«النهضة» التونسية تطالب بتعديلات في تشكيل الحكومة

أكدت أن الجملي «خرج عن سياسة الحركة لكن دون التمرد عليها»

TT

«النهضة» التونسية تطالب بتعديلات في تشكيل الحكومة

طالب حزب «حركة النهضة» التونسية، صاحب الغالبية في البرلمان التونسي، رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي بإدخال تعديلات على تشكيلته الحكومية قبل عرضها على البرلمان، وأكدت أنها ستصوّت لمنح الثقة لتلك الحكومة.
وأقر عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس شورى «النهضة» بأن الجملي «خرج عن سياسة الحركة لكنه لم يتمرد عليها»، ما يؤكد وجود خلافات بين الجانبين. ودعا الهاروني في مؤتمر صحافي عقده أمس إثر اجتماع لمجلس الشورى، الكتل البرلمانية إلى منح الثقة للحكومة المقترحة على أساس برنامج يتأسس على محاربة الفساد والفقر والبطالة، رغم تسجيله تحفظات على عدد من أعضائها.
وبشأن التحفظات التي عبّر عنها عدد من أعضاء مجلس شورى «النهضة»، أوضح الهاروني أن الحركة ستتشاور مع الجملي لإدخال تعديلات على التركيبة الوزارية المقترحة قبل عرضها على البرلمان يوم الجمعة المقبل. ونفى أن تكون الحركة بصدد الضغط على الجملي أو مساومته، مشيرا إلى أن هدفها يتمثل في تقديم حكومة في أفضل وجه، وأن الحركة ستدعم الحكومة حتى في ظل عدم الاستجابة لمجمل تلك التحفظات.
وخلّف مقترح «النهضة» بشأن التحسينات المطلوب إجراؤها على الحكومة وعرضها على البرلمان، جدلاً سياسياً؛ إذ إن هذه الوضعية لم تطرح في السابق وهو ما تطلب اجتهادات مختلفة حول هذا التعديل بعد إعلان الجملي عن تلك التشكيلة الحكومية.
من ناحيته، أكد الجملي تمسّكه بتركيبة الحكومة التي اقترحها، معتبراً أنها «الأفضل والأكثر ملاءمة لمتطلبات المرحلة ولمعالجة مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية بالخصوص». وفي تعليقه على إمكانية إجراء تعديلات سابقة لجلسة نيل الثقة في البرلمان، قال إن هذا الإجراء لا يمكن أن يحصل إلا بعد المصادقة على التشكيلة من البرلمان.
في السياق ذاته، أكد رابح الخريفي أستاذ القانون أنه لا مانع من تغيير تشكيلة الحكومة المقترحة قبل عقد الجلسة البرلمانية، مضيفا أن النظام الداخلي للبرلمان التونسي يتيح لرئيس الحكومة إجراء تغيير جزئي أو كلي على تركيبة الحكومة شرط احترامه لمسألتين؛ الأولى تتعلق بإجبارية التعديل قبل الجلسة، والثانية ضرورة إحالة القائمة الجديدة على رئيس الدولة التي يرسلها بدوره من جديد إلى البرلمان.
وتخشى «النهضة» فشل حكومة الجملي في نيل ثقة البرلمان وحصولها على الأغلبية المطلقة المقدرة بـ109 أصوات. ورجّح منجي الرحوي النائب عن حزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحد» اليساري أن يكون طلب تأخير جلسة منح الثقة للحكومة من قبل «النهضة» وأن تفضيل يوم الجمعة عوضاً عن يوم الثلاثاء ناجم عن عدم توفر النصاب الكافي من عدد النواب الذين سيصوتون للحكومة جراء الاختلاف الحاد حولها.
ويشترط حصول الحكومة المقترحة على الأغلبية المطلقة المقدرة بـ109 أصوات من إجمالي الأصوات البالغ 217، وهو رقم صعب المنال إذ إن معظم الأحزاب الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة امتنعت عن الانضمام إلى الائتلاف الحاكم الذي تتزعمه حركة النهضة، وهددت بسحب الدعم عنها.
وفي حال عدم حصول الحكومة الجديدة على ثقة البرلمان، فإن الفصل 89 من الدستور التونسي ينص على إجراء رئيس الجمهورية مشاورات جديدة في غضون عشرة أيام مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».