مجلة «الثقافة الجديدة» المغربية في 8 مجلدات

مجلة «الثقافة الجديدة» المغربية في 8 مجلدات
TT

مجلة «الثقافة الجديدة» المغربية في 8 مجلدات

مجلة «الثقافة الجديدة» المغربية في 8 مجلدات

صدرت عن «دار توبقال للنشر» بالدار البيضاء طبعة كاملة لمجلة «الثقافة الجديدة» (1974 - 1984)، وذلك باتفاق مع جمعية «أصدقاء الثقافة الجديدة»، وبدعم من «مؤسسة أجيال لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها» و«برامج المساعدة على النشر للمعهد الفرنسي».
وذكرت صفحة الكاتب والشاعر المغربي محمد بنيس في «فيسبوك»، أن صدور طبعة فنية عالية الجودة للأعداد الكاملة لمجلة «الثقافة الجديدة»، التي لعبت «دوراً متفرداً في تحديث الثقافة المغربية، من نوفمبر (تشرين الثاني) 1974 حتى تاريخ منعها في 25 يناير (كانون الثاني) 1984»، يأتي «حفاظاً على ذاكرة الثقافة المغربية الحديثة».
وكانت «الثقافة الجديدة» قد تأسست في بداية 1974، على يد كل من محمد بنيس وعبد القادر الشاوي ومصطفى المسناوي. وتحمل بنيس مسؤولية إدارتها، فيما تحمل عضوية التحرير مصطفى المسناوي، قبل أن يتوالى في التحرير كل من محمد البكري، وعبد الكريم برشيد، وعبد الله راجع، ومحمد العشيري وفاضل يوسف.
وصدر العدد الأول من «الثقافة الجديدة» في خريف 1974، باعتبارها «مجلة فكرية إبداعية».
وتضمن هذا العدد موضوعات متنوعة بمشاركة عدد من الكتاب، بينهم عبد الله العروي (منهج الفكر المغربي المعاصر) وعبد القادر الشاوي (ضد الشوق والحزن) والطاهر بنجلون (الشاعر منصت للشعب)، فيما استعرضت الافتتاحية، تحت عنوان «مقدمة للقارئ»، دوافع وسياق الإصدار ودلالات التسمية، مما جاء فيها: «هذا العمل الذي نقوم به ما هو إلا مساهمة نسبية، بسيطة ومتواضعة جداً، بالمقارنة مع ما يفرض علينا الواقع عمله من أجل التغيير والخلق - تغيير الإنسان المغربي العربي وخلقه من جديد، ليدخل حدود إنسانيته المغتالة... إن الثقافة المغربية - فكراً وإبداعاً - تعيش في أزمة. هذه حقيقة لا نغامر حين نجهر بها. إن ثقافتنا منفصلة عن الواقع، لا تنطلق منه ولا تتفاعل معه، ثقافة شقية بوعيها الزائف، تدور حول نفسها وتجتر انهزاميتها وشقاوتها، ما دفعها لتقف ضد سير التاريخ، واندفاعه المتتالي نحو محوره المشرق.
وأزمتنا الثقافية جزء من الأزمة الثقافية التي يعرفها العالم العربي، مع الاحتفاظ ببعض الخصائص النوعية المميزة لوضع المغرب الثقافي. بعض مثقفينا أصبح مقتنعاً بهذه الأزمة، والبعض الآخر لم يقتنع بعد.
ونحن حين نصدر هذه المجلة ننطلق عن اقتناع بوجود هذه الأزمة الثقافية. وفي إطار هذه الحقيقة يطرح السؤال التالي: لماذا هذه المجلة؟ نستطيع الإجابة منذ البداية بأن ليست لنا حلول جاهزة، ومع ذلك فإن مهمتنا لن تكون مساندة لخاصية التراكم الكمي المتجلية في أغلب الكتابات المغربية، مهما كانت مصادر قناعاتها الفكرية والإبداعية. (...) إن مفهوم الثقافة الجديدة لا يعني أنها تعاكس الثقافة القديمة، إنها جديدة من حيث نوعيتها ورؤيتها لذلك، فإن عملنا لا ينحصر عند عتبة الحاضر، لأن فهم الحاضر واستيعابه وتغييره لن يكون ممكناً إلا في تفاعلنا مع الماضي والمستقبل».
وبعد نحو 35 سنة على توقفها، تأتي إعادة طبع أعداد مجلة «الثقافة الجديدة» مطابقة للأصل، في 8 مجلدات، مع ملحق يضم تعريفاً ودراسات، إضافة إلى فهرس عام، مجموعة في علبة. وهي تشمل 31 عدداً، بما فيها العدد الذي نشرته مجلة «الكرمل»، إثر منع المجلة في المغرب.
وكان بنيس قد كتب، مستحضراً صدور العدد الحادي عشر من مجلة «الكرمل» الصادر بنيقوسيا في ربيع 1984، بعد نحو شهرين من قرار توقيف «الثقافة الجديدة»: «(الثقافة الجديدة) مجلة مغربية، أدبية، فكرية، فنية، كنت مديراً مسؤولاً عنها، وإلى جانبي هيئة تحرير مؤمنة بالفكرة (مصطفى المسناوي من العدد الأول حتى الرابع، ومحمد البكري وعبد الكريم برشيد في العدد الخامس، وعاد مصطفى المسناوي إلى جانبنا نحن الثلاثة بعد إطلاق سراحه مع العدد السادس، وانضم عبد الله راجع إلى هيئة التحرير ابتداء من العدد التاسع، فيما انسحب مع هذا العدد عبد الكريم برشيد لما كان يأخذ المسرح من وقته، وانضم محمد العشيري إلى هيئة التحرير ابتداء من العدد المزدوج السادس والعشرين - السابع والعشرين.
وكان إلى جانبنا في الفترة الأخيرة فاضل يوسف). انطلقت المجلة سنة 1974 بعددها الأول واستمرت في الصدور عشر سنوات.
غابت عن الحياة الثقافية حين أصدر وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري يوم 25 يناير 1984 أمراً بتوقيفها، إثر الأحداث الدامية، التي تفجرت يوم 19 يناير في عدة مدن مغربية. ومن نتيجة التوقيف تمت مصادرة نسخ العدد الثلاثين الذي كان صدر في ديسمبر (كانون الأول) 1983 وحجزها من السوق. اختصار لا يكفي لمن لم يسبق له أن عرف هذه المجلة المغربية وما كان لها من دور في إحداث حركية مست الثقافة المغربية، بين السبعينات والثمانينات.
كان كتاب ومثقفون عرب يتابعون المجلة ويشاركون فيها مع كتاب وأدباء وفنانين مغاربة أو كتاب من العالم. توقيفها كان مصادرة لحق حرية التعبير».
وكانت «جمعية أصدقاء الثقافة الجديدة»، التي تأسست في 23 مايو (أيار) 2018، بمبادرة من عبد الجليل ناظم، ومحمد بنيس وجلال الحكماوي، قد حصرت مشروعها الأساس في إصدار طبعة كاملة، ورقية ورقمية، لمجلة «الثقافة الجديدة»، بهدف «الحفاظ على تجربة نوعية في تحديث الثقافة المغربية، فكراً وإبداعاً، ووضعها بين أيدي القراء والباحثين في حلة تجمع بين الوفاء للأصل والمواصفات التقنية التي تليق بعمق الإبداع».



مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من اللقى الأثرية.

وتوصلت البعثة المشتركة بين مصر وإسبانيا من خلال جامعة برشلونة ومعهد الشرق الأدنى القديم، إلى هذا الكشف الأثري أثناء عمليات التنقيب بمنطقة البهنسا في محافظة المنيا (251 كيلومتراً جنوب القاهرة).

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر الدكتور محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، واعتبره سابقة في الاكتشافات الأثرية، قائلاً: «للمرة الأولى يتم العثور بمنطقة البهنسا الأثرية على بقايا آدمية بداخلها 13 لساناً وأظافر آدمية ذهبية لمومياوات من العصر البطلمي، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمناظر ذات الطابع المصري القديم، والتي يظهر بعضها لأول مرة في منطقة البهنسا؛ مما يُمثل إضافة كبيرة لتاريخ المنطقة، ويسلط الضوء على الممارسات الدينية السائدة في العصر البطلمي»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

لوحات ومناظر تظهر لأول مرة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومدير حفائر البعثة المشتركة الدكتور حسان إبراهيم عامر، أنه تم العثور على جعران القلب موجود في مكانه داخل المومياء، في إحدى المقابر المكتشفة، بالإضافة إلى العثور على 29 تميمة لـ«عمود جد»، وجعارين وتمائم لمعبودات مثل «حورس» و«جحوتي» و«إيزيس». في حين ذكر رئيس البعثة من الجانب الإسباني الدكتور أستر بونس ميلادو، أنه خلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على بئر للدفن من الحجر المستطيل، تؤدي إلى مقبرة من العصر البطلمي تحتوي على صالة رئيسة تؤدي إلى ثلاث حجرات بداخلها عشرات المومياوات متراصّة جنباً إلى جنب؛ مما يشير إلى أن هذه الحجرات كانت قد استُخدمت كمقبرة جماعية.

وأضاف رئيس البعثة أنه «إلى جانب هذه البئر تم العثور على بئر أخرى للدفن تؤدي إلى ثلاث حجرات، ووجدوا جدران إحدى هذه الحجرات مزينة برسوم وكتابات ملونة، تمثل صاحب المقبرة الذي يُدعى (ون نفر) وأفراد أسرته أمام المعبودات (أنوبيس) و(أوزوريس) و(آتوم) و(حورس) و(جحوتي)».

إلى جانب ذلك، تم تزيين السقف برسم للمعبودة «نوت» (ربة السماء)، باللون الأبيض على خلفية زرقاء تحيط بها النجوم والمراكب المقدسة التي تحمل بعض المعبودات مثل «خبري» و«رع» و«آتوم»، حسب البيان.

مناظر عن العالم الآخر في مقابر البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان اللافت للانتباه، وفق ما ذكرته البعثة، هو «وجود طبقة رقيقة من الذهب شديدة اللمعان على وجه المومياء التي يقوم بتحنيطها (أنوبيس)، وكذلك على وجه (أوزوريس) و(إيزيس) و(نفتيس) أمام وخلف المتوفى». وأوضحت أن «هذه المناظر والنصوص تمثل صاحب المقبرة وأفراد أسرته في حضرة معبودات مختلفة، وهي تظهر لأول مرة في منطقة البهنسا».

وقال الخبير الأثري المصري الدكتور خالد سعد إن «محتويات المقبرة توضح مدى أهمية الشخص ومستواه الوظيفي أو المادي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وجدت الكثير من الدفنات المماثلة من العصرين اليوناني والروماني، وكانت الدفنة سليمة؛ لم يتم نبشها أو العبث بها».

ويوضح الخبير الأثري أن «الفكر الديني في ذلك الوقت كان يقول بوضع ألسنة ذهبية في فم المومياوات حتى يستطيع المتوفى أن يتكلم كلاماً صادقاً أمام مجمع الآلهة».

ألسنة ذهبية تم اكتشافها في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما بالنسبة لتلابيس الأصابع (الأظافر الذهبية)، فهذا تقليد كان ينتهجه معظم ملوك الدولة الحديثة، وتم اكتشافها من قبل في مقبرة «توت عنخ آمون»، وكانت مومياؤه بها تلابيس في أصابع اليد والقدم، وفي البهنسا تدل التلابيس والألسنة الذهبية على ثراء المتوفى.

وتعدّ قرية البهنسا (شمال المنيا) من المناطق الأثرية الثرية التي تضم آثاراً تعود للعصور المختلفة من المصري القديم إلى اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي، وقد عثرت فيها البعثة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي على عدد كبير من القطع الأثرية والمومياوات، من بينها 23 مومياء محنطة خارج التوابيت، و4 توابيت ذات شكل آدمي.

مناظر طقوسية في مقابر منطقة البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفسّر الخبير الأثري العثور على مجموعة من الأواني الكانوبية في المقابر بأنها «تحفظ أحشاء المتوفى، وهي أربعة أوانٍ تمثل أربعة من أولاد (حورس) يرفعون أطراف الكون الأربعة، وفقاً لعقيدة الأشمونيين، ويتمثلون في ابن آوى والقرد والإنسان والصقر، ويوضع في هذه الأواني المعدة والأمعاء والقلب والكبد، وكانت على درجة عالية من الحفظ، نظراً للخبرة التي اكتسبها المحنّطون في السنوات السابقة».

وأشار إلى أن «اللقى الأثرية الأخرى الموجودة بالكشف الأثري مثل الأواني الفخارية والمناظر من الجداريات... تشير إلى أركان طقوسية مرتبطة بالعالم الآخر عند المصري القديم مثل الحساب ووزن القلب أمام ريشة (ماعت)؛ مما يشير إلى استمرارية الديانة المصرية بكافة أركانها خلال العصر اليوناني والروماني، بما يؤكد أن الحضارة المصرية استطاعت تمصير العصر اليوناني والروماني».

بدورها، أشارت عميدة كلية الآثار بجامعة أسوان سابقاً الدكتورة أماني كرورة، إلى أهمية منطقة البهنسا، واعتبرت أن الكشف الجديد يرسخ لأهمية هذه المنطقة التي كانت مكاناً لعبادة «الإله ست» في العصور المصرية القديمة، وفق قولها، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة كانت تضم العديد من المعابد والمنشآت العامة، فهناك برديات تشير إلى وجود عمال مكلفين بحراسة المنشآت العامة بها؛ مما يشير إلى أهميتها».