لحكومة «الوفاق الوطني»، تدور في الخلفية حرب من نوع خاص يصفها المحللون بـ«الخفية» وتتعلق بإطلاق «الشائعات» في جبهتي الشرق والغرب، فضلاً عن ضبط أشخاص يوجه لهم كلا الطرفين تهم «الخيانة والتجسس».
ورغم تأكيده على «قوة وصلابة الجبهة الداخلية والحاضنة الشعبية التي تقف خلف الجيش الوطني في مواجهة التدخل التركي السافر، ومن قبله للميليشيات الإرهابية المسلحة بالغرب»؛ فإن مدير إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة الليبية العميد خالد المحجوب، لا ينكر وجود «دور واضح للطابور الخامس بها، يركز بدرجة أكبر على بث الشائعات والأخبار الملفقة الهادفة للإثارة الفتن والقلائل بالداخل الليبي، وأيضاً لتشويه صورة الجيش وداعميه أمام المجتمع الدولي».
واستبعد المحجوب في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «يحدث أي تطور أو تبدل بموازين المعركة لصالح حكومة الوفاق والميليشيات الداعمة لها جراء تسرب أي معلومة أو وجود عنصر خائن بالمنطقة الشرقية وباقي مواقع سيطرة الجيش الوطني»، ويشرح: «بالطبع رغم حالة الاصطفاف الوطني الكبيرة حلف الجيش وقيادته العامة لا في الشرق فقط بل وفي الجنوب وفي المنطقة الغربية، لا يخلو الأمر من وجود ضعاف للنفوس وعملاء». ويستدرك: «لكن الجبهة الداخلية مؤمنة بدرجة عالية. فالأجهزة الأمنية لدينا يقظة جدا وتتحرك على نحو سريع، وبمجرد وصول معلومات عن أشخاص مشتبه بهم أو عودة أي عنصر خطر وإرهابي يتم التعامل معه وإلقاء القبض على هؤلاء وتحريك ملفاتهم للجهات القضائية للتحقيق معهم».
ولا تعلن السلطات التابعة لـ«الجيش الوطني» أو حكومة «الوفاق الوطني» حصراً كاملاً عن أعداد من توجه لهم تهم «العمالة أو التجسس أو إطلاق الشائعات»، لكن المتحدث باسم الجيش اللواء أحمد المسماري، أعلن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عن مقتل من وصفه بـ«الإرهابي هشام مسيمير العميل للمخابرات التركية والقطرية»، وموضحاً أن القتيل «اغتال عددا من الشخصيات العسكرية لزرع الفتنة بين القبائل الليبية». وفي المقابل تبرأت «الوفاق» في مايو (أيار) الماضي، مما وصفته حينها بـ«الشائعات بشأن تسلمها شحنات أسلحة تركية».
«لا يتم الإعلان عن تفاصيل المضبوطين لكون ذلك جزءا مرتبطا بالأسرار العسكرية، وربما نفعل ذلك، وعدد من ثبت بحقه الاتهام بعد انتهاء المعركة»، بحسب ما يقول العميد المحجوب، مضيفاً أن «الاعتماد على الشائعات يستهدف تشويه صورة الجيش، عبر خلط وإرباك الأوراق وإجهاض أي تأييد شعبي للجيش داخل العاصمة، وعرقلة تقدمه لحين وصول الدعم التركي لهم».
ويذهب رئيس «لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان» طلال الميهوب، إلى أن «لجوء (حكومة الوفاق) وأعوانها من (الميليشيات المسلحة) لزرع العملاء ضد الجيش الوطني لن يجدي الآن، بعد خيانتهم وطلبهم من دولة خارجية التدخل وانتهاك سيادة بلادنا لن يجدوا من يتعامل معهم أو يفكر بذلك».
وقال الميهوب لـ«الشرق الأوسط»: «الجميع يدرك أن عائلات عدة بالشرق وقبائل أيضاً فقدوا أبناءهم في الحرب الدائرة، وبالتالي لن يتهاونوا مع أي محاولة للاختراق، والعكس هو الصحيح لأن (الجيش الوطني) له عيونه وأجهزته وقادر على اختراقهم، والأجهزة الأمنية، والمخابرات العامة، والحربية، مستعدة ومستنفرة، حتى قبل إعلان تركيا لتدخلها السافر».
من جهته، نفى الناطق باسم «عملية بركان الغضب» (التابعة لحكومة الوفاق) مصطفى المجعي، ما قال إنه «شائعات» بشأن اعتقال وزارة الداخلية لمن يشتبه بتأييده لقوات الجيش الوطني، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا توجد أي حاضنة شعبية لخليفة حفتر (قائد الجيش الوطني)، وقياداته حتى يتم القبض من طرفنا على مؤيديه». غير أن المجعي عاد وقال إن «وزارة الداخلية لدينا قامت قبل عدة أشهر ربما مع بداية الهجوم على العاصمة بتفكيك خلايا إجرامية حاولت أن تستغل الوضع العام والانشغال بالحرب، كما تم القبض على بعض المخربين ممن يعتدون على الممتلكات العامة وهؤلاء نرجح أن البعض منهم قد قام بتلك الأعمال ربما بدعم من القوات الغازية للعاصمة، ولكننا نعمل وفقاً للقانون وبالتالي تمت إحالتهم للقضاء، وهذا أمر طبيعي لا يوجد عليه خلاف ومتعارف عليه في أي دولة».
بدوره استبعد المحلل السياسي الليبي، عز الدين عقيل، أن «يكون هناك أي تفوّق في حرب (المعلومات الخفية) لصالح (حكومة الوفاق)، مستنداً إلى عدم امتلاكهم جهازاً أمنياً أو مخابراتياً موحداً ليتعامل مع أي معلومة تصل لهم مهما بلغت أهميتها». وقال إنه «في المقابل يبدو التنسيق واضحاً في الأجهزة الأمنية والعسكرية بالشرق، ويظهر ذلك بمستوى التنوع في الضربات الموجهة لأكثر من منطقة بالغرب، ما يؤكد أن الجيش يحصل على معلومات استخباراتية عالية المستوى والدقة من كل الجبهات».
الجواسيس والشائعات... «حرب خفية» في المعارك الليبية
الجواسيس والشائعات... «حرب خفية» في المعارك الليبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة